يواصل المنتخب الألماني مسعاه نحو التتويج ببطولة أمم أوروبا لكرة القدم (يورو 2024) المقامة على أرضه عندما يصطدم بالمنتخب الإسباني اليوم الجمعة، بملعب إم إتش بي أرينا بمدينة شتوتغارت في دور الثمانية من البطولة.

وصعد المنتخب الألماني إلى هذا الدور بعدما تصدر المجموعة برصيد سبع نقاط، حيث استهل مبارياته بالبطولة بالفوز على المنتخب الاسكتلندي 5 -1، ثم تغلب على المنتخب المجري بهدفين نظيفين، قبل أن يتعادل مع المنتخب السويسري؛ ليحسم صدارة المجموعة.

وفي دور الـ16 تمكنت ألمانيا من تحقيق الفوز على المنتخب الدنماركي بهدفين نظيفين سجلهما كاي هافيرتز وجمال موسيالا.

في المقابل، يعد المنتخب الإسباني أفضل المنتخبات في البطولة بعدما حقق الفوز في مبارياته الأربع حتى الآن، حيث استهل مبارياته في دور المجموعات بالفوز على منتخب كرواتيا بثلاثية نظيفة، ثم تغلب على المنتخب الإيطالي بهدف، قبل أن يختتم مشواره في دور المجموعات بالفوز على ألبانيا بهدف نظيف ليتصدر المجموعة الثانية برصيد تسع نقاط.

وفي دور الـ16 تمكنت إسبانيا من قلب تأخرها بهدف نظيف أمام جورجيا إلى فوز كبير 4-1

تساوي الأرقام

ويتساوى منتخبا ألمانيا وإسبانيا كونهما أكثر المنتخبات تتويجا بـ «اليورو» برصيد 3 ألقاب، ولكن المنتخب الألماني يواجه مهمة صعبة، إذ يرجع آخر انتصار حققه (الماكينات) على (الماتادور) في مباراة رسمية قبل 36 عاما، عندما استضافت ألمانيا البطولة في يورو 1988 ووقتها سجل رودي فولر، المدير الرياضي للمنتخب الحالي، هدفين ليفوز فريق الماكينات بهدفين نظيفين في دور المجموعات.

وفي المباراة الوحيدة التي جمعت بين الفريقين في الأدوار الاقصائية بالبطولات الكبرى، فاز المنتخب الإسباني بهدف نظيف وكان ذلك في نهائي يورو 2008 والدور قبل النهائي بمونديال 2010.

ولدى الجماهير الألمانية ذكرى سيئة أخرى، عندما فاز المنتخب الإسباني بسداسية نظيفة في دوري أمم أوروبا 2020، وانتهت آخر مباراة جمعتهما بالتعادل 1-1، وكان ذلك في دور المجموعات بكأس العالم 2022.

وبالنظر إلى الأداء المذهل للمنتخب الإسباني في البطولة، ستكون مباراة اليوم بمثابة اختبار قوي للمنتخب الألماني لمعرفة مستواه الحقيقي، وفقا لما قاله ليروي ساني نجم بايرن ميونيخ الألماني.

وسيكون لدى الثنائي كيميتش، الظهير الأيمن، وديفيد راوم، الظهير الأيسر، مهمة صعبة لإيقاف أجنحة إسبانيا، لامين يامال 16 عاماً ونيكو ويليامز 21 عاماً.

وسيدخل المنتخب الألماني المباراة مكتمل الصفوف بعد انتهاء إيقاف جوناثان تاه، مدافع ليفركوزن، الذي سيعود للتشكيل الأساسي في مركز قلب الدفاع بجوار أنطونيو روديجر.

قرارات صعبة

وسيكون على يوليان ناغلسمان، المدير الفني للمنتخب الألماني، اتخاذ قرارات صعبة في التشكيل الأساسي للفريق، وتحديدا في مركز الظهير الأيسر، حيث يفاضل بين ديفيد راوم، الذي تألق في مباراة الدنمارك، وبين ماكسيميليان ميتيليشتات، الذي تألق في دور المجموعات، لاختيار أحدهما للعب كأساسي في مواجهة المنتخب الإسباني.

في المقابل، يعلم المنتخب الإسباني، بقيادة مدربه لويس دي لا فوينتي، أن المباراة لن تكون سهلة على الإطلاق في ظل المستويات الجيدة التي قدمها المنتخب الألماني بالفعل في المباريات الماضية.

كما تعتبر هذه هي المباراة الأولى التي يمكن أن يحسمها منتخب إسبانيا لمصلحته في الأدوار الإقصائية لإحدى المسابقات الكبرى (كأس العالم، أمم أوروبا)، منذ تغلبه 4- صفر على إيطاليا في نهائي نسخة كأس الأمم الأوروبية عام 2012 ببولندا وأوكرانيا.

ألمانيا تتسلح بالسجل المثالي لنوير

الحارس مانويل نوير

يُعد الحارس مانويل نوير عنصراً مؤثراً ضمن صفوف منتخب ألمانيا خلال مواجهته المرتقبة أمام ضيفه الإسباني، اليوم بدور الثمانية لـ (يورو 2024).

ولم يسبق لنوير، حارس مرمى بايرن ميونيخ، الخسارة في دور الثمانية بالبطولات الكبرى، حيث تشكل مواجهة اليوم في مدينة شتوتغارت خامس ظهور بدور الثمانية في البطولات الكبرى بمسيرة الحارس (38 عاماً).

وحافظ نوير على نظافة شباكه للمرة الـ 50 في 123 مباراة دولية مع منتخب ألمانيا خلال الفوز على الدنمارك 2-0 في دور الستة عشر.

وثارت شكوك بشأن مستوى نوير قبل انطلاق البطولة، لكنه أصبح العمود الفقري للماكينات مجدداً، واستقبلت شباكه هدفين فقط خلال أربع مباريات بالبطولة القارية.

ويأمل منتخب ألمانيا أن يواصل نوير توهجه في دور الثمانية أمام إسبانيا، التي تألقت بشكل ملحوظ حتى الآن في البطولة بقيادة خط الهجوم اليافع للماتادور، الذي يضم لامين يامال ونيكو ويليامز.

ولم يفز المنتخب الألماني على نظيره الإسباني في البطولات الكبرى منذ عام 1988، وخسر أمامه في آخر مواجهتين بالأدوار الإقصائية، في المربع الذهبي ليورو 2008، ومونديال 2010.

لكن نوير ساهم في فوز بلاده على إيطاليا للمرة الأولى في كأس أمم أوروبا أو اليورو، بعدما تصدى لركلتي جزاء من ليوناردو بونوتشي وماتيو دارميان في «يورو 2016».

كما ساهم نوير في فوز ألمانيا على الأرجنتين 4-0 في دور الثمانية لمونديال 2010، والفوز 4-2 على اليونان في دور الثمانية ليورو 2012، وفي الدور ذاته على فرنسا 1-0 بمونديال 2014.

وفاز نوير بكل الألقاب الممكنة مع بايرن ميونيخ، وبلقب مونديال 2014، ويتبقى له لقب كأس أمم أوروبا لكي يحصد كل الألقاب على مستوى كرة القدم، مثله زميليه توني كروس وتوماس مولر.

Ad

رودري لكتابة تاريخ جديد

اللاعب رودري

تكمن آمال ألمانيا بالتتويج بطلة لأوروبا بالنسخة التي تستضيفها حالياً، في إلحاق هزيمة نادرة جداً بمايسترو خط الوسط الإسباني رودري بمباراة ربع النهائي، اليوم.

فمنذ خسارة «لا روخا» آخر مباراة رسمية أمام اسكتلندا في مارس 2023، خاض رودري 77 مباراة مع ناديه مانشستر سيتي بطل إنكلترا ومنتخب بلاده، وتذوق الهزيمة مرة واحدة فقط عندما تغلب مانشستر يونايتد على سيتي بنهائي كأس إنكلترا بمايو الماضي.

خلال هذه الفترة، فاز لاعب الارتكاز (28 عاماً) بلقبين في الدوري الإنكليزي؛ دوري أبطال أوروبا، وكأس إنكلترا، إضافة لإحرازه كأس السوبر الأوروبية، وكأس العالم للأندية، وقيادة بلاده للتتويج بدوري الأمم الأوروبية.

يقول بيب غوارديولا، مدرب رودري في مانشستر سيتي، الذي أشرف على مجموعة من أفضل لاعبي خط الوسط على الإطلاق: «في مركزه، إنه الأفضل، يمكنه فعل كل شيء. الجودة، يقرأ المباراة، عقليته، إنه مستعد دائماً».

قدَّمت إسبانيا أفضل العروض في البطولة القارية الحالية، وهي المنتخب الوحيد الذي فاز بجميع مبارياته الأربع في طريقه إلى ربع النهائي. تألق فيه بشكل خاص الجناحان الرائعان لامين جمال ونيكو وليامز، وشكَّلا خطراً كبيراً على دفاعات المنتخبات المنافسة افتقده حتى الجيل الذهبي لإسبانيا، الذي فاز بثلاثة ألقاب كبيرة توالياً بين عامي 2008 و2012 (كأس أوروبا مرتين وكأس العالم).

قد يرتدي موراتا شارة القائد، لكن رودري تطور ليصبح قائد الجيل الجديد في إسبانيا، الحريص على كتابة تاريخ جديد لمنتخب بلاده، بعد إنجازه الجيل الذهبي بين عامي 2008 و2012.

دي لا فوينتي وناغلسمان... طريقان مختلفان وأسلوبان متشابهان

المدربان دي لا فوينتي وناغلسمان

يخوض كل من لويس دي لا فوينتي مدرب منتخب إسبانيا، وجوليان ناغلسمان مدرب ألمانيا غمار كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم للمرة الأولى في مسيرتيهما، لكنهما في هذه النسخة (يورو 2024) تمكنا من إعادة الطابع التنافسي للمنتخبين اللذين ظهرا مؤخرا كأنهما عالقان في الماضي.

ووصل المدربان إلى هذه اللحظة الرائعة في توقيتين عمريين مختلفين، فعمر ناغلسمان 36 عاما فحسب، لكنه حظي بخبرة مع فرق ذات متطلبات كبيرة. ربما تعد قصته مثيرة للفضول، فقد لعب تحت إمرة توماس توخيل، وانتهى به المطاف وهو يواجهه من على مقاعد الإدارة الفنية.

بالنسبة إلى لويس دي لا فوينتي فامتدت مسيرته في الملاعب بصورة لم يحظ بها ناغلسمان، وجاءت له وهو في عمر الثالثة والستين فرصة حياته في مجال التدريب بعد أن ظل مبتعداً عن الأضواء خلال جانب كبير من مسيرته، رغم النجاحات التي حققها مع منتخبات الشباب الإسبانية.

يمثل كل منهما انعكاسا لحياة مغايرة، لكنهما يتشاركان أسلوبا واحدا (مع بعض الاختلافات بالطبع)، واليوم يتصارعان من أجل مقعد في نصف النهائي.

وتعثرت مسيرة ناغلسمان وهو لاعب بسبب إصابات الركبة، لكن توخيل منحه فرص العمل كشافا في أوغسبورغ، الفريق الألماني شبه المحترف.

أصغر مدرب

ولفت ناغلسمان الأنظار في هوفنهايم، حيث درب فريقيه تحت 16 و19 عاما حتى 2015، حين عين مدربا للفريق الأول وعمره 28 عاما فحسب، ليصبح أصغر مدرب في تاريخ كرة القدم الألمانية.

بعدئذٍ بعام قاد الفريق إلى دوري الأبطال ليصبح أصغر مدرب في تاريخ المسابقة، ثم انتقل في 2019 إلى لايبزيغ، الذي كان بمنزلة منصة قفز أوصلته إلى بايرن ميونيخ في 2021 الذي سدد 25 مليون يورو للتعاقد معه، وظل هناك حتى 2023 ليرحل بعد سلسلة من النتائج السيئة.

بعدئذٍ وقع ناغلسمان عقدا لتدريب المنتخب الألماني حتى 31 يوليو 2024 بهدف الظفر بلقب نسخة اليورو التي تنظمها ألمانيا.

قصة بلا دراما

بالنسبة إلى قصة دي لا فوينتي، فهي تخلو من كل هذه الدراما، فبعد أن أنهى مسيرته كلاعب احتل الرواق الأيسر، لم يحظ بفرص لتدريب أندية كبيرة، مع أنه لعب لفرق مثل أتلتيك بلباو وإشبيلية.

حين جاء عام 2013 بدأ مسيرته التدريبية في القطاعات الصغرى للمنتخب الإسباني وأصبح رجلا موثوقا من قبل الاتحاد بسبب نتائجه الجيدة.

وإن أُجريت مقارنة بين المدربين، فعلى الرغم من هذا الفارق الرهيب في الوصول إلى هذه اللحظة الفارقة بالنسبة إلى المدربين، وأيضًا مسألة الفارق العمري، فثمة أمور كثيرة تجمعهما كروياً.

يبدأ المدربان المباريات بشكل مجنون، عبر ضغط خانق على الخصم. ويريد كلا المدربين الاستحواذ، لكن ليس الاستحواذ في أي مكان وبأي طريقة، إنما عبر معرفة ماهية المكان الذي سيوصلون إليه الكرة لإلحاق الضرر بالخصم، والتمكن من توليد الأفضلية عبر الجناحين، والتسجيل كلما سنحت الفرص.

لهذا، صار فريق كل منهما أكثر فاعلية مما كان عليه منذ سنوات.