ضمن جملة قرارات اجتماع مجلس الوزراء الكويتي المنعقد بتاريخ 2 يوليو 2024 كان الحرص على الحضور والانصراف وتفعيل بصمة الوجه كذلك، وتكليف ديوان الخدمة المدنية بالنظر في الآليات المناسبة لهذا كله من الألف إلى الياء، ضمن ما تصدر أجندة ذاك الاجتماع رفيع المستوى.
وهنا لنا وقفة واستدراك للحالة العامة التي ستكون جميلة جداً مع هذا القرار لو كنا في سبعينيات القرن الماضي مثلاً، ولو كان المقصود هو معرفة أعداد الموظفين في كل جهة حكومية لكانت القصة أسوأ، لأنه ببساطة ما هكذا تؤتى المسألة. ومع التوجهات الأخيرة لاجتثاث البطالة، وخلق فرص وظيفية لكل المتقدمين، تبقى التساؤلات المهمة: هل القطاع الحكومي العام باللياقة التامة لإنجاز المهام الموكلة له أصلا؟!! وهل إثبات الحضور والانصراف دلالة على العمل والإنتاجية؟! أم سيساهم هذا القرار بطريقة أو بأخرى في زيادة البطالة المقنعة؟!!
المنطق والتجربة والواقع تفرض جوانب عدة على إجابة تلك التساؤلات، وكلها تؤدي إلى قناعة واحدة، فلا علاقة بالبصمة المتعلقة بالحضور والانصراف بالإنتاجية ألبتة، وكما أسلفت فإن كانت المسألة معرفة أعداد المنتسبين لأي جهة فهناك آليات عدة لمعرفة ذلك، وإن كانت المسألة هي الحث على العمل فالإنتاجية لا تتعلق بالساعات ومكان إنجاز المهام في أغلب الأوقات والوظائف.
كنت قد لامست منذ عشر سنوات ونيف وفي بريطانيا تحديداً طريقة عمل أكبر القطاعات والشركات حتى بعض الجهات الحكومية وبالطبع الجامعات، واستغلالهم ما يعرف بنظام الـHot Desking (نظام المكاتب الساخنة)، بحيث يسجل لكل مجموعة من الموظفين مكتب واحد فقط، يزاولون أعمالهم منه من مقر العمل إذا ما دعت الحاجة لذلك فقط لا غير، وإلا كانت ممارسة الأعمال من خارج المبنى ذاته من خلال جعل النظام الآلي يعمل من المنزل أو المحمول وخلافه، وعليه تتم متابعة الأعمال من خلال خطط الأداء وتقييم مخرجات وجودة الأعمال ورضا المراجعين وتحقيق الأهداف القصيرة والمتوسطة والطويلة المدى.
فتخيل عزيزي القارئ لو كنا بمثل تلك العقلية المعاصرة، فكيف ستكون أجواء العمل والبيئة الحاضنة للأعمال وفك الازدحام المروري وغيرها من تبعات حسنة، أتذكر منذ زمن، وأتمنى أن الذاكرة لم تخني في هذا الموضع بأن دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة قد أقدمت منذ زمن على إلغاء بصمة الحضور في بعض القطاعات، والذهاب إلى فتح الأسواق، لخلق التنافس من جهة، ومتابعة إنتاجية الموظفين من جهة أخرى، فلعلنا نستدرك الأمر الآن، ومنا إلى المعنيين بهذا كله.