أظهرت دراسة غير منشورة لمركز الدراسات التابع لمجلس الشورى الإيراني «البرلمان»، تعتمد على جميع الإحصاءات واستطلاعات الرأي بشأن الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي تجري دورتها الثانية غداً، أن المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان متقدم على مرشح المحافظين سعيد جليلي بشكل كبير.
ووفق الدراسة، التي كشف مصدر إيراني مطّلع لـ «الجريدة» بعض نتائجها، فإن نحو 50 بالمئة من الناخبين الإيرانيين مازالوا مترددين في المشاركة بالدورة الثانية، لكن ما يصل الى 60 بالمئة من الذين أكدوا مشاركتهم قالوا إنهم سيقترعون لمصلحة بزشكيان.
كما أظهرت الدراسة التي جرت بطلب من رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي لم يتأهل للجولة الثانية من الاقتراع، أن حوالي 80 بالمئة من الذين قالوا إنهم سيصوتون لبزشكيان أكدوا أنهم يفعلون ذلك لمنع المرشح المتشدد سعيد جليلي من الوصول إلى السلطة، وليس بسبب اقتناعاً بشخصية بزشكيان وبرامجه.
ويقول المصدر المقرّب جداً من قاليباف إنه بالرغم من مخاطرة الأخير بإعلان دعمه لجليلي مع إن ذلك محظور قانوناً، لكونه بحكم منصبه ملزم بالحياد بصفته عضواً في اللجنة المشرفة على الانتخابات، فإن نسبة كبيرة جداً تصل الى 60 بالمئة من أنصار رئيس البرلمان رفضوا التصويت لجليلي المحسوب على المحافظين الجدد شديدي التطرف.
كما يلفت المصدر الى أن أنصار الرئيس السابق للبرلمان علي لاريجاني المحسوب على المحافظين الوسطيين يدعمون بزشكيان، وهذا يعني أن معارضة الخط المتطرف لم تعُد حكراً على الإصلاحيين أو معارضي النظام، بل إن الأصوليين والمحافظين باتوا أيضاً ضد التيار المغالي بتطرُّفه، الذي يمثّله جليلي.
وباتت مسألة رفض التطرف الموضوع الأول الذي يتم بحثه حالياً في الشارع الإيراني، خاصة بعد الاحتجاجات التي اندلعت منذ حوالي عام ونصف، التي سميت باحتجاجات الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني.
وعلى الرغم من أن التظاهرات انطلقت احتجاجاً على مقتل أميني في عهدة شرطة الأخلاق، فإن الشارع الإيراني انتفض في الواقع عملياً معارضةً للتطرف الذي بدأ يعمّ البلاد بعد وصول الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي للسلطة، وتمكّن المتطرفون من فرض سيطرتهم على كل أركان السلطة.
ويبدو أن النظام الحاكم التقط الرسالة عبر فتحه باب الترشح لبزشكيان الذي كان النائب الوحيد في البرلمان الذي انتقد تصرّفات المتطرفين خلال الاحتجاجات، في رسالة إلى الشارع الإيراني بأن الاعتراض ممكن في صناديق الاقتراع بدل الشارع.
ويستطيع المراقب للانتخابات أن يلاحظ أنه على الرغم من أن جليلي وأنصاره هم من أشد المنادين لإقرار قانون الحجاب الإلزامي وفرض القوانين الشرعية على الشارع، فإنهم بدأوا منذ بضعة أيام نشر صور لفتيات وسيدات دون حجاب أو الزي الشرعي يحملن صور جليلي في وسائل إعلامهم كي يعكسوا صورة أخرى عن جليلي.
كذلك سمحت بلدية طهران التي يسيطر عليها الأصوليون من أنصار علي رضا زاكاني لأنصار جليلي لعقد اجتماعاتهم الانتخابية في صالات البلدية، فيما يحظى جليلي بسطوة كبيرة في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التي يرأسها شقيقه.
وفي خطوة لافتة، أعلن مساعد المرشد الإيراني للشؤون التنفيذية وحيد حقانيان الذي ترشح أيضا لانتخابات رئاسة الجمهورية دعمه لبزشكيان، الأمر الذي اعتبره البعض رسالة من قبل المرشد على معارضته للمتطرفين في البلاد وفسّره البعض الآخر، على أنه موقف شخصي من حقانيان ضد جليلي بسبب خلافات شخصية بينهم.
وذكرت وكالة تسنيم شبه الرسمية أن الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، قال أمس إن نسبة المشاركة في الجولة الأولى (نحو 40 بالمئة)، أقل وجاءت بسبب «عدة عوامل»، وقال «من الخطأ تماماً الاعتقاد بأن أولئك الذين لم يصوّتوا بالجولة الأولى هم ضد النظام».