أكد مصدر في مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي، أن المرشد منح رئيس الجمهورية الجديد مسعود بزشكيان، الضوء الأخضر لإبرام تفاهم مع الولايات المتحدة لحل الخلافات المتشعبة بعدة ملفات في مقدمتها البرنامج النووي، والاضطرابات الإقليمية الموازية لحرب غزة، «إذا كان ذلك سيسهم في حل مشاكل الإيرانيين ويرفع العقوبات المفروضة على طهران».

وكشف مصدر مطلع لـ «الجريدة»، أن خامنئي استغل أول لقاء يجمعه ببزشكيان، عقب انتخابه خلفاً للرئيس الأصولي الراحل إبراهيم رئيسي، أمس الأول، ليحذره من أنه غير مطمئن للجانب الأميركي ونواياه، واعتبر أن المشكلة برأيه تكمن في الوضع الداخلي غير المستقر بالولايات المتحدة، إذ باتت الحكومة الحالية «بطة عرجاء» لا يمكنها أن تتحرك وتتخذ أي خطوة دون التخوف من تأثيرها على نتيجة الانتخابات الرئاسية المقبلة.

Ad

وأوضح أن لقاء المرشد مع الرئيس المنتخب تناول موضوع اللقاء، الذي عُقد بين مندوب عن بزشكيان والأميركيين، في سلطنة عمان قبل انتخابه الأسبوع الماضي، إذ أبلغ الجانب الأميركي الإيرانيين أنه يحتاج إلى بضعة أيام لتحضير نفسه ودراسة الحكومة المقبلة قبل الرد عليهم.

وذكر أن المرشد شدد لبزشكيان على أنه يجب عليه أن يقوم بالتركيز على تقوية العلاقات مع الشرق ودول الجوار، وينتظر استقرار الوضع السياسي في الداخل الأميركي، ولا يقوم بالتعويل على المفاوضات معهم كثيراً.

وذكر أن خامنئي أمر بتسليم ملفات سرية للغاية عن المفاوضات بين الإيرانيين والأميركيين وباقي دول العالم لبزشكيان، وطلب منه مراجعتها بدقة كي لا يخرج بوعود جماهيرية لا يمكن إنجازها.

ولفت إلى أن المرشد ذكر لبزشكيان أنه لم يكن ليصل إلى منصبه لولا دعمه الشخصي له، وهو ما قبله الأخير بتأكيد الولاء التام للمرشد ومطالبته له بدعمه ومساعدته، خصوصاً في ملف تشكيل الحكومة الجديدة، ومعضلة حصولها على ثقة البرلمان الخاضع لهيمنة التيار الأصولي المتشدد، الذي مُني بخسارة كبيرة خلال الانتخابات.

وبين أن خامنئي استدعى سعيد جليلي ممثل التيار المتشدد الذي نافس بزشكيان في جولة الإعادة إلى اللقاء، بهدف تصفية الأجواء، وحث القيادي الأصولي الخاسر على عدم عرقلة الحكومة المقبلة، وطالبه وحلفاءه بدعمها.

وبحسب المصدر، فإن المرشد طلب من بزشكيان أن يختار أعضاء حكومته من الشخصيات التي تُعرف باحتفاظها بأقل قدر ممكن من الخلافات مع الاتجاهات السياسية المختلفة، لتفادي إدخال البلاد في «دوامة صدامات بين الوزراء والنواب» خلال السنوات الأربع لولايته.

من جهته، شدد بزشكيان للمرشد على أن أساس رؤيته للعلاقات الخارجية هو تقوية علاقات الجمهورية الإسلامية مع دول الشرق ودول المنطقة واستثمارها في مسار التفاوض مع القوى الغربية، خصوصاً بعد أن أبلغه المشرف على الحكومة الإيرانية الانتقالية محمد مخبر أن القوى العربية الفاعلة مستعدة للعب دور إيجابي، عبر مجموعات الضغط التابعة لها في الولايات المتحدة وغيرها من البلدان الأوروبية، للمساعدة في حل الخلافات بين الجانبين.

وطمأن بزشكيان خامنئي أن رؤيته لـ«جبهة المقاومة» تنبع من أن إيران تكتسب مكانتها الدولية عبرها، مؤكداً في الوقت ذاته أن حكومته المقبلة لن تبخل بأي جهود لمساعدة الشعب الفلسطيني ودعم قضيته.

واختتم المصدر تصريحاته بالإشارة إلى أن بزشكيان استعرض خططه المستقبلية لإدارة البلاد مع جليلي، وأطلعه على عزمه تشكيل «حكومة خبراء» لا ترتبط بالاتجاهات السياسية لحل مشاكل البلاد المتفاقمة، وهو ما رحب به الأخير.