كشف مصدر إسرائيلي رسمي أن الدولة العبرية وحركة حماس أوشكتا أن تتوصلا إلى اتفاق إطاري يضمن وقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين بالقطاع، قبل ساعات من عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعا لمجلس الوزراء الأمني لإجراء مشاورات وبحث المستجدات، والرد على رد الحركة الفلسطينية الذي سلمته للوسطاء، أمس الأول، بشأن مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن المعدل لإبرام الصفقة.
ونقلت شبكة سي إن إن أمس، عن المسؤول الإسرائيلي المطلع على المفاوضات غير المباشرة التي تتوسط فيها الولايات المتحدة ومصر وقطر، أن المسؤولين الإسرائيليين «يعتقدون أن رد حماس الأخير سيمكّن الطرفين من الدخول في مفاوضات مفصّلة للتوصل إلى اتفاق لوقف النار».
وذكر متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية أن هناك مراجعة مع مصر وقطر لرد «حماس» على المقترح الذي تم تعديله أخيراً عبر إدخال صياغات جديدة على بعض بنوده التي طرحت أواخر مايو الماضي.
وفي حين لا يزال التوصل إلى اتفاق غير مضمون، حيث يتعين على نتنياهو إعطاء «الضوء الأخضر» أولاً لفريق التفاوض من أجل الدخول في المرحلة التالية من المفاوضات، كما من المرجح أن تستغرق المفاوضات عدة أسابيع للتوافق بشأن تفاصيل الاتفاق المحتمل، أكد وزير الدفاع يوآف غالانت لعائلات الأسرى «أننا أقرب من أي وقت مضى من إبرام صفقة تبادل».
وبينما شدد مصدر إسرائيلي آخر على أن «حماس» تخلت عن شرط وقف إطلاق النار الشامل في المرحلة الأولى من الصفقة، واصفاً الخطوط العريضة لرد الحركة بأنها إيجابية، اتهمت أوساط أمنية وسياسية نتنياهو بمحاولة عرقلة ومقاومة إبرام الصفقة التي تلوح بالأفق عبر انتهاج سلوك سياسي غير مسؤول.
وتحدثت «يديعوت أحرونوت» عن انفجار غضب في المستوى الأمني بسبب تعليقات سياسية مضادة للصفقة المحتملة من نتنياهو وأعضاء حكومته اليمينية المتشددة، بينها كلام وزير المالية بتسلئيل سموتريش، الذي رأى أن الوقت ليس مناسباً للتخلي عن الضغط العسكري على «حماس».
وفي وقت أغلق معارضون للحكومة، طريقاً سريعاً قرب تل أبيب في تظاهرة مطالبة بانتخابات مبكرة وابرام صفقة تبادل فورية، رأى الوزير السابق في مجلس الحرب عضو «الكنيست» الحالي غادي آيزنكوت أن بلده في «نقطة تعتبر الأقرب إلى صفقة تبادل»، منذ بدء حرب غزة في السابع من أكتوبر الماضي، لكنه شكك في أن يرتقي نتنياهو إلى «المستوى الاستراتيجي بالقيادة» للموافقة على الاتفاق.
على الجهة المقابلة، أوضح مصدر في «حماس» أن رد الحركة يتمسك ببند وقف الحرب، مؤكداً أن الأفكار التي بحثتها الحركة مع الوسطاء تُعبر عن موقفها الإيجابي باتجاه وقف العدوان.
وأصدرت «حماس» بياناً، أمس الأول، جاء فيه أنها «تعاملت بروح إيجابية مع فحوى المداولات الجارية»، وأن رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية أجرى اتصالات مع الوسطاء القطريين والمصريين بهدف التوصل إلى اتفاق.
ويتكون المقترح الأساسي من 3 مراحل، تستمر الأولى 6 أسابيع، وتشمل وقفاً مؤقتا لإطلاق النار، تزامناً مع إطلاق عدد من المحتجزين في غزة، مقابل إطلاق سجناء فلسطينيين.
كما تتضمن إدخال المساعدات إلى القطاع، وعودة النازحين إلى مناطقهم وبما يشمل شمال القطاع، وهي النقطة التي كانت مثار خلاف كبير.
أما المرحلة الثانية فتتضمن تبادل جميع الأسرى وبما يشمل الجنود الإسرائيليين، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من القطاع المنكوب الذي يعاني مجاعة.
وتتضمن المرحلة الثالثة إعادة إعمار القطاع المدمر جراء الحرب وفتح المعابر.
جهود دولية
في هذه الأثناء، جدد أمير قطر تميم بن حمد، خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هامش أعمال قمة منظمة شنغهاي للتعاون في أستانا، تأكيده أنّ الدوحة تسعى إلى إنهاء حرب غزة من خلال التفاوض وعودة المحتجزين في أسرع وقت.
وأضاف أنه من غير المقبول ألا تكون هناك دولة فلسطينية على حدود عام 1967. كما بحث تميم مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جهود وقف الاعتداءات على غزة ومنع امتداد الحرب إلى جنوب لبنان على هامش القمة التي أعربت في بيانها الختامي أمس، عن قلقها العميق إزاء «تدهور الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي» ودانت «الأعمال التي أدت إلى سقوط العديد من الضحايا المدنيين والوضع الإنساني الكارثي في غزة».
في موازاة ذلك، بحث وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، مع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، تطورات غزة والجهود المبذولة بشأنها.
وجاء ذلك عقب مناقشة بن فرحان مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، آخر المستجدات بالمنطقة، وعلى رأسها الموقف في القطاع الفلسطيني والسودان.
ميدانياً، أقر الجيش الإسرائيلي بمقتل ضابطين اثنين برتبة نقيب من قادة كتيبة روتم بلواء جفعاتي في معارك شمال القطاع، مشيراً إلى أن أحدهما قائد في اللواء السابع مدرعات، ولقي مصرعه في اشتباكات بالشجاعية.
وأفادت السلطات الصحية في غزة بأن عدد الفلسطينيين الذين قتلوا منذ اندلاع الحرب تجاوز 38 ألف شخص، بينما بلغ عدد المصابين 87 ألفاً و445.
وبينت أن الغارات الإسرائيلية قتلت 58 فلسطينياً خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وأتى ذلك في وقت سلط تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الضوء على مخاطر انتشار الفوضى بالقطاع، في ظل استمرار الحرب للشهر التاسع على التوالي، إذ أصبحت شرطة «حماس» «غائبة أو بلا قوة» لمواجهة جرائم مثل السرقة والقتل.