أكد الزميل عبداللطيف الدعيج في مقاله ما جاء في مقالي السابق بشأن ضرورة استفاقة الناس المخدرة بشعارات وأماني سياسييهم واستعادتهم لوعيهم المغيب، ولكنه أضاف أن المشكلة ليست كلها في الساسة وانتهازيتهم واستغلالهم لسذاجة الناس أو حاجاتهم، وأنه يعتقد أن الجماهير هي في بعض الأحيان مَن يسمم عقول الساسة ويدفعهم إلى تبنّي مطالب ومشاريع فوضوية تضر بالأمن الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، وضرب مثلاً بمسألة القروض التي مضى عليها سنوات اعتزل خلالها سياسيون وجاء آخرون ومازال السياسيون يمتطونها ويمتطون القضايا الشعبوية وليس بالضرورة يختلقونها.

وبدوري أتفق مع ملاحظة أبو راكان وأن ما كتبه واقع مشاهد، ولكن هذا لا يغيّر حقيقة أن السياسيين يتحملون الوزر الأكبر بحكم مناصبهم الخطيرة وقسمهم وقيادتهم للجماهير، لأن عليهم توجيه الناس وبيان الحقائق لهم، لا الخضوع لمطالبهم إذا كانت ضارة أو تخالف الدستور، ولكنهم قدّموا الصوت على المصلحة العامة، واختلقوا الحجج الواهية تبريراً لعملهم.

Ad

انظر مثلاً إلى الذين قدموا استجوابات غير دستورية واعتدوا على صلاحيات الأمير، هل تصفيق الجماهير لهم واحتلالهم المراكز الأولى في الانتخابات الأخيرة يبرران لهم مخالفاتهم وحنثهم بقسمهم؟

وانظر أيضاً إلى المتدين الذي طالب بأن يدفع المال العام قروض جميع المواطنين أو فوائدها، مع علمه بأن من المقترضين مَن هم من أصحاب الرواتب العالية والقروض الكبيرة، ومنهم الضعيف ذو القرض المتواضع، وكذلك منهم مَن سدد قرضه، وأيضاً من المواطنين مَن لم يقترض، فهل يشفع له تصفيق الناخبين وانتخابهم له وقد فرّط في حماية المال العام وأخلّ بالعدالة بين الناس؟

نعم هناك مطالب غير دستورية وأخرى ضارة بالاقتصاد بسبب المصالح الخاصة لبعض الناخبين أو الجهل عند آخرين أو البذاءة والتحريض الكاذب الذي يمارسه الخبثاء في غيبة أي دور حكومي قوي ومقنع، ولكن هذا لا يسوغ لممثل الأمة أن يثني على هذه المطالب وأن يستجيب لها، وإلا يكون قد خان العهد والأمانة.

كنا قلة من النواب آثرنا الصدع بالحقائق العلمية وإصلاح الاقتصاد وتحمّلنا البذاءة والإيذاء في الانتخابات.

وهناك قلة من الكتاب والاقتصاديين وأساتذة الجامعة في بيانهم الشهير «قبل فوات الأوان» بيّنوا خطورة القضايا الشعبوية والمسلك المالي والاقتصادي للدولة، ولكن مع الأسف تجاهلتهم الحكومة، ولم يأبه لنصيحتهم معظم النواب، فمَن يتحمل الوزر؟