في ظل الظروف الراهنة التي يهيمن عليها انفراد السلطة التنفيذية بمجريات الأحداث وصناعة القرارات واتخاذها، يجب الالتفات إلى عدد من القضايا المهمة التي يشكل بعضها تحدياً نوعياً بعض الشيء للعمل على استدامة الموارد المالية، وكذلك العمل على خلق متانة للاقتصاد الكويتي الوطني.
ومن البدهي ألا يمكن لأي اقتصاد أن ينجح إلا إذا كان يطير بجناحين هما القطاعان العام والخاص، حيث تذبذب الأداء المتعلق بالخاص منذ نشأته لأسباب عدة وتاريخية لا ينفع الحديث عنها ولا يغني ولا يسمن من جوع الآن، فلكي يتمكن القطاع الخاص من تحقيق المرجو منه في خدمة اقتصاد الدولة، وكذلك تحقيق هامش ربحي مستحق، يجب أنا يكون له تأثير واضح المعالم في الناتج القومي للبلاد، ولربما بأرقام متينة قوية تجعل منه عموداً اقتصادياً قوياً، ولربما يتجاوز حد 70%من الناتج المحلي كما في دول الغرب.
وبحسب بعض الأرقام المتوافرة فإن موظفي القطاع الخاص في الدولة بلغ قرابة السبعين ألفا، وهو رقم خجول في ظل المعطيات الكثيرة في الدولة والتحديات التي من شأنها أن تتشكل في تخفيف وترشيد الإنفاق عن كاهل القطاع الحكومي، ولكن من المهم جداً أن يكون لدينا خريطة طريق واضحة المعالم في نقل التقنيات والمعرفة كذلك لما نحتاجه فعلا على أرض الواقع، وهنا يكمن السر في تحقيق هذه المعادلة الصعبة.
يشكل القطاع البيئي في الدولة طريقا استثماريا (الى هذه اللحظة) غير معبد وجب استغلاله و(استقلاليته) في القريب العاجل، وفي واقع الحال يمكن لاستغلال هذه الفرص المتناثرة بتكوين شراكات وشركات تقوم على العمالة والكوادر الوطنية واستيعاب الموظفين الجدد في قادم الأيام والسنين، التي حتما ولا محالة ستعاني الدولة في استيعابهم مستقبلا دون وجود خطة واضحة المعالم لسوق العمل، وعليه فإن دخول القطاع الخاص وفي هذا الوقت للمشاريع المتعلقة بالصناعة والبيئة قد يكون الطريق الأمثل لتعزيز دور الشراكة والمساهمة في الناتج القومي، ومن جهة أخرى تخفيف الأعباء المستقبلية كذلك عن كاهل الدولة، والأهم الآن هو وضع مجموعة مشاريع صناعية تنموية تُعنى بالبيئة في الدولة كإنتاج الوقود الحيوي والمتجدد، وإدارة النفايات الصناعية والإدارة المتكاملة لها ودعم وخلق المنتجات معادة التدوير وغيرها، مع إعطاء القطاع الخاص فرصة للعمل جنبا إلى جنب مع ذاك الحكومي.
البيئة الحاضنة للمشاريع التنموية تعتبر مدمرة الآن في الكويت ولأسباب عدة، ولكن في ظل النية الصادقة للعمل على تحسينها والاجتهاد في غرس البذرة الصناعية فيها فإن الكويت تعتبر ومن زاوية مغايرة أرضاً خصبة للعمل التنموي الجاد. فكر فيها!!
على الهامش:
تساءلت بيني وبين نفسي عما يتعلق بالبلبلة التي حصلت في المجتمع الكويتي من جراء طرح مسألة صحة وجود شخصية العالم المسلم جابر بن حيان! هل كانت تلك المسألة ستأخذ تلكم الأبعاد والنقاشات البيزنطية لو لم تحوِ في طياتها البعد الطائفي؟! وهل طرح مسألة وجودية ويليام شكسبير التي قتلت بحثا في السابق كانت ستأخذ الحيز ذاته؟!
نحتاج أن نعي كمجتمع أن تلك الانقسامات الأفقية الهلامية لا تبني دولاً ولا حضارة، والأصل أن تتم مقارعة الحجة بالحجة لاستخلاص الفائدة والقيمة، لا أن ينتصر طرف على آخر.