خايف من الشرطة على تحويشة العمر
أكثر من مرة كتبت أن ديموقراطيتنا تنحصر فقط في مجلس الأمة وفي انتخاباته، وأن الدستور، الذي صمَّ آذاننا بالدفاع عنه «المدافعون»، ينحصر فقط في المادة 107 الخاصة بإلزامية إجراء انتخابات مجلس الأمة، وتحريم تعطيل أعماله. ديموقراطيتنا ودستورنا هما مجلس الأمة ونوابه فقط.
حرية الرأي، وحق التعبير، وحرية البحث العلمي، التي كفلها صراحة دستور الكويت لا وجود ولا أثر لها. ومجلس الأمة نفسه أصدر أكثر من قانون إعلام يقيِّد حرية الرأي، ويعطِّل حق التعبير، دون أن يحتج أو يعترض أحد.
أيضاً كتبت، ولأكثر من مرة، عن تباهي وزارة الداخلية في أكثر من مرة وفي عرضها لـ «بسالة» منتسبيها في انتهاك حقوق الأفراد، والتعدي على الضمانات القانونية والدستورية الموفرة لحمايتهم. ويتم هذا التباهي والافتخار علناً، وعلى صفحات الجرائد، دون اعتراض أو استنكار المدافعين المزعومين عن الدستور.
المادة 31 من دستور الكويت، الذي يدافع عنه الجميع، الحكومة، والمعارضة، والموالون، تنص على أنه «لا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة والتنقل إلا وفق أحكام القانون». وأمس الأول، وعلى صفحات هذه الجريدة، أعلنت وزارة الداخلية بفخر، أنه «أثناء وجود دورية أمنية تابعة لمديرية أمن حولي لاحظت خروج وافد عربي من إحدى بنايات منطقة حولي حاملاً في يده كيساً، وعندما شاهد أفراد الدورية ارتبك وحاول الفرار». وأضاف المصدر أن «أفراد الدورية تمكنوا من ضبطه والسيطرة عليه. وبتفتيش الكيس الذي بحوزته، عُثر على مبلغ مالي كبير فشل الوافد في تبرير وجوده معه ومصدره».
مرة ثانية وعاشرة يتولى رجال «الداخلية» القبض على الأفراد لمجرَّد أنهم شكَّوا فيهم أو استنكروا تصرفهم، وطبعاً كون الفرد وافداً يسهل الأمر، ولا يدعو للاحتجاج أو استنكار أحد، بما في ذلك رجال القانون وحُماته المفترضون.
هذا الوافد يمكن كان يحمل معه، على قولة المصريين، «تحويشة العُمر»، ولما شاف رجال «الداخلية» ارتبك... ولماذا لا يرتبك؟ لماذا لا يرتبك ورجال «الداخلية» أحرار في القبض على أي إنسان متى ما شاؤوا؟ وهذا طبعاً طبقاً لتباهي وزارة الداخلية نفسها، وليس من عندي.
مثلما قلت وكتبت... دستورنا ينحصر فقط في مجلس الأمة وانتخاباته. أما حقوق الأفراد التي خُصص لها الباب الثالث بكبره من الدستور، فهي حبر على ورق.