يعتبر قطاع أسواق المال أحد قطاعات الاقتصاد الرئيسية لما له من دور حيوي في توظيف الأموال وتنمية المدخرات وتقديم الأدوات التمويلية وتنويع مصادر الدخل وخلق فرص عمل وطنية، والتي تساهم جميعها في تعزيز التنمية الاقتصادية بشكل مستدام، لذا يرتبط دور هيئة أسواق المال بشكل مباشر بالمساهمة في رؤية دولة الكويت 2035 ومقومات تحويل دولة الكويت إلى مركز مالي وتجاري جاذب للاستثمار.
وتعتبر الهيئة عملية التخطيط الاستراتيجي واحدةً من أهم دعائم نجاحها في تحقيق رؤيتها وأهدافها طويلة المدى، بحيث تكون قابلة للتطبيق من خلال خطط تنفيذية واضحة تشتمل على الموازنات المالية المحددة للبرامج والمشاريع، وضمن إطار زمني محدد، ومعايير جلية لقياس نجاح التنفيذ، ومسؤوليات محددة لأدوار واضحة لتقييم سير الأعمال وتحسينها بهدف رفع كفاءة الأعمال وفاعليتها، وذلك لمواكبة تغيرات بيئة العمل وتوجيه مواردها بما يمكنها من أداء المهام المنوطة في مجال تنظيم أنشطة الأوراق المالية بها وفقاً لقانون إنشائها، والمساهمة – في ذات الوقت- في تحقيق رؤية الكويت التنموية وتنمية الاقتصاد الوطني.
تطوير الخطة الاستراتيجية
واستكمالا لإنجازات ومسيرة الهيئة، وفي إطار سعي هيئة أسواق المال لتحقيق رؤيتها «توفير بيئة تنظيمية آمنة وممكنة لتطوير وتنمية أسواق رأس المال في الكويت إلى أسواق متطورة تساهم في الاقتصاد الوطني»، طورت الهيئة خطتها الاستراتيجية للأعوام المقبلة استجابة لمتطلبات المرحلة القادمة، ومواكبة للتغيرات والاتجاهات المحلية والدولية، وبما يتسق مع توجهات الدولة وتحقيق رؤيتها.
حيث دشنت الهيئة خطتها الاستراتيجية الثالثة (2023/2024-2026/2027)، في يوم الأحد 2 أبريل 2023، بمشاركة أ. د أحمد عبدالرحمن الملحم، رئيس مجلس المفوضين – المدير التنفيذي، وفريق إعداد الاستراتيجية الثالثة لهيئة أسواق المال، والتي تأتي استكمالا لمسيرة إنجازات الهيئة خلال السنوات السابقة، وعبر فريق عمل من كوادر الهيئة الوطنية المتخصصة وبقيادة مكتب الاستراتيجيات، وتعتبر مكونات الخطة الاستراتيجية بمثابة خريطة طريق موجهة لتكثيف الجهود وتوجيه الموارد بما يضمن اتساق أعمال الوحدات التنظيمية لنقل الهيئة من وضعها الحالي إلى الوضع المستهدف في نهاية الخطة.
3 ركائز رئيسية
وتقوم الخطة الاستراتيجية الثالثة للهيئة على ثلاث ركائز رئيسية، يندرج من ضمنها عدد من الأهداف الاستراتيجية ليتم من خلالها تكثيف وتركيز الجهود لتحقيق مستهدفات الخطة، ويتم قياسها عن طريق عدد من المؤشرات الاستراتيجية، ويتفرع من كل هدف مبادرات رئيسية ينبثق منها عدد من المبادرات الفرعية لتحقق رؤية الخطة في توفير بيئة تنظيمية آمنة وممكنة لتطوير وتنمية أسواق رأس المال بالكويت إلى أسواق متطورة تساهم في الاقتصاد الوطني، وتوضح الرسوم مكونات الخطة الاستراتيجية للهيئة.
وتهدف الركيزة الأولى إلى استكمال دور الهيئة الريادي في تنمية أسواق المال مع شركائها الاستراتيجيين من خلال مواصلة تطوير منظومة السوق وتطوير الأطر التشريعية والتنظيمية بالاتساق مع الاتجاهات الحديثة الدولية في أسواق المال، أما الركيزة الثانية فقد استهدفت مواصلة جهود المحافظة على ترسيخ مكانة الهيئة وإدارة شبكة علاقاتها على كل المستويات عن طريق المساهمة الفاعلة في تعزيز العلاقات على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، واستهدفت الركيزة الثالثة تعزيز قدرات الهيئة الداخلية وتبني أفضل الممارسات الإدارية والتنظيمية وبناء قدرات وكفاءات رأس المال البشري وتوظيف التقنيات الحديثة في جوانب التحول الرقمي والتمكين التقني بالاتساق مع التوجهات الحديثة وتوجهات الدولة.
وإنجاز المرحلة الثالثة (مرحلة إعداد الخطة التنفيذية) باعتماد إدراج المبادرات الفرعية المطلوبة، إلا أن خطط التمكين التنظيمي والتقني والميزانية الاستراتيجية تم إعدادها بالتوازي مع المرحلة الرابعة (إعداد الخطط التشغيلية)، وصولاً إلى اعتمادها بالقرار رقم م.م.هـ 2-17 في 29 مايو 2024 بشأن المرحلة الثالثة من منهجية التخطيط الاستراتيجي ــ خطط التمكين التنظيمي والتقني والميزانية الاستراتيجية. واعتماد خطط التمكين التنظيمي (الهيكل التنظيمي – الاختصاصات والإجراءات – التدريب – القوى العاملة – الموارد المالية (الميزانية الاستراتيجية) والتقني، وذلك يأتي استكمالاً للمهام المتبقية من المرحلة الثالثة من منهجية التخطيط الاستراتيجي للهيئة بالتنسيق مع قطاعات الهيئة ووحداتها التنظيمية المختلفة، والتي يمكن إيجازها بما يلي:
أولا: خطة التمكين التنظيمي:
أــ الهيكل التنظيمي:
هي خطة تتضمن تحديد ممكنات التنفيذ الخاصة بالهيكل التنظيمي وإطار الحوكمة لتحقيق أهداف الهيئة الاستراتيجية، وهذه الخطة يمكن أن تتضمن تعديلات على الهيكل التنظيمي، أو على الأهداف العامة، أو على اختصاصات الوحدات التنظيمية، أو التعديل على اللائحة التنفيذية.
وقد تم رصد ما يقارب 17 ممكّنا تنظيميا خاصا بالهيكل التنظيمي، من أهمها، استحداث اختصاص لإدارة الأنشطة المعرفية والإحصائية والتوجهات الرقمية.
ب ــ تطوير العمليات:
هي خطة تتضمن تحديد ممكنات التنفيذ الخاصة بالعمليات لتحقيق أهداف الهيئة الاستراتيجية، وهذه الخطة يمكن أن تشتمل على تعديلات على السيـاسـات واللوائـح الداخليـة وجـداول الصلاحيـات وإجراءات العمل.
جـ ــ القوى العاملة:
هي خطة تتضمن تحديد ممكنات التنفيذ الخاصة بالقوى العاملة لتحقيق أهداف الهيئة الاستراتيجية، وهذه الخطة يمكن أن تشتمل على تقدير القوى العاملة التي سيتم توظيفها خارجياً أو تدويرها داخلياً، وفقاً لسياسة توظيف الهيئة.
د ــ التدريب الوظيفي وبناء الكفاءات:
هي خطة تشتمل على تحديد ممكنات التنفيذ الخاصة بالتدريب الوظيفي وبناء الكفاءات لتحقيق أهداف الهيئة الاستراتيجية، وهذه الخطة يمكن أن تتضمن صقل المهارات للوفاء بأدوار جديدة أو دعم لأدوار قائمة أو احتياجات التدريب للمواضيع المحددة عبر دورة حياة الاستراتيجية.
وقد تم رصد نحو 32 ممكنا تنظيميا خاصا بالتدريب الوظيفي وبناء الكفاءات والذي سيركز في الفترة القادمة على مجالات عديدة من أهمها الصناعة المالية الإسلامية في أسواق المال والرقابة الشرعية، وتطوير الإطار التنظيمي والرقابي المتعلق بالوسيط المركزي (CCP) وإدارة المخاطر، وتحديات التقنيات المالية (فنتك) من المنظور الرقابي لأسواق المال وتفعيل أطرها التنظيمية، ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأهداف التنمية المستدامة، والشهادة المهنية في الحوكمة، ومؤشرات الأداء التشغيلية (KPI)، وإدارة المشاريع وورشة عمل مهارات وأدوات الإدارة والتخطيط، والتحول الرقمي، وأهداف التنمية المستدامة، والأمن السيبراني، ودورات تدريبية في إدارة تنظيم الأسواق والأعمال التشغيلية المرتبطة بعمليات التداول في الأوراق المالية والبورصة والمقاصة، ودورات تدريبية في مجال حوكمة البيانات المؤسسية وإدارة الأنشطة المعرفية والإحصاء، وإدارة المخاطر المؤسسية.
ثانياً – خطة التمكين التقني:
هي خطة تتضمن تحديد ممكنات التنفيذ الخاصة بالتمكين التقني لتحقيق أهداف الهيئة الاستراتيجية، وهذه الخطة تشتمل على ممكنات البنية التحتية التقنية والممكنات التقنية المتعلقة بالقوى العاملة واستمرارية الأعمال وأمن المعلومات والتحول الرقمي وأهداف ومبادرات الهيئة المؤسسية الرقمية.
وقد تم رصد ما يقارب 47 ممكنا تقنيا، سيركز في الفترة القادمة على مجالات عديدة من أهمها أمن المعلومات والأمن السيبراني واستمرارية الأعمال، وتبني توجهات التحول الرقمي بأعمال الهيئة، وحوكمة تقنية المعلومات للشركات الخاضعة للهيئة، وتطوير الأنظمة التقنية القائمة، وتطوير مراكز البيانات، وتطوير أجهزة بيئة العمل، وتطوير أنظمة الرقابة، وإنشاء منصة التدريب والواقع الافتراضي.
ثالثاً – ميزانية تنفيذ الاستراتيجية (الميزانية الاستراتيجية):
هي الميزانية التي تحقق أهداف الهيئة الاستراتيجية والتي تتضمن التقديرات المالية للخطة التنفيذية ولكل خطة من خطط التمكين، بالإضافة إلى المصروفات التشغيلية ومنها المرتبات وتقسيمها على دورة حياة الاستراتيجية، بحيث يتم بناء تصور شامل لموازنة الهيئة الكلية والسنوية لضمان عدم تجاوز ميزانية الاستراتيجية رأس المال التشغيلي البالغ 40 مليون دينار المنصوص عليه في المادة رقم (21) من قانون إنشاء الهيئة.