فقدت الساحة الأدبية الكويتية أحد أبرز مبدعيها في صياغة الكلمة ونسج المفردات الشعرية ضمن قوالب رصينة، وهو شاعر الكويت يعقوب يوسف السبيعي، الذي وافته المنية اليوم عن عمر يناهز 79 عاماً بعد معاناة مع المرض.

اشتهر السبيعي، من خلال نتاجه الشعري، بالجنوح نحو الحب والعشق، فتارة يكتب للوطن وأخرى للحبيبة، ومرة يخاطب الطبيعة، لكن ضمن إطار الفكرة ذاتها، فالود والمحبة والعشق، ومثل هذه المفردات ومرادفاتها هي التي تنضح على سطح قصيدته وتستقر في محتواها.

Ad

الشاعر الراحل مع خالد رمضان ومنى الشافعي برابطة الأدباء

و«كلنا للكويت والكويت لنا»، تعد الأغنية الأكثر انتشاراً، وهي التي يلهج بها الكويتيون دائماً وأبداً.

شغف الشعر

وُلد الراحل في حي المرقاب عام 1945، وتلقى تعليمه بمدارس الكويت، وخلال مرحلة الثانوية انكبّ على القراءة والمطالعة، ونهل من كتب مكتبة ثانوية الشويخ الكثير من العلم والمعرفة، وكان شغف الشعر واضحاً منذ بواكير حياته، وعمل الراحل في ميادين كثيرة، منها وزارة الداخلية، وجامعة الكويت، والمجلس الوطني.

ومن دواوينه، «السقوط إلى الأعلى»، و«مسافات الروح»، و«الصمت مزرعة الظنون» و«إضاءات الشيب الأسود»، كما أن له قصائد أخرى منشورة في مطبوعات كثيرة لم يجمعها كتاب.

وللراحل قصائد مُغناة كثيرة، منها أوبريت بعنوان «حديث الشهور السبعة»، وكذلك «حبيبتي»، و«عرس الخليج»، و«بحر الأماني»، و«فرحة أعيادي»، و«إطلالة الصباح»، و«عصفورة ووردة»، و«مسافات المحبة»، وغيرها.

الجمال المادي والمعنوي

وتناول الأدباء والأكاديميون في الكويت شعر الراحل، وكتبوا عنه دراسات مستفيضة ومقالات منشورة في أبرز المطبوعات العربية، فقد كتب د. عبدالله القتم، عن مضامين الجمال عند السبيعي، ويقول: «يتغزل الشعراء بالجمال، المادي والمعنوي، ونواحي الجمال كثيرة تلك التي أبدع فيها الشعراء العرب فيها منذ العصر الجاهلي، ووجد الشعراء الجمال الحسي في العيون والقوام وغيرهما من أجزاء الجسم، بيد أن الجمال المعنوي يوجد في القيم والأفكار والمبادئ ذات القيم الروحية والإنسانية».

السبيعي مع المسباح والمطيري في إحدى المناسبات

وأضاف: «وجد السبيعي العشق متمثلًا في مضامين الجمال، ووجد الجمال في الوجه الحسن، والزهور، والورد... ووجده في نفسه المعبّرة عن الحب والعشق، ووصف شعوره تجاه من يحب بأروع الكلمات، وأحيانًا تضيق الكلمات عن التعبير عمّا يختلج في صدره من حب، فلا يجد إلّا الطبيعة للتعبير عما يكنه صدره».

من جانبه، يقول د. سالم خدادة، للشاعر السبيعي تجربة شعرية متميزة، بدأت ملامحها تتكشف منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، وأصدر في نهاية هذا العقد (1979) ديوانه «السقوط إلى الأعلى». ويتابع: «بعد النظر في هذه التجربة الشعرية الغنية وفي آراء من احتفى به من النقاد، بدا لي أن شعره يدور في ثلاثة حقول رئيسة تتداخل فيما بينها أحيانا، وهي: المرأة، والوطن، والزمن».

وفي عام 2010، احتفت مجلة البيان الصادرة عن رابطة الأدباء الكويتيين بالسبيعي... شاعر الزمان والمكان، كما جاء في توصيفه من قبل المجلة التي قدّمت ملفاً قرائياً خاصاً عن الشاعر وشخصيته تكريماً له، حيث تصدرت صورته الصفحة الأولى للمجلة، وتنوعت الدراسات والشهادات التي ضمّها الملف بين قراءة للدكتور عبدالله المهنا بعنوان «إيقاعات متنوعة»، ودراسة عن جماليات المكان في شعر السبيعي للدكتورة نسيمة الغيث، ودراسة عن «فلسفة الزمان في شعر السبيعي للدكتورة سعاد عبدالوهاب»، وقراءة عن دلالات العنوان في شعر السبيعي للدكتور موسى ربابعة، ودراسة عن «استيحاء التراث في ديوان.. إضاءات الشيب الأسود» للدكتور أحمد عبدالتواب عوض، ودراسة للدكتور تركي المغيض عن «جدلية الإنسان والمكان في شعر السبيعي».

الأغنية الوطنية

بدورها، نعت الأمانة العامة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، شاعر الكويت الراحل،

ونقلت الأمانة تعازي وزير الإعلام والثقافة، رئيس المجلس، عبدالرحمن المطيري والقياديين والعاملين في المجلس، لذوي الفقيد ومحبيه على هذا المصاب، سائلين المولى عز وجلّ أن يلهمهم الصبر والسلوان، وأن يتغمد الفقيد بواسع رحمته.

وقالت الأمانة، في بيانها، إن الراحل يُعد قامة ثقافية كبيرة، بإسهاماته البارزة في الحركة الثقافية بالكويت والوطن العربي، إلى جانب أعماله الرائدة في الأغنية الوطنية، وله العديد من القصائد الشعرية، التي اتّسمت بالجمال والمعاني الإنسانية الراقية، وقد دُرّست نماذج من شعره بالمناهج التعليمية.

كما نعت جمعية الفنانين الكويتيين الراحل، وقالت عنه: «رحل السبيعي بعد مسيرة شعرية حافلة بالإبداع والعطاء، وتتقدم الجمعية بخالص العزاء والمواساة إلى الأسرة الثقافية والأدبية والإعلامية، وتستذكر عطاءات الشاعر الراحل وإسهاماته البارزة في مجالات الأدب والثقافة والأغنية».