منذ أن أصدر صاحب السمو الأمر الأميري بتصحيح الأوضاع السياسية، والذي تم بموجبه حل مجلس الأمة وتعليق بعض مواد الدستور، منذ ذلك الوقت حتى الآن، فإن المعترضين أو غير المنسجمين مع هذا هم أغلبهم من مجاميع التخلف والعداء الحقيقي للديموقراطية وللحريات العامة، بل إن البعض، مع الأسف، بالغ في الاعتراض إلى درجة أن وضع نفسه تحت طائلة القانون والعقاب.
هذا يدفعنا إلى التساؤل الطبيعي والمشروع... لماذا تعترض هذه المجاميع على حل مجلس الأمة؟ ولماذا، حسب بعض تعبيراتها، تقف لتتصدى لمحاولات تجاهل الدستور أو تعليق بعض مواده؟ بل لماذا نرى أن أقصى اليمين من المجاميع السياسية والنيابية هم الوحيدون في الساحة الذين احتجوا أو عارضوا حل مجلس الأمة؟
هم مَن قدموا اقتراحات ومشاريع تتعارض مع الدستور، بل تضرب بمجمل بابه الثالث عُرض الحائط... مثل قطع يد السارق، وحظر الاختلاط، وحظر تجنيس غير المسلم، ومنع المساس بكل التاريخ الإسلامي، حيث حصّنوا ما يسمى بالصحابة وأهل البيت من النقد أو التمحيص... وهم مَن قدموا أكثر من ذلك من الاقتراحات ومشاريع القوانين التي تقيّد الحريات وتتدخل في خصوصيات الناس، مستخفين بالدستور وبكل المواد التي تضمن حريات الناس وحقوقهم وتحظر حتى تعديلها أو المساس بها، هؤلاء هم مَن يقفون اليوم بشكل ملحوظ وحيدين في الاحتجاج على حل مجلس الأمة وعلى تعليق بعض مواد الدستور!
لا يمكن إلا أن يكون هذا غريباً وداعياً للتساؤل... ولكن ربما لغيري، وليس لي شخصياً، فأنا كنت أرى منذ زمن أن مجلس الأمة تحوّل إلى أداة نافعة ووسيلة سهلة للمجاميع المتخلفة لبسط هيمنتها ورجعيتها على البلد، في الوقت الذي كان فيه للسلطة... «ممشة زفر» تمسح وتتخلص به من مسؤوليتها ورعايتها للتدهور الذي كانت البلاد تنحدر إليه. هذا كان وضع مجلس الأمة - والدستور دخل بالمعية - في السنوات الأخيرة، والذي كان ولايزال يدافع عنه كل أعداء الحريات والمجاميع المتخلفة المناهضة للتقدم والعصرنة، وهذا يثبت، بلا شك، أن حل المجلس وتعليق المادة 107 كانا ضرورة حتمية لإنقاذ البلد.