بلغت إنكلترا المباراة النهائية الثانية تواليا في كأس أوروبا، عندما حققت فوزا قاتلا على هولندا 2-1 أمس، على ملعب سيغنال إيدونا بارك، في دورتموند بالدور نصف النهائي، وكانت هولندا البادئة بالتسجيل، بواسطة تشافي سيمونز (7)، وردت إنكلترا عبر قائدها هاري كين (18 من ركلة جزاء)، قبل أن ينجح البديل أولي واتكينز في خطف هدف الفوز بالدقيقة الأولى من الوقت بدل الضائع.

وهي المباراة النهائية الثالثة لإنكلترا في بطولة كبرى، والأولى لها خارج قواعدها، بعدما توجت في الأولى باللقب العالمي عام 1966، وخسرت الثانية في كأس أوروبا 2020، التي أقيمت في العام التالي بسبب فيروس كوفيد، أمام إنكلترا بركلات الترجيح. في المقابل، توقف مشوار هولندا، التي كانت تحلم باللقب الثاني في تاريخها بعد الأول عام 1988 في ألمانيا بالذات، عند دور الأربعة للمرة الخامسة بعد نسخ 1976 و1992 و2000 و2004.

Ad

وقدمت إنكلترا، التي خاضت نصف النهائي للمرة الرابعة بعد 1968 و1996 و2021، مستوى أفضل نسبيا من مبارياتها السابقة في البطولة، وكانت في طريقها إلى خوض الشوطين الإضافيين للمرة الثالثة بعد ثمن النهائي أمام سلوفاكيا (2-1) وربع النهائي أمام سويسرا (5-3 بركلات الترجيح)، لكن البديلين جناح تشلسي كول بالمر وقلب هجوم أستون فيلا واتكينز أنقذاها من ذلك.

وأجرى مدربا المنتخبين تعديلا واحدا على تشكيلتيهما في ربع النهائي، حيث عاد مدافع كريستال بالاس مارك غويهي عقب استنفاذه عقوبة الإيقاف لمباراة واحدة، فاستعاد مكانه من مدافع استون فيلا إزري كونسا، بينما دفع رونالدو كومن بجناح بوروسيا دورتموند الألماني دونيل مالن، على حساب جناح أياكس أمستردام ستيفن بيرخفين.

وجاءت بداية المباراة مفتوحة من المنتخبين، اللذين بحثا عن التسجيل مبكرا، لكن هولندا هي التي كانت سباقة إلى هز الشباك، عندما انتزع لاعب وسط لايبزيغ الألماني سيمونز كرة من لاعب وسط أرسنال ديكلان رايس، وسار بها لبضعة أمتار قبل أن يسددها قوية بيمناه من خارج المنطقة، وأسكنها الزاوية اليمنى البعيدة لحارس مرمى إيفرتون الإنكليزي جوردان بيكفورد (7).

وردت إنكلترا بتسديدة قوية لكين من مسافة بعيدة، أبعدها حارس مرمى برايتون الإنكليزي فيربروخن بصعوبة (13)، وأخرى للاعب نفسه من داخل المنطقة مرت فوق العارضة، حصل على أثرها على ركلة جزاء بعد اللجوء إلى حكم الفيديو المساعد «في أيه آر» إثر تدخل لمدافع إنتر الإيطالي دنزل دمفريس لصدها، لكنه أصاب قدم مهاجم بايرن ميونيخ الألماني (14).

وانبرى كين بنفسه للركلة زاحفة بيمناه على يمين فيربروخن مدركا التعادل (18)، ورافعا رصيده الى ثلاثة أهداف في صدارة لائحة الهدافين مشاركة مع جورج ميكوتادزه (جورجيا)، جمال موسيالا (ألمانيا)، إيفان سخرانس (سلوفاكيا)، كودي خاكبو (هولندا)، داني أولمو (إسبانيا)، وتلقت هولندا ضربة قاسية بإصابة مهاجمها وأتلتيكو مدريد الإسباني ممفيس ديباي، فدفع كومان بلاعب وسط أيندهوفن جوي فيرمان مكانه (35).

وكاد قائد منتخب «الطواحين» وفريق ليفربول الإنكليزي فيرجيل فان دايك يمنح التقدم لوصيف بطل العالم أعوام 1974 و1978 و2010، عندما تابع بيسراه كرة من مسافة قريبة إثر ركلة حرة جانبية لفيرمان أبعدها بيكفورد بصعوبة من باب المرمى الى ركنية لم تثمر (65)، وفي الوقت الذي كانت المباراة تلفظ أنفاسها الأخيرة، مرر البديل بالمر كرة على طبق من ذهب إلى واتكينز، المتوغل داخل المنطقة، فهيأها لنفسه بيمناه وسددها قوية زاحفة بالقدم ذاتها من زاوية صعبة وأسكنها الزاوية اليمنى البعيدة للحارس (90+1).

واتكينز... البطل غير المنتظر

اللاعب أولي واتكينز

لم يخض المهاجم أولي واتكينز سوى دقائق معدودة في كأس أوروبا 2024 لكرة القدم، لكن تسديدته الزاحفة في الوقت القاتل أرسلت إنكلترا إلى النهائي على حساب هولندا أمس (الأربعاء) في نصف نهائي دورتموند.

ودخل واتكينز في نهاية المباراة بدلاً من القائد هاري كين الذي عادل مبكراً من ركلة جزاء حصل عليها لاعب أستون فيلا اثر تمريرة جميلة في العمق من البديل الآخر كول بالمر، وصمد أمام صخرة الدفاع الهولندية ستيفان دي فري، ثم أطلق تسديدة قوية في الزاوية البعيدة للحارس بارت فيربروخن.

ويتمتع واتكينز، وصيف ترتيب الهدافين في الدوري الإنكليزي مع 19 هدفاً و13 تمريرة حاسمة، بقدرة عالية على إنهاء الهجمات. ولم يكتشف المهاجم الذي نشأ في صفوف إكسيتر في الدرجات الدنيا، المستوى المتقدّم إلا في سن متأخرة.

وبرز مع برنتفورد، ثم تفجّرت موهبته في صفوف أستون فيلا، حيث أصبح الرجل الرئيس في خط المقدّمة، لكنه لم يحظ قبل كأس أوروبا الحالية المقامة في ألمانيا بفرصة تمثيل بلاده في محفل كبير.

وفي دور المجموعات، دخل مباراة الدنمارك لكن أخفق في التغلّب على الحارس كاسبر شمايكل. هذه المرة كان حاسماً على غرار موسمه الأخير مع فيلا، ليرسل «الأسود الثلاثة» إلى ثاني مباراة نهائية في تاريخهم بالبطولة القارية بعد صيف 2021 عندما خسروا أمام إيطاليا بركلات الترجيح.

لكن ليلة الأربعاء في دورتموند كانت خاصة لواتكينز القادم إلى فيلا عام 2020.

رونالد كومان يشتكي من قرارات الحكم

كومان يعترض على قرار الحكم أثناء المباراة

أقر المدرب الهولندي رونالد كومان بصعوبة تقبل خروج منتخب بلاده، عقب خسارته أمام إنكلترا، بعد قرار ركلة جزاء مثير للجدل وهدف قاتل من المهاجم البديل أولي واتكينز.

وقال كومان، للصحافيين في استاد فيستفالنشتاديون في دورتموند، حيث تقدمت هولندا بعد 7 دقائق من صافرة البداية بتسديدة رائعة في الزاوية الصعبة من تشافي سيمونز، «أشعر بخيبة أمل بشأن النتيجة النهائية في المباراة التي بدأت بشكل جيد بالنسبة لنا».

واشتكى كومان (61 عاماً) من قرار الحكم بشأن احتساب ركلة الجزاء، قائلا: «ماذا يمكنك أن تفعل كمدافع؟ في رأيي، لم يكن من المفترض أن تكون هذه ركلة جزاء»، وتابع: «لا يمكننا أن نلعب كرة القدم بشكل صحيح، وهذا بسبب حكم الفيديو المساعد (في ايه آر). هذا يحطم كرة القدم».

ورأى مدرب برشلونة الإسباني السابق: «واجهنا بعض الصعوبات في خط الوسط لإيقاف اللاعبين الجيدين، مثل (جود) بيلينغهام و(فيل) فودن بين الخطوط»، مضيفا: «لم نسيطر على المباراة. أجرينا بعض التغييرات لفعل ذلك، وكان الشعور أننا في آخر 20 دقيقة الفريق الأفضل ونهاجم بشكل أكبر، ولكن بعد ذلك جاءت الضربة القاضية في الدقيقة 90. هدف رائع، ثم انتهى الأمر، ومن الصعب قبول ذلك».

وعاد كومان، الذي افتقد في البطولة القارية جهود صانع ألعاب برشلونة فرنكي دي يونغ للإصابة، لفترة ثانية كمدرب لهولندا بعد مونديال قطر 2022، عندما قاد لويس فان خال الفريق إلى الدور ربع النهائي (خسر أمام الأرجنتين بركلات الترجيح)، وأصر على أن على لاعبيه أن «يشعروا بالفخر، لقد حققنا أشياء كثيرة في هذه الأسابيع».

وأردف: «هذا الفريق قادر على فعل المزيد. إضافة إلى ذلك، سينضم إلينا المزيد من اللاعبين في المستقبل. البعض لم يكن قادراً على اللعب لأنه لم يكن لائقا، لكن المستقبل مشرق أمامنا، وعلينا تطوير بعض الجوانب وكنا قريبين من النهائي».

ساوثغيت يشيد بعقلية المنتخب الإنكليزي

المدرب ساوثغيت

أشاد مدرب منتخب إنكلترا غاريث ساوثغيت بالبديل أولي واتكينز الذي سجّل هدف الفوز لإنكلترا على حساب هولندا في الوقت القاتل، مانحاً اياه بطاقة التأهل لنهائي كأس أوروبا 2024 لكرة القدم الأربعاء للمرة الثانية تواليا، كما أشاد بعقلية المنتخب، فيما وصف النجم الشاب جود بيلينغهام زميله بـ «البطل».

وقال ساوثغيت، الذي اختبر الشعور نفسه عند بلوغ نهائي نسخة 2020 التي أقيمت صيف 2021 بسبب جائحة «كوفيد-19» قبل السقوط أمام إيطاليا بركلات الترجيح «مسرورٌ جداً بنوعية أدائنا. مرّ وقت طويل، حسب تصوري، امتلك فيه المنتخب الإنكليزي ستين في المئة من الاستحواذ ضد منتخب هولندا. هذا ما يظهر الأسلوب الأكثر حداثة للمنتخب الإنكليزي».

وأضاف «السبب الوحيد لقبولي هذه المهمة عندما تسلمتها هو محاولة إعادة النجاح إلى انكلترا كبلد».

وتابع «لذا، فإن القدرة على الاحتفال ببلوغ النهائي الثاني أمر مميز».

هاري كين... هداف تاريخي

كين

بهدفه الذي سجله من علامة الجزاء أمام هولندا، في نصف نهائي يورو 2024، أصبح المهاجم الإنكليزي هاري كين الهداف التاريخي للأدوار الإقصائية بالبطولات الكبرى (كأس العالم وأمم أوروبا)، بواقع 9 أهداف.

وتفوق كين (30 عاما) المحترف في صفوف بايرن ميونيخ الألماني ومهاجم توتنهام السابق على لاعبين بحجم الألماني جيرد مولر، الذي سجل ثمانية أهداف في أدوار إقصائية بين عامي 1970 و1974 في ست مباريات فقط.

ونجح كين في تسجيل تسعة أهداف بتلك الأدوار في 14 مباراة موزعة بين اليورو والمونديال، منها ثمانية في المباريات التسع الأخيرة له.

وإلى جانب مولر، هناك أربعة لاعبين سجلوا ثمانية أهداف في أدوار إقصائية بالمسابقتين الكبيرتين: الفرنسيان كيليان مبابي وأنطوان غريزمان والألماني ميروسلاف كلوزه، في 12 و18 و19 مباراة على الترتيب.

بينما سجل الفرنسي زين الدين زيدان 7 أهداف في 13 مباراة بين عامي 1996 و2006.

وستكون أمام كين فرصة أخرى يوم الأحد في نهائي اليورو ضد إسبانيا لزيادة تلك الغلة، وكذلك لقيادة إنكلترا نحو اللقب الأول في أمم أوروبا، حيث حلت وصيفة في نسخة 2020.