مواصلاً طريقه نحو استعادة هيبة الدولة وفرض سطوة القانون والنظام في ربوعها، وفي موازاة حملات وزارة الداخلية لملاحقة مخالفي الإقامة، علمت «الجريدة»، من مصادرها، أن النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف، أصدر توجيهات إلى الهيئة العامة للمعلومات المدنية لإجراء مسح شامل للمناطق السكنية في كل المحافظات، بهدف ملاحقة أصحاب العناوين الوهمية، الذين يسجلون عناوينهم على أماكن لا يسكنون بها، وذلك بالتنسيق مع ملاك تلك العقارات.
وقالت المصادر إن خيط التلاعبات في العناوين الوهمية تكشّف نتيجة القضايا والجرائم التي يرتكبها بعض الأشخاص من مواطنين أو مقيمين، ومنها مخالفة قانون الإقامة، وعندما يتم الذهاب لضبطهم وإحضارهم من عناوين سكنهم المدونة في «المعلومات المدنية» يلاحظ عدم وجودهم بها، مشيرة إلى أن عملية الغربلة التي تجريها الهيئة أسفرت عن إلغاء آلاف من العناوين أغلبها لوافدين، بعد التأكد من عدم وجودهم بها.
وأضافت أن الهيئة تلقت شكاوى من أصحاب بعض العقارات عن وجود أسماء أشخاص وعوائل مسجلين على مساكنهم منذ سنوات دون علمهم، فبادرت الهيئة إلى استدعائهم والكشف عن حقيقة ما حصل من تلاعب بعناوين السكن.
وأوضحت أن كل صاحب عقار أو قاطن في منزل يتم استدعاؤه لتحديث عنوانه من خلال إشعار يُرسل إليه عن طريق تطبيق «سهل»، ومن لا يستجب خلال شهرين بتزويد الهيئة بعنوانه الجديد فسيتم تغريمه 20 ديناراً شهرياً، فضلاً عن تطبيق إجراءات قانونية بحقه.
وذكرت المصادر أن الكشف الدوري لـ «المعلومات المدنية» أسهم كذلك في كشف الآلاف من مخالفي الإقامة غير الموجودين في العناوين المسجلة لهم، وتم ضبط بعضهم في مناطق عمالية، مثل حولي وجليب الشيوخ والمهبولة، فضلاً عن ضبط عدد كبير ممن عليهم قضايا.
وباطلاع «الجريدة» على أرقام قديمة تبين، على سبيل المثال، أن عدد المواطنين الذين غيّروا عناوينهم خلال أربع سنوات، وتحديداً خلال الفترة من 2000 إلى 2003، بلغ 339851 مواطناً، بواقع 66628 في 2000 و120027 في 2001، و120027 في 2002، و89252 في 2003.
ومعلوم أن كثرة تلك التنقلات في عناوين المواطنين كانت تعود إلى أسباب انتخابية، غير أنه تمت معالجة هذا الأمر لاحقاً بنسبة كبيرة، لكن الجديد، الذي تحرص «الجريدة» على تسليط الضوء عليه، هو تسجيل وافدين بأعداد كبيرة على عناوين لا يقطنونها، مما يشكل خطراً أمنياً على البلاد، فضلاً عن تصعيب مهمة رجال «الداخلية» في ضبط مخالفي الإقامة.
إلغاء العناوين يضغط «المدنية»
علمت «الجريدة»، من مصادرها، أن كثرة حالات إلغاء العناوين السكنية، التي وصلت إلى أرقام كبيرة، تسببت في أزمة للذين تسلموا إشعارات بالإلغاء لعدم حصولهم على موعد لمراجعة الهيئة العامة للمعلومات المدنية بسبب الضغط الكبير عليها.
وأضافت المصادر أن مَن يدخل منهم على تطبيق «سهل» للحصول على موعد تغيير عنوان سكن لدى الهيئة فسيجد أن المواعيد في كل الفروع غير متاحة.
وفي تقاصيل الخبر:
من تعليمات النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف كانت البداية، حيث قامت الهيئة العامة للمعلومات المدنية بالبدء الفعلي في إجراء مسح لكل مناطق الكويت، استُهل بالمناطق التي يتكدَّس بها الوافدون، حيث جردت السكن بكل أنواعه، الخاص، والاستثماري، والتجاري، وتواصلت مع مُلاك تلك القسائم، لمراجعة الأسماء المسجلة لديها، للتأكد من أنهم السكان الفعليون بها.
وكانت المفاجأة أن هذا أدى إلى إلغاء آلاف العناوين السكنية لمواطنين ومقيمين تسلَّموا إشعاراً عبر تطبيق سهل، يُعلمهم بإلغاء عنوانهم، وضرورة مراجعة الهيئة خلال شهر من تاريخه لتعديل وضع السكن، حتى لا تتوقف بطاقتهم المدنية، ولتفادي اتخاذ الإجراءات القانونية تجاههم.
وبعد أن قامت «المعلومات المدنية» بإلغاء آلاف العناوين لمواطنين ووافدين في كل المحافظات ممن لم يُستدل عليهم شخصياً من خلال عناوينهم المدوَّنة في الهيئة، قالت مصادر حكومية لـ «الجريدة»، إن «المدنية» اكتشفت، من خلال مسح شامل تقوم به في جميع المحافظات، سواء السكن الخاص أو التجاري أو الاستثماري، وجود تلاعب كبير في عملية عناوين مواطنين ووافدين وأسر غير موجودة أو مقيمة في عنوان السكن الرسمي المسجل في الهيئة.ليس ذلك فحسب، بل إن هناك شكاوى على أشخاص من قِبل أصحاب الأملاك بوجود أسماء وعوائل مسجلة على مساكنهم منذ سنوات دون علمهم، ما اضطرهم إلى رفع شكاوى في هيئة المعلومات المدنية على المسجلين تحت قائمة سكنهم أو أملاكهم دون وجه حق، حيث بادرت الهيئة باستدعاء هؤلاء الأشخاص، والكشف عن حقيقة ما حصل من تلاعب في عناوين السكن.
وأكدت المصادر أن عملية التلاعب في عناوين السكن كانت تكثر في فترة تنفيذ القيود الانتخابية قبل كل موعد لانتخابات مجلس الأمة، حيث يتجه كثير من المواطنين الناخبين إلى تغيير عناوين سكنهم لمصلحة مرشح بعينه، خصوصاً بعدما أصبح التصويت بالانتخابات بناءً على عنوان السكن المدوَّن بالبطاقة المدنية للمواطنين، لكن سرعان ما يتجه للعودة إلى عنوانه القديم بعد انتهاء الانتخابات.
وكشفت المصادر عن أن هناك فئة من الأشخاص والعوائل تذهب للسكن في مواقع جديدة، وتُبقي على عنوانها القديم، في مخالفة لقرارات «المعلومات المدنية»، الأمر الذي يساهم في حدوث خلل فيما يتعلق بآلية تطابق السكن مع وجود الشخص نفسه فيه، فضلاً عن أن هناك بعض الأبناء يتجهون لبيع منزل والدهم المتوفي، ويبقون على عناوينهم القديمة، ما يجعل العقار متضخماً بأسماء وأشخاص مسجلين على هذا السكن يفوقون طاقته الاستيعابية، مؤكدة أن النظام الجديد سيجبر المواطنين والمقيمين على تحديث بيانات سكنهم باستمرار، من أجل الحد من التلاعب الحاصل في عناوين السكن، ووقف عملية العناوين الوهمية.
وقالت إن الهيئة تمنع العنوان المزدوج للزوجين، حيث يجب أن تكون الزوجة مسجلة على عنوان الزوج، وإذا كان هناك انفصال أو طلاق يغير عنوان المطلقة للجديد الذي تسكن فيه. أما الأبناء، فيكونون تحت عنوان الأب، ما لم يكن هناك أبناء بحضانة الوالدة المطلقة لتدون عناوينهم معها بناءً على حُكم المحكمة.
وأكدت أن الكشف الدوري لـ «المعلومات المدنية» ساهم في كشف الآلاف من مخالفي الإقامة غير الموجودين في عناوين سكنهم، وتم ضبط عدد منهم في المناطق العمالية، مثل: حولي، وجليب الشيوخ، والمهبولة، وغيرها من المناطق الأخرى، فضلاً عن ضبط كثير ممن عليهم قضايا أو جرائم.
وذكرت المصادر أن ما كشف عملية التلاعب في العناوين الوهمية هي القضايا والجرائم التي يرتكبها بعض الأشخاص من مواطنين أو مقيمين، وعندما يتم الذهاب لضبطهم في عناوين سكنهم المدونة في «المعلومات المدنية» لا يكونون موجودين حقيقة بعناوين سكنهم.
وبإطلاع «الجريدة» على أرقام قديمة تبين على سبيل المثال أن عدد المواطنين الذين قاموا بتغيير عناوينهم السكنية خلال أربع سنوات، وتحديداً خلال الفترة من 2000 إلى 2003، بلغ 339851 مواطناً، بواقع 66628 في 2000، و120027 في 2001، و120027 في 2002، و89252 في 2003.
وإن كان يعلم الأغلبية أن كثرة تلك التنقلات في عناوين المواطنين تعود إلى أسباب انتخابية، وهو ما تمَّت معالجته لاحقاً، لكن الجديد، الذي تحرص «الجريدة» على تسليط الضوء عليه، هو تسجيل وافدين بأعداد كبيرة لعناوين سكنية غير موجودين بها، وهو ما ينعكس على الوضع الأمني للبلاد، ويؤدي إلى تصعيب مهمة ضبط مخالفي الإقامة على رجال «الداخلية»، رغم ما تبذله من جهود كبيرة في هذا الجانب.إجراءات الهيئة
المتابع لإجراءات هيئة المعلومات المدنية التي اتخذتها في الآونة الأخيرة سيجد تشددها في هذا الأمر، خصوصاً أنها دائماً ما تؤكد على تطبيق شروط وقواعد تغيير عنوان السكن وفقاً للائحة الصادرة بقرار من رئيس مجلس إدارتها، إضافة إلى تطبيق أنظمة الرقابة الداخلية، والتي تشمل الرقابة على إدخال وتحديث البيانات، والمراجعة، والتدقيق عليها، والتحقق من صحة المستندات، وفقاً لعدة اعتبارات، على رأسها أخذ بصمة مقدِّم الطلب صاحب العلاقة، للتأكد من حضوره الشخصي، والذي تم تفعيله في يناير 2019. كما أنه في يناير 2020 تم فرض بصمة المالك للحصول على موافقته لضمان علمه بالقاطنين في العقار الذي يملكه، وفي حال إذا كان مقدِّم الطلب مالكاً للعقار، فإنه يستوجب حضوره إلى المكتب المختص بإدارة السجل المدني، مصطحباً معه وثيقة العقار.
كما تتضمن الإجراءات لقيد أو تغيير العناوين السكنية التوقيع على إقرار السكن من قِبل صاحب العلاقة، وتُرسل طلبات تغيير العنوان إلى المكتب المختص بإدارة المراجعة والمتابعة لفحص الوثائق المقدمة، ومدى مطابقتها، وكذلك التحقق من توافر بصمة صاحب العلاقة وبصمة مالك العقار.
وبعد التحقق من سلامة وصحة كل الإجراءات يتم السماح بإصدار البطاقة المدنية، وفي حال وجود نقص في أي من الإجراءات أو المستندات المطلوبة يتم إيقاف المعاملة آلياً، ومنع إصدارها، وتقوم إدارة حماية البيانات بالعناية بالسجلات التاريخية لكل عمليات الاستعلام عن البيانات وتعديلها في نظام المعلومات المدنية، ضمنها حركات تغيير العنوان، للرجوع إليها عند ورود أي شكوى أو الإبلاغ عن أي مخالفة يتقدم بها أصحاب العلاقة.
ولعل خدمة الاستعلام التي أطلقتها «المعلومات المدنية» عن بيانات القاطنين لمُلاك العقار سهَّلت كثيراً عبر تمكينهم من الاطلاع والمتابعة، والتحقق من صحتها، ورفع الشكوى آلياً في حال وجود بيانات غير صحيحة، إلا أن الكثير من مُلاك تلك العقارات لم يستفيدوا من تلك الخدمة التي أطلقتها الهيئة في 2018، ربما لجهلهم بها، أو لأسباب أخرى، غير أن آخرين اكتشفوا من خلالها وجود أسماء مسجلة لديهم دون معرفتهم بها، وقامت الهيئة على الفور باتخاذ اللازم بشأنها.
وبلغ عدد الحالات التي لم يتم تغيير عنوان سكن المواطنين إلى عناوينهم السابقة ممن بلغوا 21 عاماً خلال عام 2018 نحو 25988 حالة، فيما بلغ عدد الحالات التي أُعيد تغيير عنوان سكن المواطنين إلى عناوينهم السابقة ممن بلغوا 21 عاماً خلال 2018 نحو 364 حالة، علماً بأنه يتم تغيير عنوان السكن لجميع أفراد الأسرة.
ومن أجل محاربة أي زيادة غير طبيعية في عدد ونوع القاطنين في المنازل، وضعت الهيئة ضمن أنظمتها ما يمنع إضافة أكثر من 4 أسر في السكن الواحد، إلا بموافقة مدير الإدارة، طبقاً لطبيعة العقار أو مساحته، ويتم عرضها على لجنة قواعد وإجراءات قيد عناوين المواطنين بنظام المعلومات المدنية، لدراسة الحالة بالتفصيل والبت فيها.
وكما هو معلوم، فإن الهيئة ليس لديها صفة الضبطية القضائية والسُّلطة لإجراء الكشف الميداني للقاطنين داخل المنازل، حيث ينحصر دورها في التأكد من الوثائق والمستندات والتقيد بالشروط والضوابط ذات العلاقة بمعاملات قيد أو تغيير عنوان السكن.
ورغم أن الهيئة قامت بحظر سكن العزاب في مناطق السكن النموذجية، والذي تم بموجبه عدم الموافقة على تسجيل أي عنوان لهذه الفئة وإصدار بطاقات مدنية لهم في تلك المناطق، فإن الواقع يقول غير ذلك، خصوصاً أن الكثير من تلك المناطق يشكو بعض سكانها من غزو العزاب لمناطقهم.
على كلٍ، يبقى أمام هيئة المعلومات المدنية، بالتعاون مع جهات الدولة المختلفة، فرصة تصحيح الوضع، والقضاء تماماً على ظاهرة «العناوين الوهمية»، عبر تسجيل عناوين خاصة لوافدين ليست لسكنهم الحقيقي الذي يعيشون فيه، وإن تمكنت من ذلك، فإنها بلا شك تكون قد نجحت في إنهاء ملف شائك سيكون له انعكاس طيب على الأمن الوطني للبلاد والعباد.
زحام على مواعيد «المدنية»
نتيجة كثرة حالات إلغاء عناوين السكن، والتي وصلت إلى أرقام كبيرة، وفق ما علمت «الجريدة» من مصادرها، يواجه الأشخاص الذين تسلموا إشعارات بإلغاء العناوين القديمة أزمة في الحصول على موعد لمراجعة الهيئة العامة للمعلومات المدنية.
ومن يدخل على تطبيق سهل للحصول على موعد تغيير عنوان سكن لدى الهيئة، فسيجد أن كل المواعيد الممكنة في كل الأفرع غير متاحة.