مما لا شك فيه أن الظهور الإعلامي للمسؤولين وقيادات الدولة أمر كنا وما زلنا ننادي به، وأن يكون منهجا ثابتا، بحيث يكون المواطن والمقيم على دراية ومعرفة بسياسات وخطط الدولة على المدى القصير والبعيد، من أجل المساهمة في نجاح تلك الخطط والرؤى، والتي يفترض أن تحمل هدفا واحدا، وهو تحقيق مستوى رفاهية عالية لجميع من يعيش على هذه الأرض الطيبة.

غير أن هذا الظهور إن لم يكن يحتوي على برامج واضحة وأهدافا قابلة للقياس، وقبل ذلك قراءة موضوعية لحقيقة الاختلالات في الشأن الاقتصادي المحلي فإنه من الطبيعي ألا يكون ظهورا إيجابيا بل على العكس، فقد تكون له آثار سلبية محليا وخارجيا.

Ad

من هذا المنطلق، نعتقد أنه من السذاجة أن يتم إحسان الظن في تصريحات متكررة صدرت في الأيام القليلة الماضية من قبل وزارة المالية، نعتقد أنها تخالف أبجديات الاقتصاد، وتأتي دوما في سياق يخدم مصالح فئة معينة لا مصلحة الجميع، لذلك نرى أنه لم يكن عفويا أن يستمر الوزير في عرض بيانات مالية أحادية وغير شاملة لخدمة فكرة يريد ترسيخها، ومن ثم البناء عليها، من أجل اتخاذ قرارات تعلم الحكومة عدم وجود قبول شعبي لها بمبررات الإصلاح والاستدامة.

حيث كرر الوزير استخدام «لغة تخويفية» تبالغ في تصوير بعض التحديات، وتقفز على الأولويات المستقرة لدى ذوي الاختصاص، وكذلك نعتقد أنه لم يكن من قبيل الصدفة، طرح مقترحات ستزيد حجم أزمات يعاني منها المواطن بمبرر تحقيق أهداف عامة للاقتصاد، فهذا سلوك واضح يهدف الى «التغطية على فشل هيئات ومؤسسات في تحقيق مستهدفاتها».

وبمناسبة الحديث عن هذه المؤسسات والهيئات، وحديث وزارة المالية عن رفع كفاءة الإنفاق، نوجه للمعنيين في وزارة المالية هذه الأسئلة: هل من كفاءة الإنفاق استمرار تلك الهيئات والمؤسسات بشكلها الحالي أم إعادة هيكلتها؟ وهل من كفاءة الإنفاق التباين الحاد في رواتب القطاع الحكومي لنفس التخصص؟ وهل من كفاءة الإنفاق استمرار قانون الرواتب الاستثنائية؟ وهل من كفاءة الإنفاق أن تقبل وزارة المالية بتخصيص وصرف مكافآت لأعضاء مجالس إدارات هيئات ومؤسسات حكومية لم تحقق أي إنجاز يذكر، بل أتت الأخيرة خليجيا من حيث الأداء؟

خلاصة المقالة، نعتقد أنه بات واضحا أن الحكومة لديها تصورات وأفكار مسبقة بعيدة في معظمها عن الواقع، تريد تطبيقها بأي طريقة وآلية حتى وإن كانت على حساب قيم العدالة والمساواة. لذلك نقول إنه لا يمكن تقديم المهم على الأهم، ولا يمكن معالجة مشكلة عن طريق طرح مقترحات تخلق أزمات أخرى، بسبب الخوف من كلفة أو فاتورة معالجة جذور تلك المشكلة. «والأهم هو أنه لا يمكن لقيادات تولت مسؤولية قيادة تلك الجهات من فشل إلى فشل، أن تتولى هي نفسها مسؤولية الإصلاح المالي والاقتصادي».

أستاذ التمويل ومحاضر سابق في جامعة بورتسموث – المملكة المتحدة

Soud.almutairi@port.ac.uk