امتلأت وسائل التواصل بالتعقيبات المختلفة على لقاء وزير المالية، وأغلبها لم يحالفه الصواب.
أولاً: شكّكت بعض التعقيبات في حقيقة عجز الميزانية، وادّعت أن طريقة حساب الدخل النفطي غير صحيحة، وزعمت أن دخل النفط أعلى من تقدير وزارة المالية، وهذا الادعاء يخالف ما دأبت عليه الحكومة في حساب الدخل النفطي، الذي يقوم به كويتيون معروفون في وزارتَي المالية والنفط، ولا أجد سبباً مقنعاً يدفعهم إلى التلاعب أو تغيير الحسبة، خصوصاً أنها كانت تُقدم إلى مجلس الأمة بنفس الطريقة منذ سنوات، وأعتقد أن سبب الخلاف يعود إلى طريقة احتساب عدد أيام الإنتاج وكلفته، ولكن أرجو أن تقوم وزارة المالية بعرض تفصيلي في وسائل الإعلام لتوضيح طريقة الاحتساب الرسمية والصحيحة.
ثانياً: اعترض البعض على وضع مبلغ 70 دولاراً كقيمة تقديرية لبرميل النفط طوال سنة الميزانية، وقالوا إن السعر الحالي يزيد على هذه القيمة، ومن المعلوم أن الحكومة تضع سعراً متدنياً، لأن سعر النفط قد يرتفع وقد ينخفض، واختيار السعر المنخفض هو الأحوط.
ثالثاً: إذا ارتفع سعر برميل النفط المقدر في الميزانية، فإن العجز سيقل، وقد يتحقق فائض إذا كان الارتفاع في سعر النفط كبيراً، وقد تتعادل الميزانية إذا كان متوسط سعر البرميل 90 دولاراً على مدار السنة.
وكذلك إذا انخفضت المصروفات (المقدرة في الميزانية بـ 24.5 ملياراً) تراجع العجز، وإذا كان انخفاض المصروفات كبيراً فقد يتحقق فائض.
وليس من المتوقع أن تنخفض المصروفات، لأنّ معظمها ثابت، وهي الرواتب والدعوم التي تشكل وحدها 80 بالمئة من المصروفات، أما إذا انخفض سعر النفط فسيزداد العجز، وهذه مشكلة الاعتماد على مصدر وحيد للدخل.
رابعاً: أنكر بعض المعقبين العجز، لأنهم طالبوا بإدخال عوائد الصندوق السيادي في الميزانية السنوية، وهذا مطلب خطير جداً، لأن هذا الصندوق وعوائده ملك للأجيال القادمة والمستقبل وما قد يحمله من احتياجات للدولة أو أزمات، ولو أنهم رجعوا إلى قانون صندوق الأجيال القادمة وإلى أحاديث السيد عبدالرحمن العتيقي لعلموا أن هذا الصندوق وُضع لمرحلة ما بعد النفط، وأن القانون منع الحكومة من السحب منه إلا بقانون وللضرورة، وبالتالي فإن عوائده لا تدخل في الميزانية، وكان عليهم أن يطالبوا بالإصلاح الاقتصادي لخفض المصروفات وزيادة الدخل غير النفطي.
خامساً: إذا لم يرتفع سعر برميل النفط، وإذا لم يتم خفض مصروفات الميزانية، وإذا لم يتم الإصلاح الاقتصادي، فسيكون الطريق الوحيد لسد العجز، مع الأسف، هو الاقتراض أو السحب من الاحتياطي.