زميلنا أحمد باقر كتب أمس الأول مقالاً جيداً، استند فيه إلى آراء سابقة لتوفيق الحكيم، أشار فيه إلى ضرورة استفاقة الناس المخدرة بشعارات وأماني سياسييها، واستعادتها لوعيها المغيب.

أنا مع اتفاقي مع الحكيمين، إلا أنني أعتقد أن المشكلة ليست كلها في الساسة وانتهازيتهم أو استغلالهم لسذاجة أو حاجات الناس. أنا أعتقد أيضاً أن الناس أو الجماهير، كما يحلو للبعض تسميتهم، هي في بعض الأحيان من يُسمم عقول الساسة، ويدفعهم إلى تبني مطالب ومشاريع فوضوية، تضر بالأمن الاقتصادي أو الاجتماعي للبلد.

Ad

لنأخذ مثلاً قضية إسقاط القروض... هذه صار لها سنين، سقط سياسيون واعتزل آخرون، ولكن القضية لا تزال مفضلة لدى أغلب من يعتَب إلى الشأن السياسي، أي أن السياسيين في بعض الأحيان - أو في الغالب في أكثرها - يمتطون «الموجات» الشعبوية وليس بالضرورة يختلقونها.

مثل آخر، وهو ما يعنيني هنا، فبعد اندحار العرب أو انتكاستهم في 1967، وضع الكثير منهم اللوم على الشعور والنهضة القومية التي لم تُجْد في مواجهة الغرب... لذا مالوا أو رجعوا بقوة إلى الدين والتدين كبديل وكمنقذ وكمصحح للنكسة التي ألمّت بهم. هنا استغل السياسيون الفرصة، وظهرت لنا الصحوة الإسلامية وتسيد «السلف والتلف»... الإخوان المسلمون والوهابيون.

حكوماتنا السابقة، كأي سياسي مفلس، وبعد حل مجلس الأمة عام 1976 بالذات، التصقت بالسلف والتلف، وركبت موجة الارتداد الديني. وزادت عليها «حبتين» بضم العودة إلى القبلية والموروث القديم... وأصبحنا منذ ذلك اليوم وإلى الآن تحت رحمة التحالف الديني القبلي وصحوته الإسلامية.

وهكذا ارتدت الكويت، وتوقف النمو السياسي والاقتصادي، وانحسرت موجة العصرنة والتقدم التي تسيدت في بداية الستينيات والسبعينيات، ولبست الدولة بكل مؤسساتها العمة والعباءة، وحتى الحجاب، ومن يومها ما ترقعنا.

عندما تولى الشيخ محمد صباح السالم رئاسة الحكومة السابقة كتبنا نترجاه أن «يُكوتنا»، أي أن يعيد الكويت إلى عهد العصرنة والارتقاء... عصر البولشوي، وفرقة رضا، ونزار قباني، وندوة أزمة التطور وصالح شهاب، وكل الأشياء الجميلة التي دمرها السلف والتلف والتحالف الحكومي الرجعي... واليوم نوجه ذات النداء إلى الشيخ أحمد... وعساه يستجيب.