تدخل حرب غزة التي حصدت أرواح 38153 فلسطينيا حتى الآن، شهرها العاشر اليوم، فيما تتكثف جهود الوساطة الدبلوماسية التي تستضيفها القاهرة والدوحة لسد الثغرات بشأن خطة الرئيس الأميركي جو بايدن المعدلة لإبرام صفقة تبادل أسرى ومحتجزين بين «حماس» وإسرائيل، وإقرار هدنة مؤقتة قد تفضي إلى وقف شامل لإطلاق النار وإنهاء القتال المستمر منذ 9 أشهر.
وأفادت تقارير مصرية بأن القاهرة ستستضيف خلال الأسبوع الجاري وفوداً إسرائيلية وأميركية لبحث النقاط العالقة في الاتفاق المرتقب للتهدئة، ونقلت عن مصدر رفيع المستوى قوله إن «مصر تجري اتصالات مع حماس في إطار جهودها لإنجاز الاتفاق».
وأكد المصدر أن مصر ستعقد لقاءات مكثفة مع كل الأطراف لدراسة النقاط العالقة ومعالجتها.
في موازاة ذلك، ذكر مصدر مطلع لـ «رويترز» أن مدير المخابرات المركزية الأميركية (CIA) وليام بيرنز سيسافر إلى قطر للقاء رئيس الوزراء محمد عبدالرحمن، ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل، ورئيس «الموساد» الإسرائيلي ديفيد برنياع، من أجل دفع الاتفاق خلال جولة جديدة من المفاوضات.
وقال المصدر إن المناقشات ستركز على التوصل لحل بخصوص مطلب «حماس» بأن تقوم الولايات المتحدة وإسرائيل وقطر ومصر بتقديم ضمان مكتوب لوقف إطلاق نار مؤقت وتوصيل المساعدات وانسحاب القوات الإسرائيلية إذا استمرت المحادثات غير المباشرة بخصوص تطبيق المرحلة الثانية من الخطة.
انتظار «حماس»
في هذه الأثناء، قال مسؤولان بـ «حماس»، إن الحركة الإسلامية تنتظر رداً إسرائيلياً على اقتراحها لوقف إطلاق النار، وذلك بعد 5 أيام من قبولها جزءاً رئيسياً من خطة بايدن الرامية لإنهاء العدوان. وذكر أحد مسؤولي الحركة لـ «رويترز»: «ردنا لدى الوسطاء، وننتظر سماع رد الاحتلال». وأفاد مسؤول فلسطيني آخر، مطّلع على المداولات الجارية بشأن وقف إطلاق النار، بأن هناك محادثات مع إسرائيل عبر وسطاء قطريين. وقال المسؤول: «ناقشوهم في رد حماس ووعدوهم أن يعودوا بردّ خلال أيام».
وغداة كشف مصدر مطلع لـ «الجريدة» أن رئيس الائتلاف اليميني المتشدد الحاكم في الدولة العبرية، بنيامين نتنياهو، طلب من زعيم المعارضة يائير لابيد والوزير السابق بحكومة الحرب السياسي الوسطي بيني غانتس تأمين شبكة أمان برلمانية لإبرام الصفقة المحتملة في حال أقدم الوزيران المتطرفان إتماير بن غفير وبتسلئيل سموتريتش على الاستقالة بهدف تفكيك الحكومة، شهدت عدة مدن إسرائيلية رئيسية احتجاجات واسعة تحت شعار «يوم التشويش» لمحاصرة منازل وزراء وأعضاء «كنيست»، بهدف الضغط باتجاه إتمام اتفاق «إنقاذ الرهائن» وإجراء انتخابات جديدة.
وظهرت اختلافات واضحة بإسرائيل بشأن الصفقة التي يتم التفاوض بشأنها، بين تيارين، أولهما المؤسسة العسكرية التي تدفع باتجاه إتمام الاتفاق ودفع الثمن المطلوب لذلك، مثل وقف الحرب، أو تغيير شكلها، والانسحاب من غزة، في مقابل تيار يميني متشدد يرفض «دفع ثمن جدّي» لتبادل الأسرى، مثل وقف إطلاق نار تام ومعلن «دون القضاء على حماس».
وأتت الاحتجاجات التي تحاصر وزراء حكومة نتنياهو وأعضاء «الكنيست» بالتزامن مع اعتراض النيابة العامة على طلب نتنياهو تأجيل إفادته في إطار محاكمته بمخالفات فساد خطيرة إلى مارس من العام المقبل.
وجاء ذلك في وقت حذّر زعيم المعارضة الإسرائيلية من عدم جاهزية الجيش لخوض الحروب الطويلة، داعياً إلى وقف الحرب وإعادة الأسرى.
تمدد الصراع
في موازاة ذلك، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إسرائيل إلى التخلي عن نيتها نشر الصراع بالمنطقة، مطالبا الدول الغربية، لا سيما الولايات المتحدة، بأن تتخلى عن دعمها. وتوقع أردوغان أن يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أي وقت.
ميدانياً، ذكر مسؤولون فلسطينيون أن 16 شخصاً قُتلوا في غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تابعة لوكالة أونروا كانت تؤوي آلاف النازحين بمخيم النصيرات للاجئين وسط غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه نفّذ غارات جوية عدة على من وصفهم بـ «إرهابيين يعملون في مبانٍ تقع في منطقة مدرسة الجاعوني»، لكنّ «حماس» نفت وجود أي عناصر لها بالمقر التابع للأمم المتحدة.
وبينما وردت تقارير تفيد بمقتل 10 أشخاص في غارة جوية منفصلة على منزل بالمخيم، خاضت عناصر حركتَي حماس والجهاد مواجهات مع قوات الجيش الإسرائيلي المتوغلة في عدة محاور، أبرزها الشجاعية ورفح ونتساريم.
وتسببت مجزرة النصيرات في موجة إدانات عربية ودولية، إذ ندد الأردن ومصر باستمرار إسرائيل في ارتكاب جرائم الحرب والإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين واستهداف مراكز الإيواء.
على جبهة أخرى، قرر الجيش الإسرائيلي تصعيد عملياته العسكرية والاغتيالات ضد عناصر التنظيمات الفلسطينيية في الضفة الغربية المحتلة، بادعاء محاربة استخدام الألغام والعبوات الناسفة التي تستهدف قواته أثناء اقتحامها المدن الفلسطينية ومخيمات اللاجئين. وأوعز جيش الاحتلال باستخدام ناقلات جند مدرعة بالضفة الغربية، لأول مرة منذ انتفاضة القدس والأقصى، وزيادة استخدام آليات ثقيلة، مثل جرافات «D9» ومنع إدخال أسمدة زراعية إلى المنطقة المحتلة لتفادي استخدامها في العبوات الناسفة التي تضرب آلياته.
وأمس، ارتفع عدد المعتقلين الفلسطينيين بالضفة إلى 9 آلاف و550 منذ هجوم «طوفان الأقصى» الذي شنّته «حماس» في 7 أكتوبر الماضي، وذلك بعد اعتقال الجيش الإسرائيلي 15 فلسطينياً في عدة محافظات.