هل ينتقل الإسرائيليون إلى المرحلة الثالثة من المواجهة مع حزب الله؟ يُطرح السؤال بكثرة لا سيما بعد إجهاض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كل مسارات التفاوض في سبيل الوصول إلى وقف إطلاق النار.

وتشير مصادر قريبة من حزب الله ومن المحور الإيراني إلى أن نتنياهو يصرّ على الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب، وأنه لا يريد الوصول إلى صفقة تسهم بوقف النار، وسط مخاوف من أن ينتقل في هذه المرحلة الى لبنان أيضاً، من خلال التركيز على عمليات الاغتيال.

Ad

وتشير مصادر متابعة إلى أن هناك إجراءات أمنية جديدة تتخذ من قبل الحزب لعدم السماح للإسرائيليين بتحقيق أهدافهم من عمليات الاغتيال.

وأمام هذا المشهد، تتكون قناعة واضحة لدى حزب الله بأن مسار الحرب والمواجهة سيكون طويلاً، وأن نتنياهو يعمل على مواصلة عملياته إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، وسيحاول ابتزاز الإدارة الحالية للحصول على أقصى ما يمكن تحصيله من دعم. ويعتبر الحزب أن لبنان سيكون مقبلاً على حرب استنزاف طويلة، على إيقاع إطالة أمد الحرب في غزة والمرحلة الثالثة التي يكرّسها نتنياهو. وهنا يترقّب لبنان تحديات أمنية كثيرة، إلى جانب التحديات العسكرية.

فعسكرياً أصبحت الوقائع معروفة من خلال الضربات المتبادلة، وسط استمرار استبعاد تحوّلها إلى حرب واسعة حالياً، بينما الخشية من الوضع الأمني الداخلي بناء على اختراقات واستثمارات إسرائيلية. إذ إلى جانب المواجهة العسكرية التي يشهدها لبنان بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، هناك حروب أمنية أخرى مفتوحة على مصراعيها. أهمها الحروب الأمنية المتعلقة بالاتصالات، والتي تقول بعض التقارير إن اسرائيل تستند عليها للوصول إلى عدد من قيادات الحزب الذين تتمكن من اغتيالهم أو استهدافهم بعد رصد تحرّكاتهم. هي معركة جديدة وطويلة يخوضها لبنان، لكنها معقّدة جداً، لا سيما في ظل معطيات دبلوماسية ودولية تتوافر على الساحة اللبنانية حول أن إسرائيل لا تريد شنّ حرب على لبنان، لأنها غير جاهزة وغير قادرة على ذلك، ولكنها ستستعيض عنها بالمزيد من الخروقات الأمنية، أو إثارة الإشكالات الداخلية بين المكونات.

أولاً، فيما يتعلق بالاختراقات الأمنية للاتصالات، فقد برز اختراق إسرائيل لخصوصيات اللبنانيين واتصالاتهم من خلال التنصّت على المكالمات الهاتفية عبر الكابل البحري الذي يربط لبنان بقبرص. لا سيما أن كابل CADMOS 2 الذي يربط لبنان بمحطة إنزال «بنتاسخينوس» التي تحوي الكوابل الإسرائيلية JONAH وARIEL التي تربط حيفا وتل أبيب بقبرص.

حرب أمنية أخرى يشهدها لها تتصل باستمرار الأجهزة الأمنية اللبنانية بإلقاء القبض على عناصر أجنبية تتجول في الضاحية الجنوبية لبيروت، وتعمل على رصد أو تصوير لمواقع ومناطق معيّنة، ووفق المعلومات، فإنه في الأيام الماضية ألقي القبض على شخصين في الضاحية الجنوبية، أحدهما يحمل الجنسية الأوكرانية، والآخر يحمل «الأذربيجانية»، ويعملان على تصوير مواقع، وقد جرى التحقيق معهما، علما بأنها ليست الحادثة الأولى، إذ قبل أشهر ألقي القبض على أشخاص يحملون جوازات سفر دبلوماسية، وقد تم إطلاق سراحهم بعد تدخُّل سفاراتهم.

تحدّ آخر يتصل بالوحدة الوطنية اللبنانية، خصوصاً أن هناك محاولات إسرائيلية لاستخدام بعض العرب المتعاونين مع إسرائيل داخل فلسطين، للتواصل مع لبنان والعمل على إقناعهم بزيادة منسوب التحريض ضد حزب الله، حتى أن هناك جهات تحاول العمل على نقل مساعدات مالية الى لبنان متخذةً أغطية دينية، وهو ما يُنظر إليه في لبنان بعدم الارتياح والحذر لما يمكن أن يكون لذلك تأثير سلبي على الواقع الداخلي، خصوصاً أن الإسرائيليين في حالة انعدام قدرتهم على شنّ الحروب يلجأون الى العبث داخل البيئات والطوائف المختلفة.

كل هذه المشهديات الأمنية، يضاف إليها حدثان برزا في الأيام الماضية، ويمكن أن يشكلا عناصر استغلال من قبل الإسرائيليين، الحدث الأول هو إشكال أخذ بعداً طائفياً بين الشيعة والأرمن في برج حمود، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، وهو ما سيعزز المنطق الأمني في البلد.

أما الحدث الثاني فهو إشكال داخل الضاحية الجنوبية لبيروت بدأ فردياً وتحوّل إلى إشكال بين حركة أمل وحزب الله، مما أدى إلى مقتل مسؤول في الحزب، مثل هذه الأحداث تدفع اللبنانيين إلى التخوف أكثر من تزكيتها لإشغال حزب الله في صراعات داخلية تسهم بإضعافه وعدم توافر حاضنة داخلية له وهو يخوض مواجهاته مع إسرائيل.