بدأت عجلة التحقيق لكشف الشهادات المزورة، ودقت معها ساعة حساب أصحابها، وكلنا أمل ورجاء أن تتواصل بلا توقف أو عراقيل، إلى أن يتم استئصال هذا الورم الفاسد الخبيث الذي أضر بالبلاد والعباد، وحتى تسقط رؤوس قد حان قطافها بعد أن عاثت فساداً في كل مفاصل الدولة.

ستفاجأ لجان التحقيق بأعداد المزورين، وبحجم المبالغ التي استولوا عليها لسنوات طوال من دون وجه حق، ومن الأسماء اللامعة لبعض حَمَلتِها، ومن أهمية المناصب التي تقلدوها واستفادوا منها مادياً واجتماعياً وسياسياً منذ سنة 2000، بل وما قبلها بعقود، فمنهم مَن تقاعد ومنهم مَن مات ومنهم مَن ينتظر أجله، تقلدوا مناصب رفيعة لا يستحقونها، ولم يكونوا مؤهلين لها.

Ad

ولكي تنجح تلك الحملة في استئصال ذلك التزوير، فلا بد من البدء من أعلى السلم الوظيفي، فالتزوير بدأ من الأعلى، استئصال بلا استثناء ولا مداراة ولا مجاملات، ولكن من المهم جداً أن تقوم حملة التحقيق بعملية أخرى وموازية لها، وهي بدء التدقيق في شهادات القياديين وأصحاب المناصب الفنية والمهمة في قطاعات النفط والطاقة والصحة، ومَن يديرون مرافق حيوية ومؤثرة على مصدر رزق الكويت وأمنها واستقرارها.

ويجب ألا يفلت من التدقيق المدرسون وأساتذة الجامعات والكليات والمعاهد ومَن في حكمهم فهم كُثر، ‏‏فأخيراً تم القبض على مواطنة عملت في إحدى كليات التعليم العالي لمدة 4 سنوات، قامت النيابة العامة بحبسها في السجن المركزي، بعد أن اعترفت بتزوير 3 شهادات، وهي: البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، وحصلت مقابل تلك المدة القصيرة على 117 ألف دينار، فما فعلته هذه المزورة فعله مثلها كثيرون، إنهم كثيرون، لكنهم كرأس جبل الجليد، المخفي منه أعظم.

مَن مارسوا التعليم تحديداً بلا علم ولا مقدرة ارتكبوا جرائم في حق الكويت وأهلها، فقد استولوا على المال العام، أما الجريمة الأعظم، التي من الصعب تجاوزها أو التعافي منها، فهي مخرجات هؤلاء المزورين التعليمية المتدنية التي تسربت إلى كل مفاصل الدولة على مدى سنوات طويلة، سنوات تسبق سنة 2000 بكثير.

الشهادات المزورة ليست بالعشرات ولا بالمئات، بل بعشرات الآلاف، التحقيق فيها لن يكون سهلاً، ولكن من الأيسر والأسرع أن تبدأ العملية من الأعلى ومن الأهم منصباً، ونحن هنا نشد على يد الوزير د. عادل العدواني لبدئه كشف الشهادات المزورة، ونثني على تصريحه حين شدد على «عدم السماح لغير المؤهلين من التحصّل على فرص مستحقة لغيرهم، لضمان الحفاظ على نزاهة وجودة العمل والإنتاجية، مما يؤثر إيجاباً في سوق العمل والاقتصاد الوطني».

تزوير الشهادات هو تزوير لكل شيء في الكويت، التزوير كلّف ميزانية الكويت مئات الملايين، وقهقر تقدمها العلمي والتنموي وحتى الحضاري، بسبب ضحالة أصحابها العلمية، ولهَضمهم حقوق المستحقين للمناصب التي سرقوها منهم.