شارك الناخبون الفرنسيون بكثافة أمس، في الدورة الأولى من انتخابات تشريعية يواجهون فيها خياراً تاريخياً، إذ قد تفتح الطريق أمام اليمين المتطرف للوصول إلى السلطة.

ويحظى حزب التجمع الوطني بقيادة مارين لوبن ورئاسة جوردان بارديلا (28 عاماً) بـ34 إلى 37 في المئة من نوايا الأصوات في استطلاعات الرأي، ما قد يفضي إلى سيناريو غير مسبوق مع حصوله على أغلبية نسبية أو مطلقة بعد الدورة الثانية في 7 الجاري.

Ad

وتشير استطلاعات الرأي التي ينبغي النظر إليها بحذر نظراً لضبابية الوضع، إلى أن «التجمع الوطني» يتقدم على تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري، الذي يجمع ما بين 27.5 و29 في المئة من نوايا الأصوات، والأغلبية الرئاسية الحالية من وسط اليمين التي تحصل على 20 إلى 21 في المئة.

وفي حال وصول بارديلا إلى رئاسة الحكومة، فستكون هذه المرة الأولى التي تحكم فيها فرنسا حكومة منبثقة عن اليمين المتطرف، منذ الحرب العالمية الثانية.

وخلاف ذلك، ثمة خطر حقيقي يكمن في أن تكون لفرنسا جمعية وطنية متعثرة بدون احتمال تشكيل تحالفات بين معسكرات شديدة الاستقطاب، مما يهدد بإدخال فرنسا في المجهول.

وقد يكون من الصعب استخلاص العبر من الدورة الأولى لارتباطها بعوامل كثيرة غير محسومة، وفي طليعة هذه العوامل الارتفاع الكبير المرتقب في عدد الدوائر التي سيتأهل فيها ثلاثة مرشحين للدورة الثانية، وعدد المرشحين الذين سينسحبون خلال فترة ما بين الدورتين، في حين تراجع على مرّ السنوات الاندفاع إلى تشكيل «جبهة جمهورية» تقف في وجه اليمين المتطرف.

إلى ذلك، ذكر تقرير لـ «رويترز» أنه من المرجح أن تتعرض المالية العامة الفرنسية، الخاضعة بالفعل للتدقيق من وكالات التصنيف والأسواق المالية والاتحاد الأوروبي، إلى مزيد من الضغوط بغض النظر عن نتيجة الانتخابات البرلمانية المبكرة.

وكانت الحكومة المنتهية ولايتها قد وعدت بخفض عجز الموازنة من 5.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي إلى 3 في المئة، وهو المستوى المستهدف في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2027، وهذا الهدف قد يكون بعيد المنال بعد الانتخابات.

في حالة تشكيله الحكومة، يريد «التجمع الوطني» أن يخفض ضريبة القيمة المضافة على مبيعات الطاقة خلال يوليو الجاري، الذي يقول إنه سيتكلف سبعة مليارات يورو حتى نهاية العام الحالي، و12 ملياراً خلال عام كامل.

ويقول الحزب إن خفض الضريبة سيتم تمويله عبر استعادة ملياري يورو من مساهمة فرنسا في ميزانية «الأوروبي»، على الرغم من أن ميزانية التكتل للفترة من 2021 إلى 2027 تم التصويت عليها منذ فترة طويلة.

ويعتمد الحزب في خططه على مكاسب كبيرة من زيادة الضريبة على الأرباح الاستثنائية لمنتجي الطاقة، واستبدال ضريبة الحمولة المفروضة على مالكي السفن، والتي يتم احتسابها بالطن، بضريبة الشركات المعتادة، لكن من المحتمل تراجع الأرباح الوفيرة التي حققها هذا القطاع خلال السنوات الماضية.

ويريد «التجمع الوطني» أيضاً إلغاء خفض مدة استحقاق إعانات البطالة اعتباراً من يوليو، وهي خطوة تقول الحكومة المنتهية ولايتها، إنها ستتكلف أربعة مليارات يورو.

وعلاوة على ذلك، يسعى الحزب إلى ربط معاشات التقاعد بالتضخم، وخفض سن التقاعد إلى 60 عاماً لمن بدأوا العمل في سن 20 عاماً أو أقل، وإعفاء بعض العاملين الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً من ضريبة الدخل وزيادة أجور المعلمين والممرضين.

كما أنه يريد المضي في تخفيضات ضرائب الشركات المحلية التي اضطرت الحكومة الحالية إلى تعليقها لعدم قدرة الشركات على تحملها.

وسيلغي «التجمع الوطني» أيضاً قرار رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاماً، الذي تمت الموافقة عليه العام الماضي، وسيستبدله بنظام تدريجي لم يكشف عنه. رغم ذلك يقول الحزب إنه سيلتزم بالخطط الحالية لخفض عجز الميزانية بما يتماشى مع التزامات فرنسا تجاه شركائها في «الأوروبي».

ويرغب الحزب في إعادة التفاوض على تفويض البنك المركزي الأوروبي، بحيث يركز على الوظائف والإنتاجية وتمويل المشاريع طويلة الأجل.

ووصف مراقبون برنامج الحزب بأنه غير واقعي، خصوصاً بسبب «الإنفاق الجنوني»، محذرين من إفلاس البلاد وفق السيناريو اليوناني.

وفي تفاصيل الخبر:

جرت اليوم في فرنسا الدورة الأولى من انتخابات تشريعية يواجه الناخبون فيها خياراً تاريخياً، إذ قد تفتح الطريق أمام اليمين المتطرف للوصول إلى السلطة بعد أسبوع، وهو ما قد يغير وجه فرنسا وأوروبا في السنوات القليلة المقبلة.

وقصد عدد من السياسيين مراكز الاقتراع باكراً في الصباح، وبينهم رئيس التجمع الوطني جوردان بارديلا «28 عاماً»، الذي يتصدر حزبه اليميني المتطرف كل استطلاعات الرأي، والذي أدلى بصوته في المنطقة الباريسية، بينما صوتت مارين توندولييه زعيمة الخضر، وإدوار فيليب رئيس الوزراء السابق في حكومة ماكرون، في شمال البلاد.

ويحظى حزب التجمع الوطني، برئاسة بارديلا، بـ34 إلى 37% من نوايا الأصوات في استطلاعات الرأي، مما قد يفضي إلى سيناريو غير مسبوق، مع حصوله على أغلبية نسبية أو مطلقة بعد الدورة الثانية في 7 يوليو.

وتشير استطلاعات الرأي، التي يترتب النظر إليها بحذر نظراً لضبابية الوضع، إلى أن التجمع الوطني يتقدم على تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري، الذي يجمع بين 27.5 و29% من نوايا الأصوات، والأغلبية الرئاسية الحالية من وسط اليمين التي تحصل على 20 إلى 21%.

وفي حال وصل بارديلا إلى رئاسة الحكومة فإن هذه المرة ستكون الأولى التي تحكم فيها فرنسا حكومة منبثقة من اليمين المتطرف، منذ الحرب العالمية الثانية. وفي خلاف ذلك، ثمة خطر حقيقي يكمن في أن تكون لفرنسا جمعية وطنية متعثرة بدون احتمال تشكيل تحالفات بين معسكرات شديدة الاستقطاب، وهو ما يهدد بإدخال فرنسا في المجهول أو في شلل سياسي.

وأحدث الرئيس إيمانويل ماكرون زلزالاً سياسياً حقيقيا في 9 يونيو، حين أعلن، فور تبيُّن فشل تكتله في انتخابات البرلمان الأوروبي، حلّ الجمعية الوطنية، في رهان محفوف بالمخاطر كان له وقع الصدمة في فرنسا والخارج.

وبالرغم من تبايناته الداخلية، نجح اليسار خلال الأيام التالية في بناء ائتلاف، لكن الخلافات بين حزب «فرنسا الأبيّة» اليساري الراديكالي وشركائه الاشتراكيين والبيئيين والشيوعيين، لاسيما حول شخص زعيمه جان لوك ميلونشون، المرشح السابق للرئاسة، سرعان ما ظهر مجدداً وغالبا ما ألقى بظله على حملة التكتل.

في هذه الأثناء، واصل «التجمع الوطني» زخمه في حملة ركزها على القدرة الشرائية وموضوع الهجرة، من غير أن تتأثر لا بالغموض حول طرحه إلغاء إصلاح نظام التقاعد الذي أقره ماكرون، ولا بالسجال الذي أثارته طروحاته حول إقصاء المزدوجي الجنسية من «الوظائف الاستراتيجية» ولا بالتصريحات الجدلية الصادرة عن مرشحين من صفوفه.

مشاركة قوية

لكن هل يخالف الفرنسيون توقعات استطلاعات الرأي في ختام حملة خاطفة لم تستمر سوى ثلاثة أسابيع؟ في ظل انفعال كبير يعم البلاد، كانت نسبة المشاركة قبل الظهر قياسية، وتشير التقديرات إلى أن النسبة قد تصل في نهاية المطاف إلى حوالى 67% من أصل نحو 49 مليون ناخب مسجّل. وسجل أكثر من 2.6 مليون طلب تصويت بالوكالة منذ 10 يونيو بحسب وزارة الداخلية، وهو عدد يفوق بأربع مرات العدد خلال فترة مماثلة قبل سنتين.

غير أنه قد يكون من الصعب استخلاص العبر من الدورة الأولى، لارتباطها بعوامل كثيرة غير محسومة، في طليعتها الارتفاع الكبير المرتقب في عدد الدوائر التي سيتأهل فيها ثلاثة مرشحين للدورة الثانية، وعدد المرشحين الذين سينسحبون خلال فترة ما بين الدورتين، في حين تراجع على مر السنوات الاندفاع إلى تشكيل «جبهة جمهورية» تقف بوجه اليمين المتطرف.

وضوح تام

ويواجه معسكر الأغلبية الرئاسية الحالية أكبر قدر من الضغوط، بعدما انتخب ماكرون رئيساً في 2017 و2022 متحصناً بضرورة تشكيل حاجز أمام اليمين المتطرف.

ووعد الخميس بـ«وضوح تام» في تعليمات التصويت للدورة الثانية في حال المنازلة بين الجبهة الوطنية واليسار، لكنه كان حتى الآن يبدي ميلا بالأحرى إلى نهج «لا للجبهة الشعبية ولا لفرنسا الأبية» الذي يقابَل بتنديد من اليسار وانتقادات حتى داخل تكتله.

وتجرى هذه الانتخابات بعد سنتين لم يكن خلالهما للتكتل الرئاسي سوى أغلبية نسبية في الجمعية الوطنية، مما أرغم الماكرونيين على البحث عن حلفاء كلما أرادوا طرح نص، أو حتى استخدام بند في الدستور سمح لهم بتمرير الميزانيات وإصلاح النظام التقاعدي بدون عمليات تصويت.

ومع فوز «التجمع الوطني» في الانتخابات الأوروبية بحصوله على 31.4% من الأصوات، مقابل 14.6% للمعسكر الماكروني، تسارعت الأحداث دافعة الرئيس إلى اتخاذ خيارات تضعه أمام سيناريو «تعايش» مع بارديلا. وعرفت فرنسا، في تاريخها الحديث، ثلاث فترات من التعايش بين رئيس وحكومة من توجهات مختلفة، في عهد فرنسوا ميتران (1986-1988 و1993-1995) وفي عهد جاك شيراك (1997-2002).

برنامج اليمين المتطرف: إنفاق مجنون وخنق الهجرة وخفض قياسي للضرائب

بعد أن ظل حزب التجمع الوطني، المناهض للهجرة والذي لا يرى جدوى من عضوية الاتحاد الأوروبي، منبوذاً لفترة طويلة في فرنسا، صار الآن أقرب إلى السلطة من أي وقت مضى، في الوقت الذي يتصدر استطلاعات الرأي بنحو 36 بالمئة من نوايا التصويت في الجولة الأولى من الانتخابات التي جرت اليوم.

وقبل أيام، أعلن مرشح «التجمع الوطني» لرئاسة الحكومة، جوردن بارديلا، برنامجه في حال فوزه، تحت عنوانين أساسيين قد يكونان جاذبين لقطاعات شعبية واسعة: إنفاق كبير وخنق الهجرة لـ «استعادة فرنسا للفرنسيين».

ووصف خصوم الحزب وخبراء البرنامج بالخطير، خصوصاً لناحية «الإنفاق المجنون»، محذرين من إفلاس فرنسا وتخفيض تصنيفها الائتماني، فضلاً عن هدم قيمها الجمهورية وانتمائها الأوروبي.

على المستوى الاقتصادي، فإن تفادى «التجمع الوطني» كشف مصادر تمويل برنامجه، مكتفياً بالتعويل على «العوائد الكبيرة» التي سيحصلها عقب تدقيق حسابات الدولة، فقد تعهّد رئيسه بارديلا باتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز القدرة الشرائية، عبر خفض فواتير الطاقة وتخفيض ضريبة القيمة المضافة على الكهرباء والغاز وزيت الوقود والمحروقات من 20 إلى 5.5 بالمئة.

ووعد بإلغاء ضريبة القيمة المضافة على حوالي 100 منتج أساسي، وخاصة المواد الغذائية «في حالة ارتفاع التضخم». وقال إنه سيطلق مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي لتحديد أسعار الكهرباء على المستوى الوطني، وإلغاء الضريبة على زيادة الرواتب بما يصل إلى 10 بالمئة لمدة 5 سنوات.

كما تعهّد بإلغاء ضريبة الدخل لمن تقل أعمارهم عن 30 عاماً، وإعفاء الشركات التي أنشأها أشخاص تقل أعمارهم عن 30 عاماً من الضرائب.

ولتشجيع المواليد، وعد بتقديم منحة كاملة عن الطفل الثاني، وإلغاء الضريبة عن الميراث للطبقات الوسطى في حال لم تتجاوز 100 ألف يورو، وتخفيض ضرائب الإنتاج على الشركات عبر إلغاء مساهماتها في القيمة المضافة والتضامن الاجتماعي.

واعتبرت صحيفة «لا تريبون» برنامج اليمين المتطرف «شعبوياً وأكثر كلفة»، مؤكدة أن المجلس الدستوري سيبطل التدابير التي اقترحها «التجمع»، لأنها «تناقص الدستور والمعاهدات الدولية».

وأضافت أنه في الوقت الذي يتوجس المستثمرون من وصوله إلى السلطة، سيخفص مشروع اليمين المتطرف إيرادات الدولة ويزيد الإنفاق إلى أكثر من 50 مليار يورو سنوياً، مشيرة إلى أن بروكسل بدأت للتو إجراءات ضد باريس بسبب العجز المفرط، حيث يتعيّن على فرنسا أن تقدم للشركاء الأوروبيين، بحلول سبتمبر المقبل، جدولاً جديداً لخفض الديون والتزامات إصلاح أكثر دقة، على مدى 4 إلى 7 سنوات.

وقالت إن بعض الاقتصاديين يتحدثون عن سيناريو «النمط اليوناني»، متذكرين أنه في عام 2010 تم وضع الموارد المالية في أثينا تحت إشراف البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي.

وتعهّد الحزب الذي دائماً حمل لواء مكافحة الهجرة بإجراءات جذرية بينها إلغاء قانون «حق الأرض»، الذي يتيح منح الجنسية للمواليد على الأراضي الفرنسية بغضّ النظر عن أصول الوالدين، وحصر المساعدات الاجتماعية الحكومية على الفرنسيين فقط، وتسريع إجراءات طرد الأجانب غير الشرعيين.

وأيد تشديد شروط الحصول على لمّ شمل الأسر، وتعهّد بمنع مزدوجي الجنسية من تولي «المناصب الاستراتيجية»، لاسيما في مجال الدفاع والأمن.

ومن بين النقاط الأخرى في البرنامج، وعد حزب مارين لوبن بتشديد السياسة القضائية، عبر إعادة العمل بعقوبة السجن مدى الحياة، ومنح القوات الأمنية «حق الدفاع عن النفس»، ومراجعة مناهج التعليم، وحظر الهواتف المحمولة في المدارس، مع تمديد تجارب ارتداء الزي الرسمي وربما توسيعها إلى الكلية، إضافة إلى خصخصة محطات التلفزيون والإذاعة الفرنسية.

ورغم تخلّي اليمين المتطرف عن دعواته للخروج من الاتحاد الاوروبي ومن حلف ناتو، لا تزال سياساته الخارجية غامضة وتثير القلق. وللوبن تاريخ من الآراء المؤيدة لروسيا، وبينما يقول الحزب الآن إنه سيساعد أوكرانيا في الدفاع عن نفسها ضد الغزاة الروس، فقد وضع أيضا خطوطا حمرا، مثل رفض تزويد كييف بصواريخ بعيدة المدى.

وإذا شكّل «التجمع الوطني» حكومة وفرض التعايش على ماكرون، فقد تشهد الدبلوماسية الفرنسية فترة غير مسبوقة من الاضطراب مع تنافس رئيس الجمهورية، الذي قال إنه سيواصل رئاسته حتى نهاية فترة ولايته عام 2027، وبارديلا على الحق في التحدث باسم فرنسا، رغم أن السياسة الخارجية من صلاحيات الرئيس. ومع وجود وجهات نظر متناقضة تجاه أوروبا بين الرجلين يمكن أن تتحول سياسة فرنسا الأوروبية الى سياستين، وكذلك الأمر بالنسبة الى الملفات الخارجية الأخرى، وهو ما يهدد فرنسا بمزيد من تآكل النفوذ على الساحة الدولية، خصوصا بعد تخلّي الكثير من الدول الإفريقية التي كانت تدور في فلك باريس عن هذه الشراكة.

ماذا يحدث إذا لم يحقق أي حزب الأغلبية المطلقة؟

أدلى الفرنسيون بأصواتهم اليوم الأحد في الجولة الأولى من انتخابات برلمانية مبكرة تتوقع استطلاعات الرأي أن يفوز بها حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف دون أغلبية مطلقة.

فماذا يحدث إذن؟ وهل يمكن تفادي الشلل السياسي بعد الانتخابات التي ستجرى الجولة الثانية منها في السابع من يوليو؟

الإجابة المختصرة: لا أحد يعرف على وجه اليقين. تنص المادة الثامنة من الدستور على أن الرئيس هو الذي يعين رئيس الوزراء لكنها لا تحدد المعايير التي يجب عليه اتباعها. عملياً من المتوقع أن يعرض الرئيس إيمانويل ماكرون المهمة على المجموعة البرلمانية التي تفوز بأغلبية المقاعد، والتي تشير استطلاعات الرأي إلى أنها ستكون حزب التجمع الوطني المتشكك في الاتحاد الأوروبي والمناهض للهجرة.

• هل يصبح جوردان بارديلا رئيساً الوزراء؟

قال «التجمع الوطني»، إن زعيمه جوردان بارديلا هو مرشحه لمنصب رئيس الوزراء، لكن الحزب قال أيضاً إنه سيرفض المنصب إذا لم يفز هو وحلفاؤه معاً بأغلبية مطلقة لا تقل عن 289 مقعداً.

وبما أن الدستور لا ينص على كيفية اختيار رئيس الوزراء، فإنه يجوز لماكرون، من الناحية النظرية، أن يسعى إلى تشكيل تحالف مناهض وعرض المنصب على حزب آخر أو لشخصية لا تنتمي أصلاً إلى أي حزب سياسي.

• إن لم يكن بارديلا، فمن؟

لا يقدم الدستور أي إجابة محددة. لكن الخيارات تتضمن ما يلي:

أولاً، محاولة تشكيل تحالف من الأحزاب الرئيسية. ولا يوجد مثل هذا التحالف الآن لكن ماكرون حث الأحزاب على الاتحاد لإبعاد اليمين المتطرف.

ثانياً، عرض المنصب على اليسار إذا ظهر تحالف يضم أقصى اليسار والحزب الاشتراكي (يسار الوسط) والخضر. وتشير استطلاعات الرأي إن هذا التحالف سيكون ثاني أكبر مجموعة في البرلمان. ويمكن لليسار بعد ذلك أن يحاول تشكيل حكومة أقلية.

• هل يُكتب النجاح لأي من هذين الخيارين؟

إذا فاز حزب التجمع الوطني بأعلى حصة من الأصوات وقبل منصب رئيس الوزراء، فستبدأ فترة «التعايش» مع ماكرون. وقد حدث ذلك ثلاث مرات في تاريخ فرنسا السياسي الحديث، لكن مع الأحزاب الرئيسية. وإن كان «التجمع» هو أكبر كتلة في البرلمان، لكنه ليس في السلطة، فيمكنه منع أو تعديل مقترحات الحكومة. ويمنح الدستور الحكومة بعض الأدوات للتحايل على ذلك، لكن بحدود.

• ماذا يحدث لو لم يتم الاتفاق؟

من المحتمل ألا تكون أي من المجموعات الثلاث، اليمين المتطرف والوسط واليسار، كبيرة بما يكفي للحكم بمفردها أو تشكيل ائتلاف أو الحصول على ضمانات بأنها تستطيع إدارة حكومة أقلية قابلة للاستمرار.

في مثل هذا الوضع فإن فرنسا ربما تواجه خطر الشلل السياسي الذي يتم خلاله إقرار القليل من التشريعات، أو عدم إصدارها على الإطلاق، وتعمل فيه الحكومة على إدارة شؤون البلاد اليومية الأساسية.

• هل بوسع ماكرون الاستقالة؟

رغم استبعاد ماكرون لذلك، فإنه قد يصبح خياراً إذا حدث هذا الجمود. وليس من صلاحيات البرلمان أو الحكومة إجبار ماكرون على الاستقالة.

• ما لن يحدث تحت أي سيناريو

ينص الدستور على أنه لا يمكن إجراء انتخابات برلمانية جديدة قبل مرور عام، لذا فإن إعادة إجراء الانتخابات على الفور ليست خياراً.

• ما الذي يجب معرفته أيضاً؟

من الصعب التنبؤ بنتائج الانتخابات البرلمانية الفرنسية لأنها تشمل 577 منافسة منفصلة، ​​واحدة على كل مقعد. وربما تفضي الحملات الانتخابية قصيرة الأمد على غير العادة إلى نتيجة تختلف عما تتوقعه الاستطلاعات.