اليمين يخطط لعائلة أطلسية موالية لترامب وروسيا
أوربان يحلم بأقلية معطلة... وفون دير لاين تقاطع رئاسته وتقاتل للبقاء في منصبها
من دون مفاجأة، أعاد النواب الأوروبيون انتخاب روبرتا ميتسولا رئيسة للبرلمان الأوروبي، بينما تكافح رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، للبقاء في منصبها، وسط تحذيرات من أن اليمين المتطرف، الذي اجتاح الانتخابات الأوروبية، أعاد تنظيم صفوفه وينتظر عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للبيت الأبيض، حتى «يشكل معه عائلة أطلسية جديدة موالية له ولروسيا وتهدد أوروبا».
وحظيت ميتسولا، وهي ثالث امرأة تتولى هذا المنصب وتنتمي لحزب الشعب الأوروبي (يمين الوسط)، بدعم النواب للفوز بولاية أخرى مدتها عامان ونصف العام، بعدما فاز حزبها بـ 188 مقعداً خلال الانتخابات الأوروبية التي جرت في يونيو الماضي، والتي شهدت صعوداً لافتاً للأحزاب القومية من اليمين المتطرف.
وحصلت منافستها إيرين مونتيرو، التي رشّحتها مجموعة اليسار البرلمانية، على 61 صوتاً فقط، بعد أن أدلى 623 نائباً بأصواتهم، فيما ترك 76 بطاقات اقتراعهم فارغة.
وكانت ميتسولا من مالطا أول زعيمة لمؤسسة تابعة للاتحاد الأوروبي تزور كييف بعد الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، ودعت مراراً وتكراراً دول الاتحاد إلى إرسال المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
مقاطعة المجر
في المقابل، تقاتل رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، للبقاء في منصبها، وفق ما ذكرت صحيفة «لوبوان» الفرنسية، مشيرة إلى أن دير لاين سعت لاستمالة نواب يمين الوسط بإعلانها مقاطعة رئاسة المجر للاتحاد الأوروبي، في خطوة هي الأولى من نوعها، وتأتي رداً على زيارات رئيس وزرائها فيكتور أوربان إلى روسيا والصين «في مبادرة سلام» من دون تفويض أوروبي.
وقررت دير لاين أن المفوضية الأوروبية لن تسافر إلى بودابست «في ضوء التطورات الأخيرة بمناسبة بداية الرئاسة المجرية»، حيث ستكتفي المفوضية بإرسال «مسؤول كبير» فقط، بعد أن تم إلغاء الزيارة التقليدية لهيئة المفوضين في بداية كل رئاسة دورية للاتحاد الأوروبي.
من جهتها، نقلت صحيفة «لوموند» الفرنسية عن دبلوماسيين لم تسمّهم أن مقاطعة الاجتماع في بودابست ستكون وسيلة لتوبيخ المجر، بعد أن أثار أوربان غضب الاتحاد الأوروبي عندما زار فلاديمير بوتين في «مبادرة سلام» مفترضة لم يتم الاتفاق عليها مع الدول الأعضاء بالاتحاد.
إعادة انتخاب المالطية روبرتا ميتسولا رئيسة للبرلمان الأوروبي
وتولت المجر منذ مطلع يوليو الجاري الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي، فيما يتهم أوربان بإساءة استخدام هذا الموقع لمناقشة سبل «وقف إطلاق النار» في أوكرانيا، وهو ما يخالف الموقف الأوروبي المتمثل في الدعم الكامل لكييف وعزل روسيا.
ويفكر البعض في تقصير فترة الرئاسة المجرية للاتحاد الأوروبي، بعد أن انتقد نواب وسفراء أوروبيون إجراءات الرئاسة المجرية، وعلى وجه الخصوص استخدام شعارات الاتحاد الأوروبي خلال الزيارات التي قام بها أوربان من دون تفويض من الاتحاد.
في هذا السياق، اعتبرت رئيسة كتلة التجديد بالبرلمان الأوروبي، فاليري هاير، أن «رئيس الوزراء المجري يقوض المواقف التي يتبناها الاتحاد الأوروبي، ويتصرف ضد مصالحنا، وهذا يجب أن يتوقف»، مشددة على ضرورة «وضع حد لرئاسة أوربان المضللة»، وأن «ما يسمى بمهمة السلام يشكّل تهديداً أمنياً، واتصالاته المعزولة مجرد ستار من الدخان لمصالحه الخاصة».
ويفكر الاتحاد الأوروبي أيضاً في إلغاء اجتماع وزراء الخارجية المقرر عقده خلال أغسطس المقبل في بودابست، حيث من المقرر أن يدعو رئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل، وزراء خارجية الدول الأعضاء إلى اجتماع في بروكسل بنفس الموعد، وفق ما كشف دبلوماسيون في عاصمة الاتحاد الأوروبي لصحيفة «لوموند».
عائلة أطلسية
من جانبه، حذّر الأمين العام السابق للبرلمان الأوروبي، عضو حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي، كلوس ويل، في مقابلة مع صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية من أن كتلة اليمين المتطرف (الوطنيون من أجل أوروبا) التي أنشأها رئيس الوزراء المجري بالبرلمان الأوروبي ستكون موالية بقوة للمرشح الجمهوري دونالد ترامب، وستسعى إلى إنشاء «عائلة أطلسية جديدة» بعد وصوله إلى البيت الأبيض.
وأوضح ويل أن انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو الماضي شهدت صعوداً لافتا لليمين المتطرف، حيث تمكن أوربان من تشكيل ثالث كتلة في البرلمان الأوروبي، ويحيط نفسه حالياً بمعاونين جيدين جداً، ويسعى إلى أن تصبح مجموعته الكتلة الثانية في البرلمان الأوروبي.
وأضاف أنه بعد الانتخابات الأميركية، سيعيد القوميون الأوروبيون تنظيم صفوفهم بقوة أكبر حول ترامب، غير أنه أقر بأنه لن تكون هناك عواقب فورية في البرلمان الأوروبي، حيث سيظل ميزان القوى على حاله على مدى السنوات الخمس المقبلة، أي بثلث لليسار، وثلث للوسط، وثلث صغير لليسار البناء واليمين المتطرف.
وشدد على أن اليمين المتطرف يسعى إلى تشكيل «أقلية معطلة» بالبرلمان الأوروبي، تضم نواباً من أحزاب حاكمة أو أحزاب معارضة قادرة على الوصول إلى السلطة في أي وقت، كما هي الحال بالنسبة للحزب التشيكي (اي إن أو) أو التجمع الوطني في فرنسا.
وقال إنه «إذا أضفنا رئاسة ترامب التي يرتبطون بها بشكل وثيق، فمن الواضح أنه يتم إنشاء عائلة سياسية جديدة عبر الأطلسي مؤيدة لترامب ولروسيا، ومن هذا المنطلق، فإن زيارات أوربان إلى موسكو والصين ولقاءه الرئيس الأميركي السابق هي مقدمة للوضع الذي يمكن أن نجد أنفسنا فيه بعد الانتخابات الأميركية»، مشيراً إلى أنه «توجد حالياً استثمارات ضخمة لدعم اليمين المتطرف، ما يمثل خطراً هائلاً بالنسبة لأوروبا وأوكرانيا».
وأكد أن الاتحاد الأوروبي يتعرّض لضغوط جيوسياسية تهدد سيادته، مضيفاً أنه «من أجل حماية الاتحاد من تدخّل أطراف ثالثة، مثل روسيا والصين وإيران، وربما أيضاً الولايات المتحدة تحت قيادة ترامب، يجب تزويده بأجهزة استخبارات أوروبية».