الرصاصة لا تزال في جيب ترامب... عدو الأمس نائب اليوم
اخترق الحدث وسائل الإعلام بسرعة تفوق الرصاصة التي انطلقت لتجرح أذن الرئيس السابق والمرشح الحالي دونالد ترامب ناجياً منها بأعجوبة وقطرات الدماء على وجهه، وتصدرت وسائل الإعلام تفاصيل وتفاسير «محاولة الاغتيال الفاشلة» التي تعرض لها ونجا منها تاركة المشهد السياسي بين اتحاد ناخبي الحزب الجمهوري وانقسامهم.
وكما قيل سابقا مشاهد الدماء وسط الأحداث لا تجتذب إلا أسماك القرش، فقد جذبت الأحداث وسائل الإعلام بأدواتها الحادة لتخرج لنا بتداعيات الحادثة على مدى قبول الحزب الجمهوري ودعمه لترامب ثم وضع الحد الفاصل بين بايدن وترامب، فهل ينجح ترامب بعد تلك الأحداث في الوصول إلى البيت الأبيض؟
ترامب أصبح البطل والضحية معاً، وبايدن بلغ أضعف حالاته رغم صلابة تحديه، حيث تحدث مع ترامب للاطمئنان على صحته وللتصريح بصيغة «رئاسية» عن رفضه للعنف السياسي.
بايدن الذي لم يستطع التسويق لإنجازات إدارته خلال فترته الرئاسية وسط تكرار هفواته، على سبيل المثال تلفظه باسم بوتين بدلا من زيلنسكي، يقف اليوم أمام رجل الإعلان والتسويق ليقنع الناخب بحمايته للديموقراطية، ولا شك في أن وسائل التواصل عمقت الخلاف والانقسام كما تفعل دائما في مواسم الانتخابات ودخول شخصيات مثيرة للاستقطاب كترامب خارج إطار الأعراف الرئاسية أدى إلى اشتعال البيئة السياسية، الى جانب محاولات بعض الجمهوريين إلصاق تهمة العنف السياسي بالديموقراطيين بعدما كانت مرتبطة بالماضي باليمين المتطرف.
وعند اختيار نائب للرئيس اختار ترامب عدو الأمس ومن هاجمه مسبقا من خلال مقالات متعددة وهو جي دي فانس عضو الحزب الجمهوري وعضو مجلس الشيوخ الأميركي ليصبح نائبا له، فانس الذي وصفه الإعلاميون بصاحب الوجه الغاضب والذي كتب مقالا في «واشنطن بوست» خلال العام الماضي بعنوان «دكتاتورية ترامب أصبحت وشيكة» ومؤلف كتاب «هيلي بيلي» حول مذكراته وسط الطبقة العاملة والثقافة والعوامل الاجتماعية والاقتصادية وصاحب النظرة الحادة للدول الأوروبية التي تسعى إلى الحصول على الدعم والخدمات الأمنية، يقف اليوم نائبا لترامب وبدعم من زوجته التي تتحدر من أصول هندية وتتمتع بخلفية قانونية لافتة للنظر، ومن يدري لعل اختياره فانس يرأب الصدع داخل الحزب الجمهوري تجاه ترامب ويمنحه قبولا؟!
خلاصة الأمر مع انطلاق الرصاصة والسباق الرئاسي الأميركي تنطلق رؤى وتوقعات حول مستقبل الأقطاب الإقليمية وأماكن النزاع، والصفات الشخصية والصحية لمرشحي الرئاسة لما لها من أثر مباشر ليس على النتائج فحسب، بل على عملية اتخاذ القرار خلال الفترة القادمة، فهل تبقى رصاصة النجاح في جيب ترامب كما حدث في فيلم «الرصاصة لا تزال في جيبي» قصة إحسان عبدالقدوس الذي يبتدئ بأحداث غزة وحرب الاستنزاف بأكتوبر حتى يعود البطل منتصراً والرصاصة في جيبه.
وللحديث بقية.