أعلنت وزارة الصحة يوم الأربعاء الماضي تخفيض أسعار 209 أدوية في القطاع الخاص، حيث تتجاوز بعض التخفيضات أكثر من 60 في المئة، مقارنة بالسعر السابق، وهذا القرار الذي أصدرته الوزارة، مشكورةً، سبقته عدة قرارات مماثلة خلال السنوات الماضية.
وهذه القرارات هي تنفيذ للقانون الذي قدمته شخصياً بإلزام وزارة الصحة بتسعير الأدوية في القطاع الخاص، تحسباً لغلائها، لأن الدواء حاجة إنسانية قبل أن يكون سلعة تجارية، وصدر بحمد الله في مجلس 1985، ثم نقل إلى القانون 28 لسنة 1996 بتنظيم مهنة الصيدلة الذي قدّمته أيضاً مع بعض الزملاء، بالتعاون مع الجمعية الصيدلية، وبحمد الله مازال هذا القانون يؤتي ثماره إلى اليوم.
وليس هذا القانون هو الوحيد الذي تطالعنا الأخبار كل فترة بجني ثماره وفائدته المالية على الكويت وأهلها، فقانون الزكاة الذي قدمناه في مجلس 2006 يحصّل 1 في المئة من أرباح الشركات المساهمة، تضاف إلى الميزانية السنوية لمساعدة المحتاجين من الكويتيين والبدون، وكذلك القانون 19 لسنة 2000 الذي قدمناه في مجلس 1999، وتمت فيه إضافة مادة لتحصيل 2.5 في المئة من أرباح الشركات تضاف إلى الميزانية السنوية لإنشاء صندوق دعم الكويتيين العاملين في القطاع الخاص بالعلاوة الاجتماعية وعلاوة الأطفال، وكذلك قدمنا القانون 1 لسنة 1999 الذي يلزم صاحب العمل بالضمان أو التأمين الصحي لجميع الوافدين العاملين عنده، تخفيفاً عن ميزانية الدولة وتقليلاً للعجز فيها، وأيضاً القانون 31 لسنة 2004 الذي يقضي بمصادرة وتحصيل أموال وممتلكات المتهم الهارب في قضايا الأموال العامة، والجاري تطبيقه الآن.
وهناك المزيد من القوانين والقرارات التي تحمل نفَس وروح زيادة إيرادات الدولة، أو التخفيف من أعباء الميزانية، أو مساهمة القطاع الخاص، وكلها وافقت عليها الحكومة، فهذا النفَس والتوجه كان حاضراً في المجالس السابقة، لكنه غاب إلى درجة كبيرة في المجالس الأخيرة، وحلّت محله المزايدات الانتخابية الشعبوية، والنزاعات الجوفاء التي لم تؤد إلى تحقيق مثل تلك المكاسب المالية، بل انصرفت إلى تقديم اقتراحات تكلف المليارات وتعمق العجز، وهذا يدل على أن العيب ليس في الدستور نفسه، بل في الأشخاص الذين لم يُحسنوا تطبيقه، وغاب عنهم أن الدستور نشأ ووضع بالتفاهم والتوافق لتحقيق الثمار والمكاسب للبلد وأهله، ولا يمكن أن يؤتي ثماره بالشعبوية المهدرة وبالتنازع البغيض، مما يقوّض أسس التفاهم والتوافق.