تبحث إنكلترا عن مواصلة نسقها التصاعدي، وإحراز كأس أوروبا لكرة القدم للمرة الأولى في تاريخها، لكنها ستواجه في نهائي 2024، اليوم الأحد، في برلين، تشكيلة إسبانية موهوبة كانت الأفضل على مدى شهر، وراغبة في الانفراد بأربعة ألقاب قياسية.
وكانت إسبانيا، بقيادة الجناحين الشابين لامين يامال ونيكو وليامس، الفريق الأفضل والأكثر جاذبية حتى الآن في البطولة، وهي الوحيدة التي حققت ستة انتصارات متتالية، وبعضها أمام منتخبات كبرى مثل كرواتيا (3-0)، وإيطاليا حاملة اللقب
(1-0) في دور المجموعات، ثم ألمانيا المضيفة 2-1 بعد التمديد، وفرنسا وصيفة بطل العالم مع نجمها كيليان مبابي 2-1 في ربع النهائي ونصف النهائي.
في المقابل، ورغم ثروة المواهب أمثال بيلينغهام، نجم ريال مدريد الإسباني، وهاري كين الباحث دائماً عن لقب أول في مسيرته، وفيل فودن أفضل لاعب في البرميرليغ، كان مشوار إنكلترا متذبذباً، وبلغت ثمن النهائي على وقع رمي جماهيرها أكواب الجعة على المدرب غاريث ساوثغيت، غير راضين عن الأداء.
وأنقذها من خروج مذل في ثمن النهائي أمام سلوفاكيا هدف أكروباتي لبيلينغهام في الرمق الأخير، واحتاجت إلى ركلات الترجيح للتغلب على سويسرا، قبل إقصاء هولندا في الوقت بدل من الضائع 2-1 في نصف النهائي.
وكانت مباراتها الأخيرة، التي حسمها البديل أولي واتكينز في دورتموند، الأولى المقنعة، والتي رفعت من أسهمها لنيل أول لقب كبير منذ تتويجها بمونديال 1966 على أرضها، ولو أنها عادلت فيها من ركلة جزاء مشكوك في صحتها لقائدها كين، الذي يتصدر ترتيب الهدافين بثلاثة أهداف، متساوياً مع خمسة لاعبين آخرين بينهم الإسباني داني أولمو.
نهضة إسبانية
وعطفاً على أدائها الجميل في بطولة لم تستجب لمتطلبات المشاهدين الراغبين في عروض حماسية ممتعة، تبدو إسبانيا مرشحة لتخطي إنكلترا في أول مواجهة كبرى بينهما منذ 1996. إسبانيا، التي هيمنت على كرة القدم العالمية بين 2008 و2012، محرزة كأس أوروبا مرتين وكأس العالم 2010، تراجعت في السنوات الأخيرة، قبل أن يقودها المدرب لويس دي لا فوينتي في البطولة الحالية إلى استعادة موقعها.
وكان مشوار «لا روخا» مخيباً بكأس العالم الأخيرة في 2022، إذ ودعت من ثمن النهائي وأقيل مدربها لويس إنريكي، وقدمت بطلة دوري الأمم الأوروبية العام الماضي أداء سلساً وهجومياً، وخصوصاً مع لاعب برشلونة المغربي الأصل يامال، الذي أصبح بعمر السادسة عشرة أصغر مسجل في تاريخ البطولة.
مع يامال، الذي بلغ السبت السابعة عشرة، وليامس، أولمو والقائد ألفارو موراتا، سجلت إسبانيا 13 هدفاً في طريقها إلى النهائي مقابل سبعة لإنكلترا، ويعول دي لا فوينتي أيضاً على دينامو خط الوسط الدفاعي رودري، المتوج مع مانشستر سيتي الإنكليزي تقريباً بكل الألقاب، ويعود إلى تشكيلتها المدافعان داني كارفاخال وروبان لونورمان بعد انتهاء إيقافهما، لكن يغيب لاعب الوسط بيدري الذي تعرض لإصابة بركبته أمام ألمانيا.
وبعد تتويجه في 1964 و2008 و2012 يبحث المنتخب الأيبيري عن فك الشراكة مع ألمانيا المتوجة في 1972,1980 و1996. والمواجهة الأبرز في أدوار متقدمة بين إنكلترا وإسبانيا في بطولة كبرى، كانت في ربع نهائي كأس أوروبا 1996 عندما فازت إنكلترا بركلات الترجيح بعد تعادلهما دون أهداف، وتواجها آخر مرة في دوري الأمم الأوروبية 2018، عندما فازت إسبانيا 2-1 خارج أرضها ثم ردت إنكلترا 3-2.
لوتيكسييه حكماً للنهائي
سيتولى الحكم الفرنسي فرانسوا لوتيكسييه الإشراف على المباراة النهائية لكأس أوروبا لكرة القدم، المقررة بين إسبانيا وإنكلترا على الملعب الأولمبي في برلين اليوم الأحد، كما أعلن الاتحاد الأوروبي للعبة الخميس.
وسيشرف لوتيكسييه «35 عاماً» على المباراة الرابعة له في النهائيات القارية المقامة في ألمانيا، بعد كرواتيا -ألبانيا والدنمارك - صربيا في دور المجموعات وإسبانيا - جورجيا في ثمن النهائي، كما كان الحكم الرابع في المباراة الافتتاحية بين ألمانيا المضيفة واسكتلندا.
وحصل لوتيكسييه على الشارة الدولية عام 2017، وتولى قيادة 65 مباراة بإشراف الاتحاد القاري للعبة حتى الآن في مسيرته، بينها كأس السوبر الأوروبية بين مانشستر سيتي الإنكليزي وإشبيلية الإسباني.
نيكو ويليامز على موعد مع المجد
لعب نيكو ويليامز دوراً محورياً في بلوغ منتخب إسبانيا نهائي بطولة أمم أوروبا لكرة القدم (يورو 2024) في ألمانيا، لكن تتبقى له خطوة واحدة فقط لحفر اسمه في سجلات التاريخ رفقة زملائه في منتخب الماتادور، عبر المواجهة النهائية للبطولة القارية أمام إنكلترا اليوم (الأحد) على الاستاد الأولمبي في برلين.
وشارك ويليامز في خمس من أصل ست مباريات لـ «الماتادور» في البطولة القارية، بإجمالي 404 دقائق لعب.
وسجل ويليامز هدفاً واحداً خلال الفوز الساحق على جورجيا 4 -1 في دور الستة عشر، كما صنع هدفاً لزميله رودريغو خلال المباراة ذاتها.
وركض ويليامز حوالي 45 كم خلال المباريات الخمس، بمتوسط سرعة 34.2 كم في الساعة، ولم يحصل على أي إنذارات حتى الآن، وشن ثماني محاولات على مرمى المنافسين، وبلغت نسبة دقة تمريراته 88 في المئة.
ويسير نيكو (21 عاماً) في الطريق المعاكس لشقيقه الأكبر وزميله في فريق أتليتك بلباو الإسباني، إينياكي ويليامز، الذي كان ضمن قائمة غانا في كأس أمم إفريقيا الأخيرة التي أقيمت أوائل العام الحالي في كوت ديفوار.
وُلد نيكو ويليامز في 12 يوليو 2002 لأب وأم من غانا، قررا مغادرة إفريقيا للاستقرار في مدينة مليلة التي تتبع الحكم الإسباني.
وقد بدأ مشواره الاحترافي مع فريق باسكونيا في موسم 2019/ 2020، وبالموسم التالي تم تصعيده للفريق الرديف في بلباو، قبل أن يظهر لأول مرة في الدوري الإسباني في نفس الموسم.
ووقع بلباو مع جناحه الشاب عقداً في البداية يمتد حتى صيف 2024، لكن تم الاتفاق على توقيع عقد جديد مع اللاعب في أواخر العام الماضي (2023)، ليبقى داخل صفوف الفريق الباسكي حتى صيف 2027.
وتبلغ القيمة السوقية الحالية لنيكو ويليامز 60 مليون يورو، وفقاً لتقديرات شبكة ترانسفير ماركت العالمية.
وبعكس شقيقه الأكبر إينياكي ويليامز، لعب نيكو لمنتخبات إسبانيا للشباب والناشئين، حتى استدعاه المدرب لويس إنريكي، المدير الفني الحالي لباريس سان جرمان الفرنسي، لصفوف المنتخب الأول في إسبانيا خلال سبتمبر 2022، وشارك في أربع مباريات بمونديال قطر.
ورغم رحيل إنريكي بقي نيكو ويليامز في صفوف منتخب إسبانيا تحت قيادة مديره الفني الحالي لويس دي لافوينتي، الذي كان مدربه في منتخب الشباب تحت 21 عاماً.
ماينو... ضابط إيقاع
حظي جناح إسبانيا اليافع لامين يامال بالإشادة بعد هدفه الرائع في مرمى فرنسا، حيث بات أصغر لاعب يسجل هدفاً في تاريخ نهائيات كأس أوروبا، لكن المنتخب الإنكليزي يملك بدوره جوهرة شابة، تتمثل في لاعب وسط مانشستر يونايتد كوبي ماينو الذي أظهر نضوجاً يفوق عمره.
وانضم ماينو، البالغ 19 عاماً، إلى صفوف «الأسود الثلاثة» للمرة الأولى في مارس الماضي، حيث شارك بديلاً في المباراتين الوديتين أمام البرازيل وبلجيكا، واختير أفضل لاعب في الثانية، قبل أن يضمه مدرب إنكلترا غاريث ساوثغيت إلى التشكيلة الرسمية المشاركة في النهائيات القارية الحالية بألمانيا.
ولم يكن كثيرون يعتقدون أن ماينو سيحصل على فرصة كبيرة للمشاركة في المباريات، بسبب نقص الخبرة لديه وصغر سنه، وبالفعل بدأ البطولة كالخيار الثالث في وسط الملعب، بعد أن قام ساوثغيت بتجربة المدافع ترنت ألكسندر أرنولد من دون نجاح، فلجأ إلى كونور غالاغر في المباراة الثالثة ضد سلوفينيا في دور المجموعات وكانت النتيجة مماثلة.
وقرر المدرب إشراك ماينو في الشوط الثاني بالمباراة ذاتها، ليصبح لاعب الوسط الحل المثالي، حيث ارتقى مستوى المنتخب في الأدوار الإقصائية تدريجياً ليبلغ النهائي، ويواجه إسبانيا القوية على الملعب الأولمبي في برلين اليوم الأحد.
وشارك أساسيا للمرة الأولى ضد سلوفاكيا في ثمن النهائي، وأبلى بلاء حسنا، ثم تكرر السيناريو ضد سويسرا في ربع النهائي، لكنه فرض نفسه نجما للمباراة ضد هولندا في نصف النهائي، لاسيما في الشوط الأول.
وأشاد به ساوثغيت بالقول: «أعتقد أن جميع عروضه كانت استثنائية، لاسيما عندما نأخذ في عين الاعتبار صغر سنه»، وتابع: «لم نملك فعلاً لاعباً مثله حتى الآن. الفارق كبير عندما يتمكن لاعبو خط الوسط من تلقي الكرة وسط الضغط فيقومون بالاستدارة بسهولة وتمرير الكرة بإتقان باتجاه زملائهم».
ولعب ماينو دوراً حيوياً في خط وسط إنكلترا الذي قدم أفضل أداء له بألمانيا هذا الصيف في مواجهة هولندا، في سعيه إلى الفوز بأول لقب كبير له منذ كأس العالم 1966، وأصبح ماينو أصغر لاعب إنكليزي على الإطلاق يلعب في الدور نصف النهائي لبطولة كبرى لدى مواجهته هولندا.