عساها ما تصير تيتي تيتي
عسى ألا تصبح خطة وزير المالية، كما بينها في التلفزيون الكويتي، نفخة من نفخات شريم، حديث الوزير أثار الكثير من الردود في وسائل التواصل الاجتماعي، أكثرها كان يبدي خشيته من نهج الحكومة للإصلاح الاقتصادي كأن يصيب الناس من محدودي ومتوسطي الدخول، مع أن الوزير أكد أن تصورات الحكومة لن تمس جيب المواطن! كيف «وشلون ما تصيب جيبه» الحكومة أبخص! وطبيعي أن تكون الآن في أحسن حالات البخاصة، فلا مجلس يحاسب، ولا مجلس يعرقل، وشق وخيط يا معالي الوزير كما تريد، المهم في النهاية أن تسلم الأجيال القادمة التي كان يتم استهلاك مدخراتها لسنين ممتدة على ما تبقى من ثروة الدولة المالية.
الوزير ربما كان يجس نبض الشارع - يمكن ويجوز شرعاً - مع أن الشارع ملتهب أصولياً لتغيير أسماء الشوارع، أو ربما يجهز الدواء قبل «الفلعة»، إلا أنه في كل الأحوال لم يقدم حلولاً محددة لتعمل بها الحكومة، إنما تكلم بصيغة عامة مكررة في أدبيات وصيغ قديمة عن تنويع مصادر الدخل، مثل تحويل فيلكا لتصير بهاما وهاواي الخليج، وحث القطاع الخاص الداخلي «والخارجي» على المساهمة في حل الأزمة بتوظيف القادمين لسوق العمل.
أرقام مخيفة ومعروفة من زمان، وكان يا ما كان، لكن يسجل للوزير هذه المرة أنه تكلم عنها بصراحة، حاول أن ينبه خلق الله عن مأزق الدولة المالي، فهناك عجوزات فلكية وصلت إلى 33 مليار دينار خلال السنوات العشر الماضية! أين كانت الحكومات ومجالس الأمة السابقة من تلك الأرقام...؟ لم تكن من أولويات مجالس «نمى إلى علمي»، ولم تكترث لها حكومات الترضيات وترقيع الأمور، ودعنا نكمل إجازة الاقتصاد، والآن علينا – ليس علينا، فنحن لسنا أصحاب القرار، إنما عليهم (هم تأكيداً) تلاحق ما فات مادام بيدهم الخيط والمخيط، وهم يفصلون والناس تلبس في النهاية.
لم يتحدث الوزير عن الضرائب، فلا توجد دولة سنعة من غير ضريبة، لكن كيف يمكن تفصيلها ومن سيتحملها، فضريبة الدخول لا يمكن أن تكون واحدة بالنسبة لإنسان محدود أو متوسط الدخل، وآخر وشركة دخلهما آلاف الدنانير، وهي دخول كونت ثروات مالية هائلة لأصحاب الحظ السعيد عبر الميراث وسياسات إن حبتك عيني، ولم يتحدث الوزير عن التعليم وضرورة الاستثمار فيه، فأفضل استثمار هو الاستثمار في العقل الإنساني، أما بالنسبة للدعوم التي يجب إعادة النظر فيها فما قاله الوزير صحيح بضرورة ترشيدها لكي لا تصيب أصحاب الدخول المتدنية، فمن غير المعقول دعم الكهرباء والتموين لأصحاب القصور والفلل والعقارات الكبيرة بمثل من يسكن في بيت صاحبه محدود الدخل أو شقة متواضعة.
سمعنا كلام الوزير اليوم، وسمعنا مثله قبل عشر سنوات بالضبط من الوزير السابق أنس الصالح، وحكومة الشيخ جابر المبارك، عن انتهاء دولة الرفاهية وشدوا الحزام... والنهاية كانت تيتي تيتي لا رحتي ولا جيتي... عسى هذه المرة تختلف النتائج.