على وقع الاستقطاب الشديد، بدأت الولايات المتحدة، التي لم تتجاوز بعد أعمال الفوضى والعنف في الانتخابات الرئاسية في 2020، صيفاً حافلاً، بالمناظرة التاريخية بين الرئيس الديموقراطي الأكبر سناً في التاريخ الأميركي جو بايدن (81 عاماً)، وسلفه الجمهوري المدان جنائياً دونالد ترامب (78 عاماً)، في مواجهة نارية قد تشكّل منعطفاً حاسماً بالاستحقاق المقرر في 5 نوفمبر المقبل.

ومع مناظرتين خلافاً للتقليد المعتاد بإجراء ثلاث مواجهات رئاسية، تكتسب المناظرة الأولى التي تستمر 90 دقيقة، أهمية إضافية مع تكثيف كل من بايدن وترامب هجماته الشخصية على الآخر، في ظل تقاربهما باستطلاعات الرأي.

Ad

وقبل المناظرة، الأبكر في التاريخ الأميركي الحديث، قال ترامب، لشبكة «نيوزماكس» اليمينية: «أعتقد أنني كنت أستعد لها طوال حياتي، سنقوم بعمل جيد جداً».

وأما بايدن، الذي سيحاول جاهداً تجنّب أي زلّات لسان كبيرة، سيركّز على أن «ترامب أكبر تهديد للديموقراطية».

وقبل أكثر من أربعة أشهر من التصويت في 5 نوفمبر، تبدو نتائج الانتخابات متقاربة إلى حد كبير، رغم أن الاستطلاعات تعطي ترامب أفضلية ضئيلة في جميع الولايات المتأرجحة في اقتراع يُرجح أن تحسمه بعض الولايات ومئات الآلاف من الأصوات فقط.

وأظهر آخر استطلاع للرأي نشرته جامعة كوينيبياك، الأحد الماضي، تقدّم ترامب على بايدن بفارق ضئيل (49 مقابل 45 في المئة).

وسيكون عمر بايدن البالغ 81 عاماً والمخاوف بشأن كفاءته الذهنية مصدر قلقه الأكبر، خصوصاً أنه يُتوقع أن يذكر الناخبون مسألة عمره أكثر من ترامب الذي يصغره بثلاث سنوات فقط، وظهر المرشحان مراراً في مناسبات عامة مشوشين، وتعثر كلاهما في الكلام وخانتهما الذاكرة.

كما أن الرئيس الجمهوري السابق غارق في جدل بشأن خطابه التحريضي، فضلاً عن إدانته أخيراً بـ34 تهمة تزوير سجلات تجارية. كما أنه يواجه قضايا جنائية أخرى، في حين تسري مخاوف من أنه قد يستخدم عودته إلى البيت الأبيض كسلاح لتصفية حسابات شخصية.

وأمضى بايدن الأسبوع بعيداً عن الأنظار في منتجع كامب ديفيد قرب واشنطن، للتدريب وإجراء مناظرات وهمية لتصوير ترامب على أنه مضطرب وغير مؤهل للمنصب.

وأما استعدادات ترامب، فكانت أكثر استرخاءً، إذ تجنب التدريب على المناظرة ليشارك في طاولات مستديرة غير رسمية، وليحول نقاشاته مع الحشود إلى ورش لاستراتيجيات النقاش، وشجعه مساعدوه على التركيز على مجالات يبرع فيها مثل الاقتصاد ومكافحة الجريمة.

ووصفت حملة ترامب الرئيس الديموقراطي مراراً بأنه ضعيف وغير كفؤ، لكنها غيّرت استراتيجيتها في الأيام الأخيرة بعد تحذيرات من أن خفض مستوى التوقعات من بايدن لن يؤدي إلا إلى مساعدته.

ولعل إحدى أبرز نقاط الضعف لدى بايدن هي أمن الحدود، إذ تعهّد ترامب بمكافحة تدفق المهاجرين غير الشرعيين من المكسيك من خلال عمليات الترحيل الجماعي، وتكرار إثارة مسألة جرائم القتل التي يرتكبها المهاجرون.