هل تؤثر أزمات «بوينغ» المتلاحقة على سوق الطيران العالمي؟

نشر في 02-07-2024
آخر تحديث 02-07-2024 | 19:02
شركة بوينغ الأميركية
شركة بوينغ الأميركية

عانت شركة بوينغ الأميركية أزمات متلاحقة خلال الآونة الأخيرة، تمثل معظمها في مشاكل تتعلق بسلامة طائراتها.

وفي أوائل العام الحالي، تعرضت إحدى طائرات بوينغ من طراز 737 ماكس أثناء تحليقها في الجو لحادث انفصال أحد أبوابها، ما أدى إلى وقف تشغيل أسطول الشركة من هذا الطراز، وزيادة التدقيق في عمليات إنتاج وسلامة طائرات 737 الخاصة بها.

وأقر الرئيس التنفيذي للشركة ديف كالهون حينها بخطأ الشركة فيما يتعلق بحادث الطائرة التابعة لشركة «آلاسكا إيرلاينز» الأميركية بعد إقلاعها.

وعقب الحادث أمرت إدارة الطيران الفدرالية الأميركية بمنع 171 طائرة من هذا الطراز من التحليق بانتظار إخضاعها لعمليات فحص.



وهذا الحادث أعاد إلى الأذهان الإيقاف الكامل لعائلة (737 ماكس) في مارس 2019 والذي استمر 20 شهراً، في أعقاب حادثتي تحطم خلال عامي 2018 و2019 تسببتا في مقتل نحو 350 شخصاً. الأمر لم يتوقف عند هذا الأمر، فبعد وقوعها بنحو شهرين أعلن الرئيس التنفيذي للشركة أنه سيتنحى عن منصبه على خلفية تلك الحوادث.

تراجع طلبيات الشراء

وتسبب هذا الحادث إضافة لعدة أزمات تعرضت لها بوينغ، في تراجع الطلب على طائرات الشركة، إذ تقلصت طلبيات شراء عملاق الطيران على أربع طائرات فقط في شهر مايو على عكس منافستها إيرباص الأوروبية التي أعلنت طلبيات شراء 27 طائرة جديدة خلال نفس الشهر.

وللشهر الثاني على التوالي، لم تحصل بوينغ على أي طلبيات لشراء طائرة 737 ماكس الأكثر مبيعاً، مع استمرار التداعيات الناجمة لحادث هذا الطراز في يناير الماضي.

آثار تلك الأزمات ظهرت جلياً في النتائج المالية للشركة، إذ تراجعت إيراداتها في الربع الأول من عام 2024 لتبلغ 16.57 مليار دولار، وهو ما يمثل انخفاضاً بنحو 8 في المئة عن الفترة ذاتها من العام الماضي.

كما سجلت الشركة خسارة أساسية للسهم الواحد بلغت 1.13 دولار عن نفس الفترة بحسب البيانات المالية الصادرة عن بوينغ.

وقال كالهون حينها: «تعكس نتائج الربع الأول الإجراءات الفورية التي اتخذناها لإبطاء إنتاج 737 كي نعزز تحسينات الجودة»، مضيفاً «سنأخذ الوقت اللازم لتعزيز أنظمة إدارة الجودة والسلامة لدينا، وهذا العمل سيضعنا أمام مستقبل أقوى وأكثر استقراراً».

وتقلع وتهبط قرابة 115 ألف طائرة تجارية يومياً، وعدد كبير منها من صنع بوينغ، التي تمتلك 42 في المئة من حصة السوق في هذه الصناعة، وهو ما يشير إلى الأثر الذي يمكن أن تخلفه الأزمات المتوالية للشركة على قطاع الطيران العالمي.

وقد يؤثر تأخير إنتاج وتسليم طائرات بوينغ على خطط شركات الطيران العالمية التوسعية، وربما تأجيل تلك الخطط لفترة غير معلومة.

فمثلا شركة طيران الإمارات ذكرت أن طائرة بوينغ 777 إكس، التي واجهت تأخيرات في التسليم، لن تكون ضمن جدول تسليمات الشركة خلال عام 2025.

وكانت نفس الشركة قد أعلنت قبل أيام أن خدماتها المخطط لها إلى وجهات في الشرق الأوسط والهند وأجزاء من أوروبا ستؤجل، لكن هذه المرة بسبب تأخير تسليم أسطول جديد من طائرات إيرباص إيه 350، كانت تخطط لاستخدامه في تلك التوسعات الجديدة.

عوامل تدعم طلبيات الشراء

ورغم الصعوبات التي تواجهها بوينغ، فإن تعافي قطاع الطيران من تبعات جائحة كوفيد 19 قد ساهم في استمرار الطلب على طائرات الشركة، في ظل هيمنتها هي ومنافستها إيرباص على سوق صناعة الطائرات التجارية.

وفي عام 2023، تلقت إيرباص إجمالي طلبيات شراء بلغت 2319 طائرة، وحصلت بوينغ على 1456 طلباً إجمالياً. وكان هذا أكبر عدد من الطلبيات تسجله شركة إيرباص وثاني أكبر رقم لشركة بوينغ.

وعلى الرغم من بطء وتيرة المبيعات الأخيرة، لايزال لدى بوينغ عدد كبير من الطلبات المتراكمة يصل إلى أكثر من 5600 طلبية.

ومن المتوقع أن ينمو حجم سوق الطيران من 333.96 مليار دولار في عام 2023 إلى 386.21 مليارا بحلول 2028.

وأثرت جائحة كوفيد 19 على سوق الطيران العالمي بشكل عام، إذ تراجعت حركة نقل البضائع وتوقفت حركة السفر بين البلدان مع القواعد الصارمة التي فرضتها معظم الدول في محاولة منها لوقف انتشار الفيروس. تلك القواعد أدت إلى توقف السياحة في معظم بلدان العالم حينها وبالتالي توقف رحلات الطيران.

وبدأت صناعة الطيران في التحسن منذ عام 2022 لتعود إلى مستواها قبل كوفيد 19.

واستعاد عدد السياح الدوليين نحو 97 في المئة من مستويات عام 2019 في الربع الأول من 2024، ما يعكس التعافي شبه الكامل لأعداد ما قبل الجائحة، بحسب تقديرات منظمة السياحة الدولية.

وسافر نحو 285 مليون سائح دولياً في الأشهر الثلاثة الأولى من 2024، أي بزيادة نحو 20 في المئة عما كانت عليه في نفس الفترة من 2023. وتعززت هذه النتائج من خلال استمرار الطلب القوي، وانفتاح الأسواق الآسيوية، فضلا عن تعزيز الاتصال الجوي والخدمات، وتسهيل التأشيرة.

حركة الشحن الجوي

الشحن الجوي هو الآخر شهد نمواً ملحوظاً خلال العام الحالي، وشهدت حركة نقل البضائع جواً نمواً بمعدل أسرع نتيجة تزايد الطلب على التجارة الإلكترونية والاضطراب في قطاع شحن الحاويات. وخلال الأشهر الخمسة الأولى من 2024، زادت أحجام البضائع العامة بنسبة 13 في المئة، بينما زادت المنتجات الخاصة -مثل المنتجات القابلة للتلف والسلع الخطرة والتكنولوجيا المتقدمة والأدوية- بنسبة 10 في المئة. وارتفع إجمالي السوق بنسبة 12 في المئة على أساس سنوي.

back to top