لم يكن من المستغرب لجوء وزارة الكهرباء إلى القطع المبرمج لحماية المنظومة الكهربائية من الانهيار، فهو إجراء مهني يجب توجيه رسالة شكر لكل الجهود المخلصة التي يبذلها أبناء وبنات وزارة الكهرباء وتفانيهم في عملهم بعد أن واصلوا الليل بالنهار رغم الظروف الصعبة المحفوفة بالمخاطر وتحملهم مسؤولية تبعات انقطاع التيار الكهربائي.
سأتجاوز عن الحملات المتكررة التي تقوم بها الوزارة في توجيه الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمواطنين والمقيمين نحو ترشيد استهلاك الكهرباء، لكن المشكلة في الحلول التي يطرحها، فبعضها لا يحاكي الظروف المناخية وواقع الحالة المادية للكثير من المواطنين أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة.
من هذه الأفكار غير المدروسة الدعوة إلى تطبيق نظام الشرائح الذي يصعب تطبيقه على أرض الواقع إذا ما نظرنا إلى مسطحات البناء في السكن الخاص التي تزيد على 1000 متر مربع وهو أمر يحول دون إمكانية تخفيض استهلاك الكهرباء، حيث ستكون نتائجه في الحدود الدنيا خصوصا عند ارتفاع درجات الحرارة وطول موسم الصيف، ومع ذلك تظل المطالبة بترشيد استهلاك الكهرباء مسؤولية وطنية أخلاقية كاستخدام نظم إنارة توفير الطاقة والتحكم بدرجات التكييف وعدم استخدام الأجهزة الكهربائية غير الضرورية في أوقات الذروة.
هناك الكثير من الدول تبنت مشاريع الطاقات المتجددة، بل إنها شجعت الأفراد على الاستثمار فيها، لذلك لا بد من إيجاد سياسة تشجيعية من خلال عقد شراكات مع القطاع الخاص، والتأكيد على ضرورة توطين هذه الصناعة وتطويرها بما يتناسب وحالة الطقس في الكويت والذي يتميز بارتفاع درجات الحرارة والغبار.
من الواضح أن قدرة وزارة الكهرباء على تلبية احتياجات الدولة من الكهرباء قد تكون أحد أهم التحديات التي تواجهها بعد التوسع في سياسة توزيع مناطق سكنية الجديدة، والزيادة الكبيرة في عدد السكان، وفي ظل نية الحكومة بإطلاق الكثير من المشاريع التنموية التي تتطلب رؤية وآليات واضحة في كيفية مواكبة هذا الاحتياج المتزايد.
من الحلول التي يمكن أن تشكل فارقاً في تقليل الأحمال على شبكات الكهرباء إصدار تشريعات ملزمة على المجمعات التجارية والصناعية والمزارع بتركيب شبكات للطاقة الشمسية لتزويدها بالطاقة بما لا يقل عن 40% من حاجتها الفعلية، وكذلك تفعل مع البيوت الجديدة بتخصيص قرض بلا فوائد يضاف للقرض الإسكاني من خمسة إلى عشرة آلاف دينار على أن تكون القدرة الإنتاجية للطاقة بحدود 30% من الحجم الإجمالي للأحمال الكهربائية المتوقعة للمنزل.
وليكون هذا المقترح قابلاً للتطبيق على وزارة الكهرباء أن تقوم بتأهيل مجموعة الشركات وفق اشتراطات تضمن جودة الخدمات وكفاءتها وصيانتها بعقود طويلة الأجل، ومن المواضيع المثيرة للجدل أيضاً، والتي قد تأتي بنتائج سلبية على الاقتصاد موضوع رفع الدعم عن البيت الثاني دون إدراك لحقيقة أن هذا التوجه سيؤدي إلى انهيار سوق العقارات والذي ستكون تبعاته كبيرة على البنوك والاقتصاد الوطني، فلو كان هذا الحل يسمح بالسيطرة على زيادة استهلاك الطاقة لعملت على تطبيقه الدول المتقدمة.
قد يقول قائل انظر إلى الدول المتقدمة التي تقوم ببيع الكهرباء بأعلى من أسعار التكلفة، نقول نعم صحيح لكن انظر بالمقابل إلى مساحة المسكن وقارنها معنا، ثم انظر إلى طبيعة المناخ عندهم وإلى كيفية معالجتهم للتضخم، ناهيك عن تبنيها المشاريع التي تهدف إلى تحسين العزل الحراري في المساكن القديمة والشروط التي تضعها عند بناء المساكن الجديدة.
في المقابل قد تكون الدولة تأخرت في تنفيذ المشاريع المرتبطة بالطاقة لكنها حتماً تدرك حجم المسؤولية التي تقع على عاتقها، فهناك الكثير من الحلول البديلة التي يمكن تنفيذها نحو توفير احتياجات الدولة من الطاقة، وإن بعضها يوفر ملايين الدنانير، ويخلق فرص عمل جديدة، ويساعد في تحقيق موارد مالية موازية.
ودمتم سالمين.