رُفِعَ الأذانُ فسال صوتُ بلالِ

عذبًا نقيًّا طيِّبَ الإهلالِ

هو ذلك الحبشيُّ أسلمَ راغبًا
Ad


في الحقِّ، رغم القمعِ والإذلالِ

(أحدٌ أحدْ) كانت مقولةَ صابرٍ

قد عُدَّ في الأفذاذِ والأبطالِ

عبدٌ بسيطٌ صادقٌ بعزيمةٍ

جعلته مُعجزةً مدى الأجيالِ

سمع البلالُ عن النبيِّ ودينه

وعن الكتابِ الحقِّ والأمثالِ

فتوجَّه المولى الرقيقُ لأجل أن

يحظى بدينِ تَحطُّمِ الأغلالِ

مُذ أعلن الإسلامَ صار بمحنةٍ

تحتَ القيودِ وشِدةِ الأهوالِ

هي صخرةٌ وُضعتْ على صدرِ الفتى

بظهيرةِ الرمضاءِ فوق رمالِ

يتكررُ البطشُ الرهيبُ لعلهُ

قد يهجرُ الإسلامَ بالأقوالِ

لكنه ذاك الشجاعُ فلم يهنْ

وتحمَّلَ الآلامَ مثلَ جبالِ

درسٌ بليغٌ صاغَه لمن ابتغى

وجهَ الإلهِ الواحدِ المتعالي

حتى أتى الصدِّيقُ يُنهي أسرَهُ

من بعد طولِ تعرُّضٍ لنَكالِ

فرح النبيُّ به وأكرمَ صوتَهُ

بأذانه لصلاتهِ بجمالِ

صوتٌ رخيمٌ صادحٌ بمشاعرٍ

فيها تجلَّتْ روعةُ الإقبالِ

دار الزمانُ، إذا أُميةُ قد غدا

في جيش كفرٍ خارجٍ لنِزالِ

وتلاحمتْ نصلُ السيوفِ بصولةٍ

في بدرٍ الكبرى، أعزُّ قتالِ

حتى إذا لمَحَ البلالُ عدوَّهُ

فانقضَّ يُنهي عيشةَ المُختالِ

ومضتْ سنونَ مع النبيِّ بصُحبةٍ

فيها تعلَّمَ منه خيرَ خصالِ

في فتح مكةَ يدخل الإسلامُ منـ

ـتصرًا بخير كتيبةٍ ورجالِ

لا (لاتُ) لا (عُزَّى) ولا (هُبلٌ) إذًا

قد جاء نورُ الله بالإجلالِ

دخل الرسولُ مع المؤذنِ كعبةً

طهُرت من الأزلامِ والأسمالِ

من فوقِ بيتِ اللهِ في أم القُرى

صدحَ الأذانُ مُجلجلًا بعوالي

يا للزمانِ وللمكانِ! ونورُهُ

يسمو وفي الآفاقِ عالٍ عالِ

بقيَ البلالُ مع النبيِّ مصاحبًا

شهِد المشاهدَ كلَّها بفعالِ

حتى وفاةِ نبيِّنا وحبيبنا

فاختارَ أن يسعى لخيرِ منالِ

ترَكَ الأذانَ تألُّمًا لوفاتهِ

وقضى بأرضِ الشامِ بعد رحالِ

صلى عليك الله يا نورَ الهدى

يا سيدَ الأخلاقِ في الآجالِ

والآلِ والصحبِ الكرامِ فإنهم

لبُّوا نداءَ الحقِّ بالأفعالِ