الكتاب:

وعاءٌ مُلئ علماً، حُشي بالفوائد، وإناءٌ شُحن مزاحاً وجداً... وإن شئت ضحكت من نوادرهِ، وإن شئت عجبت من غرائب فرائده... لا أعلم جاراً أبرّ، ولا خليطاً أنصف، ولا رفيقاً أطوع، ولا مُعلماً أخضع، ولا صاحباً أظهر كفايةً، ولا أقل جنايةً، ولا أقل إملالاً، وإبراماً، ولا أجمل أخلاقاً، ولا أقل خلافاً، وإجراماً، ولا أقل غيبةً، ولا أقل تصلفاً، وتكلفاً، ولا أبعد من مراءٍ، ولا أتركَ لشغبٍ.

Ad

الكتاب:

لا أعلم قريناً أحسن منه موافأة، ولا أعجل مكافأة، ولا أحضر معونة، ولا أخف مؤونة، ولا شجرة أطول عمراً، ولا أجمع أمراً، ولا أطيب ثمرة، ولا أقرب مجتنى، ولا أسرع إدراكاً.

الكتاب:

هو الجليس الذي لا يطريك، والصديق الذي يغريك، والرفيق الذي لا يَمَلُّك، والمُستميح الذي لا يستريثك، والجار الذي لا يستبطيك، والصاحب الذي لا يُريد استخراج ما عندك بالملق، ولا يُعاملك بالمكر، ولا يخدعك بالنفاق، ولا يحتال لك الكذب.

الكتاب:

هو الذي يُطيعك بالسفر، كطاعته لك في الحضر، ولا يعتل بالنوم، ولا يعتريه كلال السهر، وهو المُعلم الذي إن افتقرت إليه لم يخفرك، وإن قطعت عنه المادة لم يقطع عنك الفائدة، وإن عُزلت لم يدع طاعتك، وإن هبت ريح أعاديك لم ينقلب عليك، ومتى كنت منه متعلقاً بسبب، أو معتصماً بأدنى حبل، كان لك فيه غنىً من غيره، ولم تضطرك وحشة الوحدة إلى جليس السوء.

***وللأسف فقد ضاعت معظم مؤلفات الجاحظ، التي بلغت 350 كتاباً ورسالة... حيث كتب في الدين والفلسفة والاجتماع والأخلاق والتاريخ والجغرافيا والطبيعيات والرياضيات، وفي العصبية وتأثير البيئة، وفي الأدب والشعر والعلوم اللسانية والأدبية، وفي موضوعاتٍ شتى.

***

وما وصلنا من كتب الجاحظ عدد ضئيل جداً:

- كالحيوان

- البخلاء

- البيان والتبيين

• ومع هذه المكانة الأدبية المتميزة التي يحتلها الجاحظ في التاريخ فإنه لا يتورع عن السخرية من نفسه عندما يردد لجلسائه:

لو يمسخ الخنزير مسخاً ثانياً

ما كان إلا دون قُبح الجاحظِ