وسط السجال الدائر داخل الحزب الديموقراطي حول ما إذا كان على جو بايدن أن يتنحى قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، امتنع منافسه دونالد ترامب عن الانضمام إلى هذا الهجوم.

وأثارت مناظرة بايدن أمام ترامب الأسبوع الماضي هواجس لدى الناخبين حول مسألة عمر الرئيس وقدرته على الحكم، وهو ما سعى الجمهوريون إلى تسليط الضوء عليه. ومع ذلك تراجعت حملة ترامب الآن عن فكرة تنحي بايدن (81 عاماً).

Ad

فمن شأن تخلي الديموقراطيين عن مرشحهم أن يثير بينهم حالة من الإرباك قبل أشهر قليلة من الانتخابات، لكنه يحمل مخاطر أيضاً بالنسبة لترامب، حسبما قال خبراء لوكالة فرانس برس.

وحذرت المرشحة الجمهورية السابقة نيكي هايلي في نهاية الأسبوع الماضي من أن اختيار بديل لبايدن سيقوي الحملة الديموقراطية، ودعت الجمهوريين إلى «الاستعداد لما هو آت».

وشددت حملة ترامب، على غرار كبار المسؤولين الديموقراطيين، على أن بايدن باقٍ في السباق.

وقال مستشار حملة ترامب، كريس لاسيفيتا، لشبكة إن بي سي إن «الطريقة الوحيدة لإبعاد جو بايدن عن الترشح هي إذا قرر طوعاً عدم الترشح، ولن يتخذ هذا القرار».

ورأى مستشار حملة الجمهوريين بريان هيوز أن التخلي عن بايدن لن يكون «نزيهاً» من جانب الديموقراطيين، بينما قال السيناتور جيه دي فانس، المرشح المحتمل لمنصب نائب الرئيس على بطاقة ترامب، إن تلك الخطوة ستكون «إهانة لا تصدق» للناخبين الديموقراطيين.

وقالت أستاذة العلوم السياسية بجامعة براون، ويندي شيلر، لوكالة فرانس برس، إن «ترامب يريد حتماً أن يكون جو بايدن خصمه، مثلما أرادت حملة بايدن أن يكون ترامب هو الخصم.... إنهم يرون مزايا حقيقية في ضعف الآخر».

وأضافت شيلر أن بعض الأسماء التي تُطرح كبدائل لبايدن هي «لأشخاص أصغر سناً ويتمتعون بالنشاط ويحظون بشعبية في ولايات متأرجحة في الغرب الأوسط»، ولا تستطيع حملة ترامب تحميلهم مسؤولية «التضخم والحدود».

وبنأيه عن الدعوات المطالبة بتنحي بايدن، يجعل ترامب الذي يواجه سلسلة من المتاعب القانونية، اهتمام وسائل الإعلام يتركز على الانقسامات بين الديموقراطيين.

وقال رون بونجين الاستراتيجي الجمهوري لوكالة فرانس برس: «لماذا تريد حملة ترامب منع الديموقراطيين من حفر قبورهم بأنفسهم الآن؟».

وأضاف: «كل يوم يسلط فيه الضوء على حالة بايدن الذهنية هو يوم آخر تفوز فيه حملة ترامب ترامب».

بل إن ترامب نفسه بدا كأنه يحاول السيطرة على الأضرار التي لحقت بمنافسه الديموقراطي.

وقال ترامب في تجمّع حاشد غداة مناظرتهما الخميس: «يقول كثيرون إنه بعد أداء الليلة الماضية سينسحب جو بايدن من السباق». وأضاف «الحقيقة هي أنني لا أصدق ذلك حقاً. إنه في استطلاعات الرأي أفضل من أي من الديموقراطيين الذين يتحدثون عنهم».

واعتُبرت تلك التصريحات تحولاً ملحوظاً عن الأسابيع القليلة الماضية عندما قال ترامب في حديث إذاعي «إذا نظرت إلى (بايدن)، فهو لا يعرف أين هو... أشك في أنه سيترشح بصراحة، لا يمكنني حتى تخيل ذلك».

وبشأن الرغبة في بقاء بايدن على رأس قائمة الديموقراطيين، يبدو الرئيس ومنافسه متفقين.

وخلال عطلة الأسبوع اجتمع بايدن وعائلته بالمنتجع الرئاسي في كامب ديفيد. وذكرت وسائل إعلام أميركية أن العائلة ناقشت الانتخابات الرئاسية وأيدت خطط بايدن لمواصلة المعركة.

إلى ذلك، وجّه بايدن انتقاداً شديداً لحكم المحكمة العليا بمنح الحصانة الرئاسية لسلفه ترامب، الذي امتنع عن الانضمام إلى الهجوم على منافسه بعد مناظرتهما التي أثارت الأسبوع الماضي هواجس لدى الناخبين حول مسألة عمر الرئيس وقدرته على الحكم، وهو ما سعى الجمهوريون إلى تسليط الضوء عليه.

وقال بايدن، الذي جمعت حملته تبرعات قياسية، رغم أدائه الضعيف للغاية في المناظرة، إن حكم المحكمة العليا «سابقة خطيرة» يمكن أن تحوّل الرؤساء الأميركيين إلى ملوك، داعياً الشعب إلى الاعتراض على ذلك برفض ترامب في انتخابات نوفمبر.

وحذّر بايدن من أن قرار المحكمة العليا، التي خلصت، أمس الأول، إلى أنه لا يمكن مقاضاة ترامب على أي تصرفات تدخل ضمن صلاحياته الدستورية كرئيس، «يعني أنه لم يعد هناك الآن أي حدود لما يمكن أن يفعله الرئيس».

وقال بايدن: «هذه الأمة أسست على مبدأ أنه لا يوجد فيها ملوك، وكلنا متساوون أمام القانون، ولا أحد فوقه ولا حتى رئيس الولايات المتحدة»، مضيفاً: «إنها سابقة خطيرة، لأن سلطة المنصب لن تكون مقيدة بالقانون بعد الآن، الحدود الوحيدة سوف يفرضها الرئيس وحده».

وفي تصريحات واضحة ومدروسة، أكد بايدن أن القرار يعني أنه من غير المرجح إلى حد كبير أن يحاكم ترامب بتهمة السعي لإلغاء نتائج انتخابات 2020 قبل التصويت المقرر في 5 نوفمبر.