من خلال عملي في الجهاز الحكومي لأكثر من 25 عاماً بالإضافة إلى ما يزيد على 20 عاماً أخرى قضيتها في العمل في مجال التدريب والاستشارات الإدارية والتنظيمية في الجهاز الحكومي والقطاع الخاص، ومن خلال قراءتي للتغييرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية التي تحدث على المستوى الإقليمي والعالمي، ومتابعتي لمسيرة الديموقراطية والصراع الدائر والدائم بين السلطتين التنفيذية والتشريعية خلال الـ20 سنة الماضية، وتعدد التشكيلات الحكومية، وسوء الإدارة الحكومية في السنوات العشر الأخيرة، وبالتالي تردي الأداء، وتدني الخدمات الحكومية والتداخل والتشابك في الاختصاصات بين الوزارات والمؤسسات والهيئات والإدارات الحكومية وهدم لدولة المؤسسات، وعدم تنويع مصادر الدخل والاعتماد على النفط كمورد ومصدر وحيد لدخل الدولة، وتفشي بعض الممارسات والقيم الدخيلة على المجتمع الكويتي، علاوة على زيادة وتيرة الخلافات السياسية والاقتصادية وبروز المتنفذين وتقديم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب الكويتيين المؤهلين، وزيادة نسب التضخم وارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وتدني مستوى المعيشة بالرغم من الزيادات السنوية للميزانية المخصصة للرواتب والدعوم والمساعدات بكل أنواعها وأشكالها.

وفي ظل ما نشهده من بعض الخلافات والنزعات الحدودية المتكررة، وما يشهده العالم من حروب ونزاعات سياسية وتحولات اقتصادية واجتماعية ومناخية وبيئية وتغير متسارع في التوجهات العالمية المتطورة، وفي ظل تخلفنا عن منظومة دول مجلس التعاون الخليجي والعالم في كل المجالات التنموية، وبالرغم من كتابة ما يزيد على 300 مقال في الشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإداري خلال الـ15 سنة الماضية، ورغبة في إرساء دولة المؤسسات والوصول إلى استقرار سياسي واقتصادي للنهوض بمؤسسات الدولة، كل ما سبق يجعلني أرى أن الواجب الوطني يحتم ويتطلب مني أن أدعو إلى:

Ad

1- إنشاء مجلس استشاري أعلى Think Tank يكون «عقل الدولة» وراسما توجهاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية في عصر الرقمنة والتحول الرقمي Digital Transformation.

2- قيام السلطة التنفيذية في أسرع وقت بوضع برنامج عملها خلال السنوات الأربع القادمة لانتشال الوطن من ضبابية الرؤية الاستراتيجية للدولة وفرض هيبة الدولة وإرساء دولة المؤسسات.

3- إعادة النظر في خطة التنمية 2035 ووضع رؤية وخطة استراتيجية جديدة تتفق وتتسق مع التوجهات المستقبلية والتطورات العالمية واستشراف المستقبل.

4- الدعم المتواصل للخطة التنموية الجديدة من قبل السلطة التنفيذية ومؤسسات المجتمع المدني.

5- إعادة هيكلة الجهاز التنفيذي للدولة بهدف ترشيقه وترشيده.

6- قبل تسكين الوظائف القيادية الشاغرة يجب وضع آلية واضحة وشفافة لاختيار وتقييم القيادات الإدارية.

7- وضع استراتيجية واضحة ومتفق عليها للنهوض بالتعليم والتدريب.

8- وضع استراتيجية متطورة للخدمات والرعاية الصحية.

9- الاهتمام بالبنية التحتية والطرق والمواصلات ونظم المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات.

10- الإسراع في وضع خطة عملية واقعية متكاملة لحل المشكلة الإسكانية.

11- تعديل التركيبة السكانية والقضايا المتعلقة بالعمالة الوافدة.

12- تطوير الخدمات الحكومية وتطبيق نظام ومبادئ الحوكمة Governance في القطاعين العام والخاص.

13- التأكيد على مبادئ العدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين.

14- العزم والحزم وعدم التردد في اتخاذ القرار.

15- تفعيل دور الجهات الرقابية الإدارية والمالية وتطبيق القانون.

وأحب أن أؤكد أن مهمة إعداد القيادات الشبابية أصبح أمراً لازماً تفرضه الظروف الحالية والمتغيرات المستقبلية.

وهذه النقاط الـ15هي الحد الأدنى المطلوب من أبناء ورجالات الكويت القيام بها في أسرع وقت ممكن، إذا كنا فعلاً جادين ونريد اللحاق بالدول المتقدمة وإعادة الدور الرائد لدولة الكويت في المنطقة ومكانتها الإقليمية والدولية، وإلا سنكون خارج النظام العالمي المتطور.

«وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ». (التوبة، 105) صدق الله العظيم.

ألا هل بلغت، اللهم فاشهد... ودمتم سالمين.