قال تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي إن الإدارة المركزية للإحصاء أصدرت بتاريخ 13 الجاري بيانات أولية لأرقام الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع من عام 2023، أي بعد خمسة أشهر و13 يوماً من انتهاء الربع المعني، وكانت قد أصدرت بيانات مماثلة عن الربع الثالث من 2023 بعد أربعة أشهر و11 يوماً، والبيانات الأولية في الحالتين متأخرة، ولكن، زاد تأخر زمن إصدارها بدلاً من خفضه.
وتذكر البيانات أن قيمة الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية حققت انكماشاً بنحو 4.6 بالمئة، مقارنة بقيمته في الربع الرابع من عام 2022، حين بلغت نحو 13.504 مليار دينار، وانخفضت إلى نحو 12.883 مليارا.
وحقق الناتج هبوطاً بنحو 4.4 بالمئة بالأسعار الثابتة، وهي الأهم، حين بلغت قيمته نحو 10.332 مليارات للربع الرابع من عام 2023، مقارنة بمستواها في الربع الرابع من عام 2022 عندما بلغت قيمته نحو 10.802 مليارات.
وعزت الإدارة مبررات الانكماش إلى تراجع القيمة المضافة للقطاع النفطي بنحو 6.4 بالمئة، ولم يسلم القطاع غير النفطي من الانكماش، وإن بنسبة أقل، وبحدود 2.3 بالمئة، وهي مبررات صحيحة.
والانكشاف الشديد على صادرات النفط يجعل من شبه المستحيل التحكم في أداء الاقتصاد أو ماليته العامة، فعندما كان سعر النفط وإنتاجه عند مستويين مرتفعين، بلغت معدلات النمو أعلى مستوياتها، وبلغت مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي نحو 57.6 بالمئة في الربع الثالث من عام 2022، وحققت الموازنة العامة فائضاً.
وانخفضت أسعار النفط وفقدت الكويت حصة من إنتاجها عام 2023، وانكمش اقتصادها، وانخفضت مساهمة قطاع النفط فيه إلى 47.2 بالمئة، ودخلت موازنتها العامة حقبة عجز مقدر لها أن تمتد حتى عام 2027، وقد يكون وضعها أسوأ بعد ذلك.
وتعرض الإدارة المركزية للإحصاء لمحركات الاقتصاد الكويتي، والتي تظهر كم هو بدائي، فالنفط، كما ذكرنا، ساهم بنحو 47.2 بالمئة، ثم يأتي ثاني أكبر المساهمين وتموله إيرادات النفط، وهو قطاع الإدارة العامة والدفاع والضمان الاجتماعي، ونصيبه 10.7 بالمئة.
ثم 5 قطاعات أخرى تراوح مساهماتها بين 8.4 بالمئة لأعلاها أو الوساطة المالية والتأمين، وأدناها لتجارة الجملة والتجزئة بنصيب 5 بالمئة، وبينهما الصناعات التحويلية 7.9 بالمئة، ومعظمها نفط، والنقل والتخزين والاتصالات 6.2 بالمئة، والتعليم 5.6 بالمئة، وكلها قطاعات تتغذى على النفقات العامة، أو إيرادات النفط.
تلك محركات الاقتصاد التي تؤكد أنه غير قابل للاستدامة، وما لم يبدأ التشخيص ومن ثم الإصلاح بالاعتراف بتلك الخلاصة، لا يمكن أن يكون هناك إصلاح جاد وناجح.
الكويت حصدت خامس أعلى قيمة مطلقة لتدفقات الاستثمار الأجنبي في 2023
أفاد تقرير الشال بأن الأونكتاد أصدرت في 20 يونيو 2024 تقريرها حول تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر على مستوى العالم لعام 2023، خلاصته تحقيق تلك التدفقات انكماش بنحو 2 في المئة مقارنة بعام 2022 وبلوغها نحو 1.3 تريليون دولار أميركي.وباستثناء الاقتصادات المتقدمة التي ارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إليها بنحو 9 في المئة ولأوروبا بشكل عام من – سالب – 106 مليار دولار في عام 2022 إلى 16 مليارا في 2023، انخفضت تلك التدفقات لأقاليم العالم الأخرى.
فقد انخفضت بنحو -5 في المئة لشمال أميركا، و-7 في المئة للاقتصادات النامية، و-3 في المئة لإفريقيا، و-1 في المئة لأميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، و-8 في المئة لآسيا.
وأضاف: مبررات ذلك الانكماش ضعف أداء الاقتصاد العالمي، واتساع المواجهات الجيوسياسية، فالعالم منذ بدء الحرب الروسية- الأوكرانية بات يقدم كبح التضخم على تحفيز النمو، ما أدى إلى ارتفاع حاد وسريع لأسعار الفائدة»، مشيرا إلى ان تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لدول مجلس التعاون الخليجي سارت في نفس الاتجاه السالب لمسارها العالمي، أي هبطت بالمجمل بنحو -6.1 في المئة، أو من نحو 59.9 مليار دولار لعام 2022 إلى نحو 56.2 مليارا لعام 2023، ولكن، بتفاوت كبير بين دولة وأخرى.
المملكة العربية السعودية التي حصدت أعلى التدفقات في عام 2022 وبحدود 28.1 مليار دولار، هبطت التدفقات الداخلة إليها في عام 2023 إلى نحو 12.3 مليارا، وتظل ثاني أعلى قيمة مطلقة، وارتفعت تلك التدفقات إلى الإمارات العربية المتحدة لتبلغ رقماً قياسياً بحدود 30.7 مليارا من مستوى 22.7 مليارا لعام 2022.
وذكر التقرير أن ثالث أعلى قيمة مطلقة وثاني أعلى نمو نسبي حققته مملكة البحرين التي حصدت 6.84 مليارات دولار في 2023 مقارنة بنحو 2.76 مليار في 2022، وبنمو بنحو 147.8 في المئة، وحققت سلطنة عُمان رابع أعلى قيمة مطلقة وبنحو 4.75 مليارات في 2023، ولكن بهبوط من مستوى تلك التدفقات التي بلغت 5.48 مليارات لعام 2022، أي بمعدل هبوط بنحو 13.4 في المئة.
خامس أعلى قيمة مطلقة لتلك التدفقات حصدته الكويت بنحو 2.11 مليار دولار، ولكن بأعلى نسبة ارتفاع وبنحو 178.8 في المئة، أو من مستوى 758 مليون دولار لعام 2022. الوحيدة التي خسرت من قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر لديها هي دولة قطر بتحول تلك التدفقات من الموجب بنحو 76 مليون دولار في عام 2022 إلى نحو -474 مليون دولار في 2023.
وتشير أرقام تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى دول مجلس التعاون الخليجي للفترة 2018 – 2023، إلى تركيز شديد لتلك التدفقات لصالح دولتين، هما الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، فقد كانت حصيلة مجمل تلك التدفقات إلى كل دول المجلس للفترة المذكورة نحو 241.9 مليار دولار، كان نصيب الإمارات منها نحو 50.5 في المئة، ونصيب السعودية نحو 33.2 في المئة، ونصيب عُمان نحو 11.8 في المئة، ونصيب البحرين نحو 6.4 في المئة، ونصيب الكويت نحو 1.7 في المئة. والنسب المذكورة تفوق الـ100 في المئة، لأن قطر وحدها حققت هجرة معاكسة لتلك الاستثمارات بحدود 8.9 مليارات، أي بالسالب.
استقرار ملكيات الأجانب في القطاع المصرفي
ذكر التقرير أن قطاع البنوك الكويتية يعتبر الأكبر مساهمة في القيمة الرأسمالية للبورصة، ونصيبه منها 61.6% كما في نهاية 26 يونيو 2024، والأعلى مساهمة في أرباحها في نهاية الربع الأول 2024 بنسبة 54.5%، والأكثر جذباً للاستثمار الأجنبي غير المباشر، ومن الأعلى سيولة ضمن قطاعات بورصة الكويت حيث استحوذ على 36.2% من إجمالي سيولتها منذ بداية العام الجاري حتى إقفال الأربعاء الفائت. وما بين نهاية عام 2023 ونهاية 26 يونيو 2024، ارتفع مؤشر قطاع البنوك بنحو 3.8%، وارتفعت مساهمة الأجانب النسبية فيه.وتشير المعلومات المتوفرة حول الاستثمار الأجنبي في قطاع المصارف حتى 26 يونيو 2024، وهي آخر ما ينشر خلال نصف السنة الأول، إلى أن القيمة المطلقة لاستثمارات الأجانب في القطاع ارتفعت إلى نحو 3.752 مليارات دينار مقارنة بنحو 3.550 مليارات بنهاية عام 2023، وتعادل نحو 14.65% من القيمة الرأسمالية – السوقية – للقطاع، وكانت نحو 14.46% في نهاية عام 2023.
وانحصر تركيز ملكياتهم في خمسة بنوك، أعلى استثماراتهم بالمطلق في بنك الكويت الوطني بحدود 1.729 مليار دينار، وبحدود 1.570 مليار في بيت التمويل الكويتي، ونحو 147.7 مليوناً في بنك الخليج، ونحو 141.4 مليونا في بنك بوبيان، ونحو 115.9 مليونا في بنك برقان. وذلك يعني أن نحو 98.7% من استثمارات الأجانب تتركز في البنوك الخمسة، تاركة نحو 1.3% من تلك الاستثمارات لبنوك القطاع الأخرى.
ويتصدر الملكية النسبية للأجانب في قطاع البنوك بنك الكويت الوطني أيضاً، وبنسبة 24.43% من قيمته الرأسمالية، بما يعني أن ملكيتهم فيه بالمطلق ونسبة مئوية هي الأعلى.
ويأتي ثانياً بنك برقان بنسبة الملكية البالغة 17.66%، بينما يأتي خامساً في قيمة الملكية المطلقة. ويحتل بنك الخليج ثالث الترتيب في الملكية النسبية البالغة 13.77%، ويأتي كذلك ثالثاً في قيمة تلك الملكية المطلقة، ومن ثم يأتي بيت التمويل الكويتي رابعاً بنسبة ملكية بنحو 13.00%، بينما يأتي ثانياً في قيمة الملكية المطلقة.
وأعلى ارتفاع نسبي في الملكية خلال الفترة كان من نصيب البنك الأهلي الكويتي وبنحو 15.84%، أو من نحو 2.02% في نهاية عام 2023 إلى نحو 2.34%. وأكبر انخفاض نسبي في ملكية الأجانب خلال الفترة المذكورة كان من نصيب بنك الكويت الدولي، حيث انخفضت نسبة تملكهم بنحو -41.01%، أي من نحو 5.56% من قيمته إلى نحو 3.28% من قيمته.
وفي خلاصة، تبدو ملكية الأجانب في قطاع البنوك الكويتية مستقرة، تتغير قليلاً إلى الأعلى أو الأدنى وفقاً لأداء مؤشر أداء قطاع البنوك، وبمناقلة محدودة بين بنك وآخر.
عدم خفض الفائدة ليس في مصلحة بنوك الإقليم المركزية
الربع الثالث قد يشهد بدء أول عملية خفضقال تقريرالشال إنه لا جديد يذكر حول حركة أسعار الفائدة بعد تثبيت الفدرالي الأميركي لسعر الفائدة الأساس على الدولار عند مستوى 5.25 – 5.50 في المئة في قراره يوم الأربعاء 12 الجاري، ومبررات عدم خفضها ما زالت ثابتة.
وأضاف أن معدل التضخم البالغ 2.4 في المئة مازال أعلى من المستهدف البالغ 2 في المئة، مما يعزز القلق حوله سخونة الاقتصاد المحتمل أن يحقق معدل نمو مرتفعا في عام 2024 وبحدود 2.7 في المئة، إضافة إلى استمرار نشاط محرك النمو، أي الاستهلاك الخاص الذي تدعمه قوة سوق العمل بمعدل بطالة متدنٍ وبحدود 4 في المئة.
وأوضح ان عدم خفض سعر الفائدة على الدولار الأميركي ليس خبراً جيداً لبنوك الإقليم المركزية، خصوصاً أن لدى بعضها حالة من ارتفاع الطلب على الاقتراض وشحة في السيولة، بينما تكلفة الاقتراض عالية وتفوق تكلفته على الدولار.
وأشار إلى أن أهداف البنوك المركزية على مستوى الاقتصاد الكلي تنحصر في كبح التضخم أو تحفيز النمو، ويبدو أن العالم الذي بات مضطرباً قد بدأ حقبة تعارض في أهداف بنوكه المركزية، فبينما مازال الفدرالي الأميركي يتبنى أولوية مواجهة خطر التضخم، بدأت بنوك مركزية أخرى تعمل على تحفيز النمو.
وذكر أنه في ثاني أكبر كتلة اقتصادية، بدأ البنك المركزي الأوروبي خفض سعر الفائدة على اليورو بربع نقطة مئوية في الربع الثاني من العام الجاري، ومحرك اقتصاد منطقة اليورو، أو الاقتصاد الألماني، حقق نمواً سالباً بنحو 0.3 في المئة في عام 2023، ومن المقدر أن يحقق نمواً ضعيفاً بحدود 0.2 في المئة في عام 2024.
وبين أن ثاني اقتصاد قُطري في العالم، أو الاقتصاد الصيني، لم يخفض أسعار الفائدة منذ الربع الثاني من عام 2023، ولكن فائدة اليوان أدنى بنحو 2 في المئة من فائدة الدولار، وتتبنى الصين سياسات تيسير كمي، ومسار نمو اقتصادها إلى هبوط من 5.2 في المئة في عام 2023، إلى احتمال 4.6 في المئة في عام 2024، ثم إلى 4.1 في المئة في عام 2025 وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي.
ولفت «الشال» إلى أن فرق سعر الفائدة الواسع لمصلحة عملة الاحتياط والاقتراض العالمي، أو الدولار الأميركي، ستقوض جهود الدول الأخرى لحفز النمو، وترفع من مخاطر ارتداده العكسي، بسبب تشابك اقتصادات تلك الدول. فجاذبية الدولار الأميركي ستسبب حالة من عدم الاستقرار في أسعار صرف العملات وتخفض تنافسية الاقتصاد الأميركي، واستمرار ارتفاع أسعار الفائدة عليه قد يتسبب في عجز عن خدمة الديون السيادية والخاصة، وتأخر الفدرالي عن خفض سعر الفائدة إضافة إلى ضعف شركائه، قد يتسبب في مخاطر لنمو الاقتصاد الأميركي في المستقبل، «لذلك نعتقد أن خفض الفائدة الأساس على الدولار الأميركي قد يبدأ في الربع الثالث من هذا العام».