قبل سنة أو سنتين، حسب ما أذكر، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي فرحاً وترحيباً بالاتهامات الموجَّهة لبعض الشخصيات الكويتية بغسل الأموال، وتداول المغردون أخبار الاتهام بغزارة وهمة أيضاً، خصوصاً أن المتهمين من كبار الشخصيات، وبينهم أو على رأسهم بعض أفراد الأسرة الحاكمة. المغردون استشاطوا فرحاً، باعتبار هذا انتصاراً لـ «المال العام»، وتحركاً حكومياً جاداً لحمايته.
غسل الأموال ليس قضية كويتية، بل- حسب ما أذكر- ليس قانوناً كويتياً «صرفاً»، لكنه قانون دولي فُرض علينا، وأُجبرت حكومتنا على تبنيه وتكويته، وبالكاد لدينا مصلحة حقيقية من تطبيقه وتنفيذه، فهو يتعلَّق بدعم الإرهاب وحماية دول الغرب من شر المنظمات الإرهابية، يعني لا ناقة لنا ولا جمل في دعم القانون أو الابتهاج بتطبيقه، كما عمَّ وسائل التواصل الاجتماعي وحَسَني النية من المغردين.
الفلوس التي غسلها المتهمون ليست فلوسنا، والمتهمون خالفوا قانون غسل الأموال، وتربحوا من العملية، لكنهم لم يسرقوا، ولم يعتدوا، ولم يتعرضوا أصلاً لأموال كويتية.
ما أريد أن أصل إليه، هو القول للإخوة المتحمِّسين، «لا تشتطون» أكثر، فالحكومة والمؤسسات المعنية ليست جادة في الدفاع عن المال العام الذي «صكيتوا» رؤوسنا بحمايته، وقضية الصندوق الماليزي، كما يشير اسمها، قضية دولية، وليست محلية، بل إن شئنا إنصاف المتهمين، فهم خدموا البلد، من خلال استثمار الفلوس المغسولة فيه، ولم يرتكبوا جُرماً بحقه. خالفوا القانون، هذا صحيح، لكن لم يسرقوا، ولم يعتدوا على المال العام، كما تصوَّر مغردو «إكس» (تويتر).
الذين نهبوا المال العام، أو مَنْ لا يزالون ينهبون، لا يزالون طُلقاء، ولا يزالون ينهبون ويختلسون ويعتدون، والمؤسسات الحكومية المعنية بمراقبة أو مكافحة ذلك تغض النظر، وتدير طرفها نحو البعيد.
لست مع الذين روجوا زوراً وبهتاناً عن الفساد والنهب المزعوم، لكن همِّي أن أنبِّه إلى أن قضية الصندوق الماليزي ليست قضية كويتية، ومؤسساتنا لم تجتهد وتحقق وتضع يدها على سُرَّاق المال العام، كما بدا للبعض. الصندوق الماليزي قضية غسل أموال، وليس نهبها. ووقف الغسل هو لمصلحة ماليزيا، واستجابة لقانون دولي لا شأن لنا به. بالعربي، النهب والسرقة، إن وُجدا، فما زالا كذلك، وقضية الصندوق الماليزي ليست دليلاً على أن مؤسساتنا معنية بالدفاع الحقيقي عن المال العام.