ترامب ينجو من الاغتيال عشية مؤتمر الجمهوريين
الأمير مهنئاً بسلامته: محاولة آثمة وعمل إجرامي يتنافى مع المبادئ والقيم
• منفذ الهجوم ناخب جمهوري ومتبرع ديموقراطي قُتل بعد ثوانٍ من إطلاقه النار
• دونالد يدعو إلى الوحدة وتوقعات بانعكاسات إيجابية على حملته
• بايدن وحزبه يرفضان العنف السياسي في أميركا... وإدانة جمهورية للتراخي الأمني
• دول العالم تستنكر الحادث... والكرملين يحرّض على البيت الأبيض
في هجوم من المرجّح أن يغيّر ملامح السباق إلى البيت الأبيض ويغذّي المخاوف القائمة منذ فترة طويلة بأن الحملات الانتخابية قد تنجرف إلى عنف سياسي، أصيب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب برصاصة في أذنه خلال تجمُّع انتخابي، أمس الأول، في بتلر بولاية بنسلفانيا، بعد خلل أمني كبير سمح للجاني بأخذ موقعه على سطح مبنى لا يبعد سوى 150 متراً عن المنصة.
وعكست أول عملية إطلاق نار على رئيس أميركي أو مرشح لحزب كبير، منذ محاولة اغتيال الرئيس الجمهوري رونالد ريغان عام 1981، حجم الاستقطاب في الولايات المتحدة المنقسمة بشكل مرير إلى معسكرين لهما رؤى سياسية واجتماعية متباينة. وفي اللحظات التي أعقبت إطلاق النار، تجمّع أفراد الأمن المخصصين لترامب حوله لحمايته. وسرعان ما ظهر ووجهه ملطّخ بالدم ولوح بقبضته في الهواء، وهو يردد «كفاح! كفاح! كفاح!».
وحدد مكتب التحقيقات الاتحادي (FBI) هوية «الشخص المتورط بمحاولة اغتيال ترامب، موضحاً أنه يدعى توماس كروكس (20 عاماً) من بيثيل بارك بولاية بنسلفانيا، ومسجل ضمن ناخبي الحزب الجمهوري وفقاً لسجلات الولاية.
وتداول رواد مواقع التواصل مقطع فيديو مصور لكروكس، يقول فيه: «أكره الجمهوريين وأكره ترامب».
وفي وقت سابق، أعلن جهاز الخدمة السرية (الحرس الرئاسي) مقتل مطلق النار، كما قُتل أحد المشاركين في التجمع الانتخابي، وأصيب اثنان من الحضور.
وكان ترامب (78 عاماً) قد بدأ للتو خطابه عندما دوّى إطلاق النار. وأمسك أذنه اليمنى بيده ثم أنزلها لينظر إليها، قبل أن يجثو على ركبتيه خلف المنصة، ويغطيه أفراد جهاز الخدمة السرية.
وظهر بعد دقيقة وقد سقطت قبّعته الحمراء وأمكن سماعه يقول: «انتظروا، انتظروا» قبل أن يلوّح بقبضته في الهواء. وبعدها نقله أفراد الأمن بسرعة إلى سيارة دفع رباعي سوداء.
ولاحقاً، كتب ترامب، عبر منصته تروث سوشيال، «أصبت برصاصة اخترقت الجزء العلوي من أذني اليمنى... لقد نزفت كثيراً»، وشكر «سلطات إنفاذ القانون والمستجيبين الأوائل على تحرّكهم السريع خلال هذا الفعل الشنيع».
وغادر ترامب منطقة بتلر تحت حماية جهاز الخدمة السرية، بمساعدة شرطة ولاية بنسلفانيا، ووصل بعد ذلك إلى منتجع الغولف الخاص به ومقر إقامته في بيدمنستر بولاية نيوجيرسي.
ما لا يمكن تصوّره
وفي منشوره الثاني على منصته، حضّ ترامب، أمس، الأميركيين على الوحدة و«عدم السماح للشرّ بأن ينتصر»، وأكّد أن «الله وحده منع وقوع ما لا يمكن تصوّره».
وأعرب عن تطلعه للتحدث للأمة خلال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري هذا الأسبوع، قائلاً: «في هذه اللحظة، من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نقف صفاً واحداً، ونظهر شخصيتنا الحقيقية كأميركيين، ونحتفظ بما لدينا من قوة وإصرار».
وبعد تلقيه إحاطة أولية حول الحادث، سارع الرئيس جو بايدن وكبار الأعضاء في الحزبين الجمهوري والديموقراطي إلى التنديد بالعنف، فيما توالت ردود الفعل من قادة العالم للتنديد بالهجوم.
وقبل اتصاله بترامب للاطمئنان عليه، قال بايدن، في بيان: «لا مكان لهذا النوع من العنف في أميركا، يجب أن نتحد كأمة واحدة لإدانته».
ووقع إطلاق النار قبل أقل من 4 أشهر من الانتخابات المقررة في 5 نوفمبرالمقبل، عندما يواجه مرشح الحزب الجمهوري ترامب، مرشح الحزب الديموقراطي بايدن للمرة الثانية.
وتظهر معظم استطلاعات الرأي، بما في ذلك استطلاعات رويترز/ إبسوس، أن المنافسة متقاربة بين الرجلين. وقال مستثمرون إن الهجوم ورَدّ ترامب المتحدي من المرجح أن يعزز فرص عودته للبيت الأبيض، وأضافوا أن الرهانات على فوزه هذا ستتزايد الأسبوع المقبل.
ومن المقرر أن يحصل ترامب على الترشيح الرسمي لحزبه في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري المقرر أن يبدأ في ميلووكي اليوم.
إخفاقات أمنية
وأثارت واقعة إطلاق النار تساؤلات على الفور بشأن الإخفاقات الأمنية لجهاز الخدمة السرية، الذي يوفّر للرؤساء السابقين، بمن فيهم ترامب، الحماية مدى الحياة.
وقال جهاز الخدمة السرية إن الطلقات جاءت - على ما يبدو- من خارج المنطقة التي يؤمّنها الجهاز. وقال مكتب التحقيقات الاتحادي إنه تولّى التحقيق في الهجوم.
وخلال مؤتمر صحافي في وقت متأخر أمس الأول، قال مسؤولو المكتب إن من المفاجئ أن يتمكن المشتبه به من إطلاق عدة طلقات. ولم يكن لدى جهاز الخدمة السرية ممثل في تلك الجلسة الإعلامية، التي ضمت مكتب التحقيقات الاتحادي ومسؤولي إنفاذ القانون في الولاية. وبعد ساعات من الهجوم، استدعت لجنة الرقابة في مجلس النواب، الذي يقوده الجمهوريون، مديرة جهاز الخدمة السرية، كيمبرلي تشيتل، للإدلاء بشهادتها في جلسة استماع مقررة في 22 الجاري. وقالت اللجنة، في بيان، «الأميركيون يطالبون بإجابات بشأن محاولة اغتيال الرئيس ترامب».
وزاد الهجوم من المخاوف القائمة منذ فترة طويلة من احتمال اندلاع عنف سياسي خلال الحملة الرئاسية وبعد الانتخابات. وتعكس هذه المخاوف جزئياً الاستقطاب بين الناخبين، إذ تبدو البلاد منقسمة بشكل مرير إلى معسكرين لهما رؤى سياسية واجتماعية متباينة.
وقال رئيس مجلس النواب الجمهوري، مايك جونسون، على منصات التواصل «هذا العمل المروع من العنف السياسي في تجمّع انتخابي سلمي ليس له مكان في هذا البلد، ويجب إدانته بالإجماع وبقوة».
من جهته، قال زعيم الأغلبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، إنه شعر بالفزع مما حدث، وعبّر عن ارتياحه لأن ترامب بخير. وأضاف: «العنف السياسي ليس له مكان في بلادنا».
في حين قال مسؤول في حملة بايدن، إن الحملة أوقفت إعلاناتها التلفزيونية مؤقتاً، وأوقفت جميع الاتصالات الخارجية الأخرى.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز/ إبسوس أخيراً أن الأميركيين يخشون تصاعد العنف السياسي، إذ عبّر 2 من كل 3 مشاركين في استطلاع أجري في مايو عن القلق من احتمال حدوث عنف بعد الانتخابات.
وقال بعض حلفاء ترامب الجمهوريين إنهم يعتقدون أن الهجوم له دوافع سياسية. في وقت قال النائب الجمهوري، ستيف سكاليز، الذي يعد رقم 2 من حيث الأهمية في مجلس النواب، والذي نجا من حادث إطلاق نار له دوافع سياسية عام 2017 «على مدى أسابيع، كان الزعماء الديموقراطيون يؤججون الهستيريا السخيفة بأن فوز ترامب وإعادة انتخابه سيكون نهاية الديموقراطية في أميركا».
وأضاف: «من الواضح أننا رأينا مجانين من اليسار المتطرف يتصرفون بناء على خطاب عنيف في السابق. هذا الخطاب التحريضي يجب أن يتوقف». وتفوّق ترامب، الذي شغل منصب الرئيس بين 2017 و2021، بسهولة على منافسيه على ترشيح الحزب الجمهوري في وقت مبكر من الحملة.
وقد وحّد حوله إلى حد كبير الحزب الذي تراجع دعمه لفترة وجيزة، بعد أن هاجم أنصار ترامب مبنى «الكابيتول» يوم 6 يناير 2021 في محاولة لإلغاء هزيمته بانتخابات عام 2020.
ودخل رجل الأعمال ونجم تلفزيون الواقع السابق سباق الرئاسة هذا العام وهو يواجه مجموعة من المشاكل القانونية، بما في ذلك 4 محاكمات جنائية منفصلة، دينَ في واحدة منها أواخر مايو بمحاولة التستر على دفع مبالغ مالية لشراء صمت ممثلة أفلام إباحية، لكنّ المحاكمات الثلاث الأخرى، بما في ذلك اثنتان تتعلقان بمحاولته إلغاء هزيمته، توقفت بسبب عوامل مختلفة، بما في ذلك قرار المحكمة العليا، في وقت سابق من هذا الشهر، الذي وجد أنه يتمتع بحصانة جزئية من الملاحقة القضائية.ووسط توقعات بأن تنعكس الحادثة إيجابياً على حملة ترامب، خصوصاً بعد صورته التاريخية وهو يرفع قبضته في الهواء والدماء تلطخ وجهه، زعم العديد من السياسيين، أن بايدن أو حملته يقفون «مباشرة» وراء إطلاق النار، دون تقديم أدلة.
وكتب النائب الجمهوري عن ولاية جورجيا، مايك كولينز: «أرسل جو بايدن الأوامر»، في حين كتب السيناتور عن ولاية أوهايو، جيه دي فانس، وهو أحد أبرز المنافسين لمنصب نائب الرئيس لترامب، على منصة «إكس» أن خطاب حملة بايدن «أدى مباشرة إلى محاولة اغتيال الرئيس ترامب».
وأشار النائب الجمهوري عن ولاية تكساس، روني جاكسون، إلى شخصيات يسارية لم يسمها اتهمها بـ«المسؤولية المباشرة» عن الأحداث التي وقعت في تجمع حملة ترامب.
«AR-15» تجدد جدل حمل السلاح
مع تجدد جدل حق حمل السلاح، صادر المحققون بندقية AR-15 المستخدمة بمحاولة الاغتيال.
وتعد بندقية AR-15 سلاحاً نصف آلي تنتجه شركة كولت بصورة أساسية. وتشابه في مظهرها M16 التي يستخدمها الجيش الأميركي.
وAR-15 غير قادرة على إطلاق النار المتواصل، ولكن المتمرسين يمكنهم إطلاق عدد كبير منها بفترة قصيرة جداً. ويمكن شراء البندقية من على شبكة الإنترنت مقابل نحو 1000 دولار. وأثارت البندقية الجدل خلال العقود الماضية عقب استخدامها في عدة حوادث إطلاق نار. وتم حظر السلاح لعدة أعوام، ولكنه أصبح متاحاً منذ 2004.
وجد استخدام هذه البندقية في محاولة اغتيال ترامب، الجدل بشأن السيطرة على الأسلحة بالولايات المتحدة.