علمت «الجريدة» بوجود 8 موافقات لإنشاء مصانع دواء ومحاليل طبية ونحو 21 موافقة على إنشاء منشآت لصناعة المستلزمات الطبية لكن لم ينفذ منها شيء، لعدم توزيع الأراضي الصناعية، حيث كان آخر توزيع لها قبل 25 سنة، كما أن بعض تلك الموافقات صدر منذ عام 2003، ومن أهمها موافقة على إقامة منشأة لإنتاج الحقن التي تخص مرضى السرطان.

وحصلت مجموعة من المتقدمين على رخص منشآت صناعية لمزاولة صناعة الدواء والمستلزمات الطبية لكن تنفيذها ظل حبيس الادراج، لعدم وجود الأراضي أيضا.

Ad

ومع ذلك يتخوف المستثمر المحلي من الدخول في القطاع الصحي بسبب صعوبة تصدير الأدوية معقدة الصنع، فضلا عن الخوف من المنافسة الشديدة عالميا، وعدم وجود برنامج دعم حكومي للصناعات الطبية والدوائية، وغياب الرؤية الإصلاحية لتحول القطاع الصحي من قطاع استهلاكي الى منتج.

ويعتبر القطاع الصحي من أهم القطاعات التنموية التي تساهم في استدامة التنمية وزيادة الرفاهية والإنتاجية ورفع معدلات الحياة، كما أنه يساهم في رفع كفاءة القطاع التعليمي في أي دولة، لأن هناك ارتباطا وثيقا بين التعليم والصحة.

وأنفقت الكويت على القطاع في السنة المالية 2023/ 2024 أكثر من ثلاثة مليارات دينار، أي أن الإنفاق العام عليه يبلغ نحو 12 في المئة من الميزانية المرصودة لتلك السنة.

وبالمقارنة مع ميزانية السنة المالية 2015/2016 كان المبلغ المرصود (1.604 مليار دينار) أي ان معدل الزيادة تضاعف أقل من 3 مرات، في حين سجل معدل السكان زيادة تقارب 10 في المئة.

كما أن فاتورة «الصحي» داخل الكويت قابلة للزيادة بشكل كبير دون تحقيق أمن صحي، وذلك لأسباب كثيرة أهمها عدم إشراك القطاع الخاص، وسوء التخطيط الصحي، وضعف المخرجات التعليمية من المعاهد الصحية، وعدم توطين وجذب الصناعات الدوائية وصناعة المعدات والمستلزمات الطبية.

أما تكلفة الدواء في ميزانية 2023/ 2024 فكانت (667.497 مليون دينار) أي تمثل نسبة 22 في المئة من الميزانية المرصودة للقطاع الصحي، حيث زادت تكلفة الدواء عن عام 2022/ 2023 نحو 25 في المئة.

كما أوضح العرض المرئي لميزانية 2024/2025 أن هناك انخفاضا في بند مصروفات الدواء بمبلغ (192.2 مليون دينار)، وذلك بسبب معالجة الهدر في بعض أنواع الأدوية، ومع ذلك سجلت الميزانية زيادة مبلغ (102.2 مليون) تكاليف التأمين للمتقاعدين بسبب دخول شريحة جديدة وهي ربات البيوت.

وفيما يتعلق بصناعة الدواء والمعدات والمستلزمات الطبية، يوجد في الكويت مصنع واحد لإنتاج الدواء وآخر للمستلزمات الطبية وما يقارب 26 حرفة صناعية يكون أحد أوجه انتاجها مستلزمات طبية كالنظارات الشمسية ومن إحدى صناعاتها العدسات الطبية.

وبناء على التقارير المنشورة لمنظمة الصحة العالمية لسنة 2021، يخصص القطاع الصحي الكويتي 22.93 طبيبا بشريا و45.9 ممرضا وممرضة و4.82 صيادلة و6.62 أطباء أسنان لكل 10 آلاف فرد، كما تتوقع التقارير ان تصل الخدمات الصحية الى (337.4 ألف فرد إضافي) بحلول عام 2025، فضلا عن أن أكثر أسباب الوفاة في الكويت تتمثل بأمراض القلب الإقفاري وارتفاع ضغط الدم والتهاب الجهاز التنفسي.

كما حصلت الكويت في مؤشر تغطية الخدمات الصحية الأساسية الذي يضم 14 مؤشراً للخدمات الصحية كمقياس للتنمية المستدامة على تقييم 78 من 100 لسنة 2021، وهذا التقييم لم يرتفع إلا درجة واحدة عن سنة 2019 الذي كان تقييم الكويت فيه 77.

«الصحة العالمية»

يظهر تقرير صادر من منظمة الصحة العالمية للعام 2018 أن القطاع الصحي الكويتي يعاني ضعف تدريب المخرجات للمعاهد الصحية بالكويت، كما يعاني افتقار التخطيط الصحي والتنسيق بين وزارة الصحة والمجلس الأعلى للتخطيط.

وعلاوة على ذلك، يشير التقرير إلى أن أكثر من 50% من عاملي القطاع الصحي من جنسيات وافدة، وأن مشاركة القطاع الخاص في التنمية الصحية محدودة، ويوضح أن دعم الصحة الوقائية والتعزيزية منخفض مقابل دعم المستشفيات، وأن ربط المعلومات الصحية في هذا القطاع غير كافٍ.

ويرى التقرير أن أكبر تحدٍ للقطاع الصحي في الكويت هو خفض التكاليف دون المساس بجودة الخدمات المقدمة وتوحيد آلية جمع البيانات لكل المستويات الصحية.

«الأعلى للتخطيط والتنمية»

يورد التقرير الصادر من المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العام 2020 أن هيكل القطاع الصحي ينقسم إلى أربعة أقسام رئيسية، هي القطاع الحكومي والقطاع الأهلي والقطاع النفطي والقطاع العسكري، وكل قطاع يعمل باستقلالية عن الآخر.

ويشير التقرير إلى أن القطاع الصحي في الكويت يفتقد إلى رؤية واضحة للتخطيط والإصلاح، أيضاً يوضح عدم كفاءة الإنفاق الحكومي على القطاع، حيث تذهب أكثر من 50% من الميزانية المرصودة على الرواتب.

كذلك يظهر التقرير عدم وجود نظام وطني لتحسين جودة الخدمات الصحية يتماشى مع المعايير العالمية، ويركز على ضعف دور القطاع الخاص في التخصصات التي تتطلب العلاج بالخارج. ووفق التقرير، فإن الخدمات الصحية دون الطموح مع ارتفاع التكاليف كل عام، وأن هناك نقصاً في بعض الأدوية المهمة.

الهيكل التنظيمي

يعمل في وزارة الصحة ما يقارب 90 ألفاً من أطباء وممرضين وفنيين وإداريين، وكما يشير تقرير منظمة الصحة العالمية فإن إعادة التنظيم الإداري للقطاع الصحي سوف يبسط ويسهل مجموعة من الوظائف أهمها جمع المعلومات الصحية.

أيضاً تذكر مجموعة من موظفي وزارة الصحة أن الهيكل التنظيمي قديم ولم يتطور، حيث كثير من إدارة الأقسام الطبية والإدارية تختلط بها الأمور ويضيع بها القرار الإداري بسبب غموض الهرم الإداري مثل أقسام الصيدلية في المراكز الأولية وأقسام البحث القانوني في المناطق الصحية وغيرها.

الدواء والمعدات والمستلزمات

تشير التقارير إلى أن الإمارات لديها ما يقارب 24 مصنعاً لصناعة الأدوية والمستلزمات الطبية، وأنها تصنع ما يقارب 1800 دواء، كما يوجد في الإمارات 90% من الشركات العالمية لصناعة الأدوية من خلال مقار دائمة لها تغطي ما يقارب 50% من احتياجات المنطقة.

وفي السعودية، وفق التقارير، فإن عدد مصانع الأدوية المسجلة 50 مصنعاً، تغطي احتياجاتها بنسبة 42% من حيث الحجم ونسبة 28% من حيث القيمة.

أما في الكويت فهناك مصنع واحد لصناعة الأدوية ينتج ما يقارب 140 دواء ومحاليل لاستخدام المستشفيات، ومصنع للمستلزمات الطبية والتعقيم ولا يتعدى 26 حرفة صناعة وأحد قطاعاتها إنتاج مستلزمات طبية عادية.

استراتيجية الصناعة

تقول الهيئة العامة للصناعة، إن استراتيجيتها الصناعية التي هي جزء من نظرة الدولة لعام 2035، سوف تكون بخلق تجمعات صناعية على مساحات محددة يسهل توطين الصناعات الدوائية والمعدات والمستلزمات الطبية ويكون داخل تلك التجمعات مراكز التدريب والتطوير.

لكن هذه الاستراتيجية أقرب لأن تكون أحلاماً بسبب عدم تحديد حجم مساحات الأراضي والمواقع الجغرافية للتجمعات الصناعية الطبية وعدم تحديد الميزانية المخصصة لتحقيق تلك الاستراتيجية وأسماء الشركات المستهدفة بالتنسيق مع هيئة تشجيع الاستثمار الأجنبي.