رياح وأوتاد: شروط الاتحاد الأوروبي وفشل الرقابة اللاحقة
• شروط الاتحاد الأوروبي:
منذ مجلس 92 وأنا أحذر مما يسمى «حقوق الإنسان وفق المنظور الغربي»، ونجحنا بفضل الله في التحفظ عن بعض بنود الاتفاقيات الدولية التي تخالف الشريعة الإسلامية والدستور الكويتي في المجالس المتعاقبة، وأذكر بهذه المناسبة موقف النائب جاسم الصقر، يرحمه الله، الذي وافق بناء على طلبي على إعادة تقرير اللجنة بشأن بعض الاتفاقيات، فحضرت في اللجنة وتم بالإجماع هذا التحفظ، فجزاه الله خيراً، كما نجحنا بفضل الله في تأسيس «جمعية المقومات الأساسية لحقوق الإنسان»، وجاء في نظامها الأساسي الدفاع عن حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية.
واليوم يتم الهجوم المغرض على الشقيقة قطر بسبب عدم سماحها بتعليق شعارات الشواذ في المونديال، وفي الوقت نفسه صدر قبل أيام قرار لجنة الحريات المدنية في الاتحاد الأوروبي بالإعفاء من تأشيرة السفر لأربع دول، بينها الكويت وقطر، بشرط تعليق عقوبة الإعدام، مع ملاحظة أن هذه اللجنة أبدت مخاوفها بشأن حقوق الإنسان والحريات في الكويت وقطر وعمان بشأن مجتمع الميم (الشواذ) والمرأة وحرية الدين، وغير ذلك من الأمور الشرعية والقانونية، وأكدت اللجنة أنه يجب إلغاء الإعفاء إذا لم يتم التقدم في هذه المجالات.
هكذا يتم استغلال مبدأ الحريات وحقوق الإنسان والضغط على دولنا بمختلف الوسائل (حتى السفر) لتصدير الثقافة الغربية المخالفة للشريعة الإسلامية، كما قال تعالى: «أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ».
هذه حقيقة ما يسمى حقوق الإنسان الغربية، فهل وصلت هذه الحقيقة إلى المسلمين عامة والكويتيين، خاصة الذين يتولون إقرار القوانين عندنا؟ وهل تبين لهم أن بعض شعارات ومنظمات حقوق الإنسان تخفي السم في شعارات تبدو كالعسل.
• مسبقة أم لاحقة؟
عندما كنا في الحكومة وكان الأخ أنس الرشيد وزيراً للإعلام تم وضع القانون (2006/3) الذي أقر الرقابة المسبقة على الكتب، ووافق عليه المجلس، وصدر بحمد الله، ولكن مع الأسف تم إلغاء الرقابة المسبقة من القانون في المجلس قبل الماضي، وعندما أقيم معرض الكتاب قبل أيام بعد انقطاع سنوات، تبين أنه قد عرضت فيه بعض الكتب التي تخالف الأخلاق والآداب العامة، وقد تواصل النائب حمد العبيد مع وزير الإعلام الذي أبلغه أنه قد تم اتخاذ الإجراءات القانونية، أي إحالة المسؤول عنها إلى القضاء.
ويحق لنا أن نسأل: ما الفائدة الآن، وقد تم عرض الكتب وبيعها وانتشارها، علماً بأن الحكم عليها في القضاء سيستغرق سنوات؟ ألم يكن من الأفضل منعها منذ البداية، خصوصاً أنها متاحة للمهتمين في الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)؟
إن عرض وإظهار كتب الفساد والمحرمات على الملأ هو من قبيل إشاعة مظاهر المنكر والفاحشة، وقد قال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ»، ولا شك في أن إعلان مظاهر المنكرات يسهل قبولها وانتشارها كما هو حادث الآن بالنسبة إلى شيوع فعل قوم لوط، حيث كانت جميع الأفلام والمسلسلات الأجنبية في السابق تخلو من أي ذكر لهم ولشخصياتهم، أما الآن فلا تكاد مشاركة لإحدى الشخصيات الشاذة تخلو منها، حتى وصل الأمر إلى المطالبة بدخول هذه الشخصيات في أفلام الأطفال والكارتون.
لذلك يجب عودة الرقابة المسبقة حفاظاً على المظاهر العامة، فهذه رسالة الإسلام للعالم أجمع، أما السرائر فالله وحده الذي يتولاها.