مؤشرات إيجابية في باكستان بعد تعيين منير قائداً للجيش
عيّن رئيس الوزراء الباكستاني، شهباز شريف، الجنرال عاصم منير قائداً جديداً للجيش، وجاء هذا القرار بعد أسابيع من التوقعات المحتدمة ووفرة الأخبار عن خلافات داخلية بين الأحزاب السياسية لاختيار مرشّح محتمل لأهم منصب في البلاد.
يكشف تعيين منير أن القيادة المدنية في باكستان تعلّمت بأصعب الطرق أهمية اختيار قائد الجيش بناءً على معايير الجدارة والخبرة بدل الاتكال على الاعتبارات السياسية التي ترافقت مع تكاليف باهظة في الماضي، ويثبت تعيينه أن رغبة المؤسسة العسكرية في التمسّك بدورها الدستوري وفتح المجال أمام العمليات الديموقراطية في البلد ستنضج خلال الأشهر والسنوات المقبلة.
هذا التعيين الأساسي يمنح جميع أصحاب المصلحة المؤثرين في البلد فرصة جديدة لدفن الأحقاد وتحقيق مصالح باكستان، واستناداً إلى التعاون بين الأحزاب السياسية لتعيين منير، يبدو أن القيادة المدنية تقبّلت رسالة الجيش الذي يعتبر أن «الوقت حان كي يضع أصحاب المصالح السياسية غرورهم جانباً ويمضوا قدماً».
قد يكون هذا التعاون بين الأحزاب السياسية لتعيين منير أول حالة يبدي فيها رئيس «حركة الإنصاف الباكستانية» ورئيس الوزراء السابق، عمران خان، استعداده لتنسيق جهوده مع الحكومة الراهنة لأداء واجبهم الدستوري من دون افتعال مشاكل كبرى، رغم حجب الثقة عن حكومته وإقالته من منصبه في شهر أبريل الماضي، ويُعتبر هذا التعيين هزيمة كبرى لخان، فهو كثّف ضغوطه طوال أشهر للتأثير على هذا القرار، وحاول إضعاف قائد الجيش المنتهية ولايته وإخماد تصميم المؤسسة العسكرية على البقاء خارج معترك السياسة.
لا أحد يعرف بعد كيف سيردّ منير على خان إذا تابع استهداف مؤسسته لتقوية قاعدته السياسية، لكن من الواضح أن صبر القيادة العسكرية بدأ ينفد في تعاملها مع حملة خان الدعائية المبنية على معطيات لا أساس لها، وقد لا يبقي قائد الجيش الجديد المجال مفتوحاً أمام هذا النوع من الحملات، لا سيما إذا أثّرت على استقرار مؤسسته وتماسكها الداخلي.
لا يملك منير وقتاً طويلاً كي يعتاد على منصبه الجديد، إذ تكثر واجباته فيما تواجه باكستان أزمة سياسية ومالية متفاقمة، فقد عادت الجماعات المسلّحة لتظهر على الحدود الأفغانية مع باكستان، إذ يبذل المتطرفون البلوش جهوداً متجدّدة لزعزعة استقرار الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان، وسيضطر الجنرال أيضاً للتعامل مع الهند التي تعمل على مدار الساعة لإضعاف مصالح باكستان عالمياً.
ففي المقام الأول، ينتظر الكثيرون من منير أن يعيد إرساء الاستقرار السياسي الذي يحتاج إليه البلد منذ أشهر، إنه عامل أساسي لأن باكستان تواجه أزمة مالية حادة، ويبحث المستثمرون دوماً عن مؤشرات الاستقرار قبل تقديم أموالهم واستثماراتهم.
ولا مفر من أن يترافق تعيين منير مع تهدئة جزءٍ من مخاوف المستثمرين، بما في ذلك البلدان التي تربطها علاقات ودّية مع باكستان لكنها تقلق من ظروف إسلام أباد في ظل استمرار الأزمة السياسية محلياً.
* عمير جمال