تحت عنوان «وادي الطفشان» صدرت رواية جديدة للكاتب المصري علي الصاوي، عن دار نشر المكتبة العربية، والرواية تنتمي إلى عالم «الميثولوجيا» القديم في قالب رمزي للتعبير عن وقائع معاصرة بتناول رمزي مُتخيّل.

أراد الكاتب علي الصاوي من خلال أحدث أعماله الروائية «وادي الطفشان»، أن يكشف مُعضلة البحث اللانهائي عن الحقيقة والثمن الذي يدفعه الباحث أو المفكر في سبيل الوصول إليها والتركيز على المتشابه بين الأجيال من تباين في الشجاعة الأدبية والخوف أحياناً والرغبة في التغيير رغم بوادر العجز وخشية سوء العاقبة.

Ad

وتحمل الشخصيات الروائية في هذا العمل السردي الجديد أسماء تمزج ما بين اليونانية والفرعونية لتتناغم مع طبيعة صراع الآلهة والفلاسفة في وداي الطفشان، ولم يُحدد الكاتب المكان ولا الزمان لأحداث الرواية لإضفاء شمولية على الأحداث وأن طبائع البشر وصراعهم السرمدي يحمل نفس التفاصيل والدوافع في كل زمان ومكان.

غلاف الرواية

وناقش الرواية مجموعة من أساتذة الأدب بمنتدى ثقافتين «عرب - ترك» بجامعة السلطان محمد الفاتح بمدينة إسطنبول التي يقيم فيها الكاتب، فيما جاءت حبكة الرواية محاكاة لواقع بيئات مختلقة غير التي نعيش فيها، إلا أن بيئتها النفسية ليست غريبة عن الواقع المعاصر، الكاتب أراد محاكاة كلية لواقع ما، وامتلك في سرده للأحداث قدرة كبيرة على الوصف البياني واستطاع توظيف ما يملك من معارف تاريخية وجغرافية ودينية في عرض أوصافه وبناء مشاهده في الرواية.

الفيلسوف أسفين

جاءت شخصية الفيلسوف «أسفين» بطل الرواية قلقة ومتسائلة حول ما يحدث في الوادي من اضطرابات وصراع سياسي، مثلت شخصية «أسفين» الحاضر الذي يحاول أن يفرش الطريق لمستقبل أكثر صلاحاً وإنسانية، مقدماً نموذجاً مختلفاً عن شخصية عرّاف الجبل الذي يُمثل الماضي القديم بخوفه وتقليديته التي تؤثر السلامة على المواجهة رغم معرفته بكل شيء من حوله.

شخصية «أسفين» كانت متجردة إلا من الفكر والتأمل بعقلانية مفرطة، ما سبّب لها كثيراً من المشكلات مع دوائر النفوذ وحملة المباخر من فلاسفة موالين لكهنة الآلهة المسيطرة في الوادي.

والحوارات في الرواية مكتملة ودسمة بالدلالات والرسائل، تحمل نبوءات استشرافية قدمها «أسفين» من خلال كتاب «إله القدر» الذي يحمله معه أينما ذهب، في إشارة رمزية إلى الكتب السماوية وما بها من تعاليم ونبؤات تُحذّر الناس من عواقب أفعالهم.

أغلفة أعمال الكاتب

مخالفة التوقعات

تميّز نصّ رواية «وادي الطفشان» بأنه يخالف أفق توقعات القارئ، يدفعه ليكون شريكاً في العملية الإبداعية عبر ملء الفجوات الدرامية ومحاولة فهم الرمزية التي تحاكي واقعاً قد يكون مقارباً منه، ويتسع النص لكثير من التأويلات والإسقاطات على مجتمعات محيطة.

وقد مزج العمل بين دراما غرائبية وأسلوبية معاصرة، فرغم ميثولوجية العمل، فإن الجو النفسي للأحداث والشخصيات قريب من حاضر القارئ ويماثل شخصيات حيّة قد يشعر القارئ بالانتماء لأحدها، فيما يستثير النص كل حواس القارئ النفسية والذهنية لفهم مرامي العمل ورؤيته الفنية.

الرؤى السردية في الرواية متعددة بين القطع المفاجئ والمشهد المريح والوصف الدقيق، فرواية «وادي الطفشان» رؤية غير مألوفة وتناول حداثي تراثي يحمل رؤى ذات أبعاد فلسفية وسياسية تشم رائحتها من عتبات النص.

وصدر للروائي والكاتب الصحافي علي الصاوي في وقت سابق أربعة أعمال أدبية، «ترانيم محب» وهي مجموعة قصصية فكرية تتناول قضايا إنسانية معاصرة، وكتاب «صرخة قلم» وهو مجموعة مقالات في الأدب السياسي، ورواية «إسطنبول 2020... رواية بين دولتين»، ورواية «عرايا في إسطنبول» التي أحدثت ضجة كبيرة كونها تتماس مع واقع المعارضة المصرية في تركيا وكشف حقائق كثيرة عن جماعات الإسلام السياسي على صعيد الفكر والسياسة.