هذا ما رواه أبو ذر، رضي الله عنه، عن نفسه، لما سأل الرسول، صلى الله عليه وسلم، أن يوليه ولاية، فأجابه النبي وهو يضرب على منكب أبي ذر: يا أبا ذر، إني أحب لك ما أحب لنفسي، ولكن إني أراك ضعيفا، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أداها بحقها.

فما أهم الملاحظات التي لاحظها النبي في شخصية أبي ذر، ليقول له ذلك؟

Ad

من المؤكد ليس ضعفا في إيمان أبي ذر، ولا ضعفا قي بنيته الجسمية، فهو من الذين آمنوا قبل الهجرة وحسن إيمانه، ودخل في مشادة مع مشركي قريش وضُرب حتى أوشكوا أن يقضوا عليه، فطلب منه النبي أن يذهب إلى قومه لينشر الإسلام بينهم، ولا يأتي النبي حتى يظهر الله أمر هذا الدين، وأيضا ليس ضعفا في بنيته الجسدية، إذ كان قوي الجسم، فترك مكة استجابة لنصيحة النبي، وجاء المدينة بعد غزوة أُحد، ولما بدأ الإسلام ينتشر في الأمصار وبين القبائل، طلب من الرسول أن يوليه، فأجابه الرسول، صلى الله عليه وسلم، بما أشرنا إليه.

إذاً لا بد أن تكون هناك جوانب أخرى في شخصيته، رضي الله عنه، لم يعرفها هو وعرفها النبي، صلى الله عليه وسلم، ونصحه تلك النصيحة، فالولاية على أمور الرعية تتطلب أموراً كثيرة وخاصة في ذلك العهد، من أهمها إضافة إلى حسن إيمان الشخص، القدرة على إدارة الشؤون المالية والسياسية للولاية، وحسن التفاهم مع الأفراد وخاصة الخصوم، وغيرها من الأمور التي لم تكن متوافرة في شخصية أبي ذر، لذلك لم يغضب، بل هو من روى الحديث، كما جاء في صحيح البخاري ومسلم.

فالإنسان أحيانا يرى نفسه أنه قادر على أداء مهام ويتحمس لذلك، في حين يرى آخرون ملمون بشخصيته، أنه عاجز عن أداء تلك المهام، وهذا ما شاهدناه في إصرار الرئيس الأميركي بايدن على الترشح لولاية ثانية، في حين يرى كثير من أعضاء الحزب الديموقراطي أنه غير صالح، خاصة بعد أدائه السيئ في المناظرة التي أجريت بينه وبين الرئيس السابق ترامب.

وفي نهاية المقال نأمل أن تكون لنا القدرة على حسن اختيار القيادات للمناصب القيادية، لأهمية ذلك في تطوير الدولة، فالكثير ينتظرون التطوير المرتقب، بعد تعطيل المجلس، المتهم بعرقلة المشاريع، وانفراد السلطة والحكومة باتخاذ القرار، وبعد الاكتشافات النفطية الجديدة نأمل أن يكون لذلك دور إيجابي في تحقيق نهضة لبلادنا الحبيبة.