يا عمال العالم انبحوا
أبدى صديق استغرابه من موافقة بلدية الكويت على طلب وزارة المالية بشأن نقل تخصيص موقع المدينة الترفيهية في منطقة الدوحة بمساحة مليونين و650 ألف متر، لتكون لمصلحة هيئة الاستثمار! الهيئة تدير كل تلك المرافق من سوق الجمعة إلى سوق شرق إلى المخازن ومكتب الخدم... إلخ.
ماذا بقي من أنشطة اقتصادية وخدمية لا تديرها هيئة الاستثمار؟ فهل أصبحنا كوريا الشمالية كما يقول صديقنا؟! يجوز أننا مثل كوريا الجنوبية إذا كان المقصود الملكية المطلقة للدولة لكل المرافق العامة، رغم أننا نحلم بأن نكون كوريا الجنوبية في التقدم والصناعة وحيوية القطاع الخاص، الذي يعمل تحت مظلة الدولة، وتوفيره فرص العمل للسكان، لكن لسنا مثل أي من الكوريتين، فنحن «غير»، مثلما صرح خواء أحد المسؤولين السابقين.
ما العمل إذا لم تفوض هيئة الاستثمار لإدارة مثل تلك المرافق؟ هل تُعطى إدارتها للقطاع الخاص، وهو على غير استعداد لفتح الأبواب لتوظيف الكويتيين؟ فالعمل في الحكومة أفضل في الميزات المادية وأكثر راحة، والعامل الأجنبي أكثر إنتاجية وأقل تكلفة، فماذا يمكن للحكومة أن تصنع مع المنتظرين لدورهم في سوق العمل؟ الآن تقول الحكومة إن البطالة أضحت صفراً في البلد، بعد توظيف 13 ألفاً من المواطنين. هل كانت المرافق العامة في حاجة لكل هؤلاء الذين كانوا ينتظرون العمل الحكومي؟ وما تخصصاتهم؟ وهل هناك أي مردود اقتصادي للدولة من التوظيف؟
الإجابة نافية مع الأسف، لكن لا توجد خيارات أخرى يمكن للحكومة أن تصنعها، فالدولة قامت منذ تفجّر الثروة النفطية على رعاية الاقتصاد الريعي الذي أصبح سرطاناً في عظامها. وعلاجه غير متصور عند الطبيب الحكومي الذي لم يتغير مع تبدل الحكومات الكثيرة التي مرت على البلاد، لم يكن هناك أي تخطيط واع، قدمت دراسات سابقة من المجلس الأعلى للتخطيط وانتهت بالنسيان في الأدراج الحكومية، فلم تكن هناك عزيمة وإرادة جادة لتغيير نهج الدولة، وبقينا على طمام المرحوم.
تم توظيف 13 ألفاً اليوم، ماذا عن الغد وهناك ألوف القادمين لسوق العمل؟ ماذا ستفعل بهم رقعنا اليوم؟ لكن لا يمكن لهذا الاقتصاد الأحادي الدخل أن يرقع للأبد! من الأفضل مواصلة إجازة الاقتصاد والسياسة حتى يُحدث الله أمراً كان مكتوباً.
أيضاً صديقنا يستغرب، في موضوع آخر، مبادرة لهيئة الزراعة لتوفير محمية لجمعية «سولز» لرعاية الكلاب الضالة، عظيم، لكن ماذا عن آلاف العمال الأجانب الذين لا يجدون السكن والرعاية اللازمين، كما حدث في حريق المنقف، ماذا يمكنهم أن يصنعوا؟! لا شيء... فيا عمال العالم انبحوا.