أسود إنكلترا في مواجهة الطواحين الهولندية
شق منتخب إنكلترا طريقه بصعوبة إلى المربع الذهبي لكأس أمم أوروبا «يورو 2024» بألمانيا لكنه سيكون على موعد مع مهمة شاقة حينما يلاقي نظيره الهولندي اليوم الأربعاء لحجز بطاقة التأهل للمباراة النهائية.
وتأهل منتخب إنكلترا إلى المربع الذهبي في ثلاث بطولات كبرى تحت قيادة المدرب غاريث ساوثغيت، في مسيرة متميزة بدأت منذ مونديال روسيا 2018، لكن كان الاستثناء الوحيد في مونديال قطر 2022 حينما فشل الأسود الثلاثة في بلوغ هذه المحطة.
وستكون طموحات إنكلترا في بلوغ نهائي البطولة القارية معلقة لحين الانتهاء من الاختبار الصعب أمام هولندا بقيادة المدرب رونالد كومان، التي فشلت هي الأخرى في الظهور بشكل مقنع في دور المجموعات قبل أن تنتفض في الأدوار الإقصائية.
وفي وقت احتاج منتخب إنكلترا لهدف قاتل من جود بيلينغهام في الدقيقة الخامسة من الوقت بدل الضائع أمام سلوفينيا في دور الستة عشر قبل حسم الفوز في الوقت الإضافي ثم استفاد الأسود الثلاثة من تألق الحارس جوردان بيكفورد وتصديه لضربة الجزاء الحاسمة أمام سويسرا في دور الثمانية، شقت الطواحين طريقها بثبات إلى المحطة قبل الأخيرة من البطولة القارية بعد فوز مقنع على رومانيا 3-0 في دور الستة عشر ثم انتصار صعب على تركيا 2-1 في دور الثمانية. ويصعد الفائز من تلك المواجهة لملاقاة الفائز من موقعة فرنسا مع إسبانيا التي جرت أمس في المباراة النهائية ليورو 2024 يوم 14 يوليوعلى الاستاد الأولمبي في برلين.
اللقاء الرابع
ويعاني لاعبو منتخب إنكلترا من الإنهاك بعد أن احتاجوا لخوض وقت إضافي أمام سلوفينيا وسويسرا قبل حسم التأهل للمربع الذهبي في الوقت الذي حسم منتخب هولندا الفوز في مباراتيه بالأدوار الإقصائية في الوقت الأصلي.
وسيكون اللقاء هو الرابع بين إنكلترا وهولندا في بطولة كبرى، حيث فازت الطواحين 3 -1 في يورو 1988 بفضل هاتريك ماركو فان باستن قبل التعادل السلبي في مونديال 1990، ثم فازت إنكلترا 4-1 في يورو 1996.
وفازت إنكلترا مرة وحيدة في آخر تسع مواجهات مع هولندا على مستوى كافة المسابقات مقابل أربعة تعادلات وأربع هزائم، حيث تحقق هذا الفوز في أمستردام بهدف دون رد خلال المباراة الودية التي جمعت بينهما في مارس 2018.
الظهور السادس لهولندا
وبالنسبة لمنتخب هولندا، سيكون هذا الظهور السادس في المربع الذهبي الأوروبي، إذ خسر الفريق في آخر أربع مشاركات له في هذا الدور، ويرجع آخر انتصار له في هذه المحطة من البطولة القارية إلى عام 1988 قبل الفوز باللقب، حين سجل فان باستن أحد أشهر الأهداف في تاريخ نهائي البطولة.
وسيكون هذا الظهور الأول لهولندا في الدور قبل النهائي لليورو منذ عام 2004، حينما خسرت أمام البرتغال بهدفين لهدف. ويبرز في صفوف منتخب هولندا المهاجم ممفيس ديباي الذي أطلق 17 تسديدة وساهم في عشر فرص، وكذلك كودي جاكبو صاحب الـ13 تسديدة والذي ساهم في 11 فرصة.
ويعتبر جاكبو هداف الطواحين برصيد ثلاثة أهداف يعتلي بها صدارة قائمة الهدافين رفقة ثلاثة لاعبين آخرين، في الوقت الذي يمتلك ديباي لمسة ساحرة لا غنى عنها، مثل تلك التي أمد بها شتيفان دي فري أثناء تسجيله هدف التعادل في مرمى تركيا.
وفي منتخب إنكلترا يبرز اسم الهداف التاريخي هاري كين الذي يعتبر اللاعب الوحيد رفقة الفرنسي أنطوان غريزمان الذي سجل خمسة أهداف في تاريخ الأدوار الإقصائية للبطولة.
وسجل كين نجم بايرن ميونيخ هدفين فقط حتى الآن في ألمانيا، ولمس الكرة 23 مرة فقط في مناطق جزاء المنافسين.
ساوثغيت يقاتل من أجل «حياته»
صحيحٌ أنه لم يسبق لإنكلترا الفوز بلقب كأس أوروبا وأنها وصلت في النسخة الماضية إلى النهائي لأوّل مرة في تاريخها ولم تفز بأي لقب كبير باستثناء كأس العالم 1966 التي أقيمت على أرضها، إلا أن توقعات جماهيرها دائماً ما تكون كبيرة جداً في أي بطولة، فكيف الحال إذا كانت ترى لاعبي الجيل الحالي بين الأفضل في تاريخ «الأسود الثلاثة»!
ولم يقدّم الإنكليز الكثير الذي يشفع لهم في كأس أوروبا الحالية المقامة في ألمانيا، لكنهم بلغوا رغم ذلك نصف النهائي.
ووصل الأمر بالجمهور الإنكليزي الذي ما زال ينتظر ما يعتبره عودة كرة القدم «إلى موطنها»، إلى رشق ساوثغيت بأكواب الجعة بعد التعادل السلبي في الجولة الأخيرة من دور المجموعات مع سلوفينيا.
وقال ساوثغيت مناشداً جماهير إنكلترا خلق أجواء إيجابية حول المنتخب: لم أر أي منتخب آخر يتأهل ويتلقى ردّ فعل مماثلاً. أنا فخور جداً باللاعبين على الطريقة التي يتعاملون بها مع الأمور.
وتابع: أنا سعيد جداً بوجودي هنا، لن ننجح إلا إذا كنا معاً ومتحدين، وظيفتي هي توجيه الفريق خلال هذا الأمر لتحقيق أقصى استفادة، والبقاء على المسار الصحيح.
والآن يدرك ساوثغيت أنه يلعب من أجل «حياته» واستمراره في المنصب حين يتواجه رجاله مع منتخب هولندي مثير الذي سجل في مبارياته الخمس قرابة ضعف الأهداف التي سجلها الإنكليز رغم أن الأخير لعب 60 دقيقة أكثر منه.
بيلينغهام وزواير... مواجهة تصفية الحسابات
في ديسمبر 2021، عندما كان جود بيلينغهام يرتدي قميص بوروسيا دورتموند، عاقبته المحكمة الرياضية التابعة للاتحاد الألماني لكرة القدم بغرامة قدرها 40 ألف يورو، بسبب تصريحاته بعد مواجهة بايرن ميونيخ في الدوري، التي تتعلق بالتلاعب في نتائج المباريات من قبل الحكم فيليكس زواير، الذي سيلتقي به مرة أخرى، بعد عامين وسبعة أشهر، في نصف نهائي كأس أمم أوروبا.
سيلتقي زواير وبيلينغهام مرة أخرى للمرة الخامسة في مسيرتهما. في المباريات الأربع السابقة، كان بيلينغهام، مع بوروسيا دورتموند، يخسر مبارياته دائماً، باستثناء مرة واحدة، ففي عام 2021، خسر بوروسيا دورتموند مباراة قادها الحكم زواير أمام باير ليفركوزن بنتيجة 2-1، وفي عام 2022 خسر 2-1 ضد لايبزيغ، ثم 2-3 أمام بايرن ميونيخ، لكن في مناسبة واحدة فقط، في الجولة الثالثة من موسم 2021/22 بقيادة الحكم، فاز بيلينغهام 3-2 أمام هوفنهايم.
لكن المباراة الأخيرة التي التقيا فيها، دورتموند-بايرن، كانت الأكثر إثارة للجدل. بعد ذلك، لم يتقابلا مرة أخرى. تحديداً منذ 4 ديسمبر 2021 في الجولة 14 من الدوري الألماني. في تلك المباراة، طالب بيلينغهام بركلة جزاء لم يحتسبها زواير لفريقه، ثم اشتكى من ركلة جزاء أخرى ضد فريقه بسبب لمسة يد من ماتس هوملز داخل المنطقة.
بعد المباراة، بدا بيلينغهام غاضباً بشدة من قرارات زواير، واتهم الحكم الألماني في تصريحات لوسائل الإعلام «إذا أعطيت أهم مباراة في ألمانيا لحكم متهم بالتلاعب في النتائج... فماذا تتوقع منه؟».
وكان رد فعل المحكمة الرياضية التابعة للاتحاد الألماني لكرة القدم فوريا، وعاقبت بيلينغهام بغرامة قدرها 40 ألف يورو، بسبب تصريحاته التي وصفتها بـ«السلوك غير الرياضي».
ويشار إلى أن زواير عوقب بالإيقاف في عام 2005 لمدة ستة أشهر من الاتحاد الألماني بتهمة المشاركة في فضيحة التلاعب بنتائج المباريات.
ودافع زواير بعد اتهامات بيلينغهام بسوء إدارة مباراة دورتموند وبايرن عن قراراته وصرح لقناة سكاي ألمانيا بأنه عندما لمس هوميلز الكرة بذراعه بعد ركلة ركنية، كانت لديه شكوك حول ما إذا كانت ممدودة بعيداً عن جسمه.
وقال: «لم يكن من الواضح ما إذا كانت ذراعه تتحرك نحو الكرة. لقد راجعت تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) وتحققت من موضع الذراع. حكم الفيديو قال إن ذراع هوملز كان بعيداً عن جسمه. أبعد الكرة بكوعه واستنتجت أنها كانت ركلة جزاء».
وبعد ثلاث سنوات من تلك الواقعة، سيلتقي بيلينغهام في نصف نهائي كأس يورو 2024، بين هولندا وإنكلترا، مرة أخرى مع الحكم الذي اتهمه في الماضي بمؤامرة للتلاعب بنتائج المباريات.
لوك شو جاهز للمشاركة
أكد لوك شو جاهزيته للمشاركة منذ البداية مع منتخب إنكلترا خلال مواجهته أمام نظيره الهولندي اليوم في المربع الذهبي لكأس أمم أوروبا (يورو 2024) في ألمانيا بعد تعرضه لانتكاسة خلال التدريبات مؤخراً مما أثار الشكوك حول إمكانية انتهاء البطولة القارية بالنسبة له حتى قبل أن تبدأ.
وعاش شو 28 عاماً الموسم الأكثر إحباطاً في مسيرته بعد تكرار إصاباته، لتتراجع مشاركاته مع مانشستر يونايتد إلى 15 مباراة فقط، ثم تعرض لإصابة في أوتار الركبة في منتصف فبراير الماضي، وكان يمني نفسه بالمشاركة في نهائي كأس الاتحاد الإنكليزي في مايو الماضي لكن عانى تمزقاً أبعده عن الملاعب ستة أسابيع أخرى مما أثار الشكوك حول مشاركته في اليورو.
وقرر غاريث ساوثغيت المدير الفني لإنكلترا ضم شاو لقائمة فريقه في البطولة القارية، وسجل الظهير الأيسر ظهوره الأول بعد 139 يوماً من الغياب بعد مشاركته من على مقاعد البدلاء خلال الفوز بركلات الجزاء الترجيحية على سويسرا في دور الثمانية.
خاكبو من الخيبة إلى النجومية
لم يرَ الجمهور الإنكليزي أفضل ما لدى الجناح الهولندي كودي خاكبو مع ليفربول في الدوري، لكن هداف منتخب بلاده في كأس أوروبا 2024 هو الخطر الأكبر على «الأسود الثلاثة» في المواجهة التي تجمعهما اليوم في نصف النهائي.
تجاوز خاكبو خيبة أمل مع ليفربول، الذي ودع مدربه الأسطوري الألماني يورغن كلوب، وخرج بلقب محلي واحد، لكن نجم الجناح الهولندي لمع على المسرح الأكبر في البطولة القارية الأكبر بأوروبا. وجاء انتقال ابن الـ25 عاماً إلى ليفربول بعد تسجيله ثلاثة أهداف في خمس مباريات ضمن كأس العالم 2022، حيث وصل مع منتخب بلاده إلى ربع النهائي، وخرج على يد الأرجنتين حاملة اللقب بركلات الترجيح.
ومنذ انتقاله من أيندهوفن، لم يتمكن من إثبات نفسه في تشكيلة مدججة بالنجوم في الخط الهجومي، على رأسهم المصري محمد صلاح، إلى جانب الأوروغوياني داروين نونييس، الكولومبي لويس دياس، والبرتغالي ديوغو جوتا.
وعلق على الفارق بين مستواه مع النادي والمنتخب: «أنا ألعب في مركز الجناح الأيسر. في ليفربول لعبت الكثير من المباريات كمهاجم، لذا أعتقد أن هذا هو الفارق الأكبر».
أهدافه الثلاثة في خمس مباريات حتى الآن في البطولة القارية وضعته في صدارة الهدافين مشاركة مع ثلاثة لاعبين آخرين، لكن هناك احتمال لرفع عدد الأهداف. ومنذ مونديال قطر، سجل خاكبو ستة أهداف دولية في البطولات الكبرى، ولا يسبقه أوروبياً سوى الفرنسي كيليان مبابي (9) الذي فشل في تسجيله أكثر من هدف واحد في هذه البطولة، ومن ركلة جزاء. وقال مدربه رونالد كومان: «نعم، يمكنه أن يلعب في مركز المهاجم، لكنه أظهر أنه أخطر كجناح أيسر». وتابع المدرب، الذي يطمح إلى قيادة «الطواحين» إلى نهائي كأس أوروبا للمرة الأولى منذ فوزهم باللقب عام 1988، «هو لاعب خطير جداً في المواجهات الفردية مع الظهير الأيمن. لديه إمكانيات وهو قوي»، وأردف: «يلعب بمستوى رائع في هذه البطولة. قد يكون (أكثر) لاعب مهم حتى الآن».