لا يمكن الركون بالكلية إلى توصيات البعض حول قراءة كتب بعينها، وذلك بسبب عوامل عديدة تؤثر في قبول الشخص كتاباً ما أو عدم قبوله، ومن هذه العوامل خلفيته الثقافية أو القرائية التي تحدد مستوى ما يقرؤه، وأمزجة القراءة وأذواقها التي تختلف وتتنوع بعدد القرّاء أنفسهم، وكما قيل في البضائع والسلع (لولا الأذواق لبارت السلع)، وذلك- من ثَمَّ- ما يحدد صلاحية أو عدم صلاحية نوعية معينة من الكتب له.

لذا نجد أن أغلب نوعيات الكتب تجد لها سوقًا رائجة بنسب متفاوتة، مع تأثر الناس بتيارات معينة تدفع نحو ابتياع كتب أو روايات بعينها قد يكون السبب فيها الإثارة المتعمدة أو الكتابة المكثفة عنها قد يكون بعضها لأسباب تسويقية بحتة، ولا يمكن بالطبع إغفال كون بعض هذه الكتب الرائجة جميلة بالفعل وتستحق الشهرة التي تحققها، لكن حتى الكتب المشهورة قد لا تصلح لجميع القراء، شخصيًّا لا أزال أتذكر شرائي بعض الكتب في أيام شبابي ليس لسبب إلا لأنني وجدت كثيرين يتحدثون عنها، لكنني لم أتمكن من إكمال قراءتها بعد شرائها، ولا يزال الغبار سافيًا عليها من عقود من الزمن.

Ad

ولا يمكن لأحد أن يجبر أحدًا على شراء أو قراءة كتاب ما، أو أن يجعل من نفسه وصيًّا على الناس فيوجههم لقراءة كتب معينة، خاصة في العالم المفتوح اليوم، الذي يستطيع أي شخص أن يطلع على ما يحبه ويترك ما لا يرغب فيه.

وأحيانًا تأتي الوصاية من بعض النقاد الذين إن وثقنا بأذواقهم وآرائهم حول الكتب فإنهم لا يحق لهم الوصاية على جمهور القراء الذين تتفاوت مستوياتهم الثقافية وأذواقهم القرائية، ومن ثَم لا يمكن التعامل معهم على قدم المساواة وكأنهم نسخة مكررة بعضهم من بعض، أو كأنهم نسخ من الناقد نفسه، وتبقى آراؤهم وآراء الآخرين في حدود التوصيات التي تؤخذ وترد، لا أن تفرض على الناس تحت أي مبرر.