يذكر المؤلف أندرو بيرجهوف في عدد أمس من جريدة الفايننشال تايمز أن «تغيّر المناخ سيؤدي إلى تفاقم الصراعات، وهذا الأمر سيزداد مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة، إلا أن الاستجابة لتغيّر المناخ من خلال التحول في مجال الطاقة قد يؤدي بذاته إلى صراعات...».

ويؤكد في مقاله «أن البلدان الأكثر تضرراً لهذا التحول في مصادر الطاقة هي تلك البلاد التي تعتمد ميزانياتها على عوائد النفط لتوفير الخدمات الأساسية، كالوظائف والإعانات والأمن لسكانها».

Ad

ثم يذكّرنا هذا الكاتب بما قاله وزير النفط الفنزويلي، الفونس، الذي كان بجهده مع نظيره السعودي في الستينيات عبدالله الطريقي وراء تأسيس منظمة أوبك، بشأن ما يسمّى «لعنة الموارد»، بمعنى أن ترهن هذه الدول حياتها لمصدر وحيد للطاقة، كما هو حادث الآن لمعظم دول المنطقة، إلّا أن أكثرها انتبه لهذا الإدمان النفطي، وأخذت تشرع في تنويع مصادر الدخل، وكانت دولة الإمارات هي المبادرة، والآن معها وتسابقها بقية دول الخليج تتصدرها المملكة العربية السعودية، ثم البقية، عدا الدولة الكويتية النائمة في العسل.

وحسب الكاتب، فإنّ الدول الأكثر ثراءً من دول الخليج ستستخدم صناديقها السيادية لتنويع اقتصادها، لكنّ الدول الأقل حظاً «... تحتاج أيضاً إلى الاستثمار، ويمكن للطاقة المتجددة أن تقلل من المركزية والاحتكار والتسليح المرتبط بالوقود الأحفوري... يمكن توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بطرق لا مركزية وصغيرة الحجم، ورخيصة نسبياً...».

أين نحن اليوم مع العاصفة الغبارية التي أثارتها لقاءات وزير المالية عن تنويع مصادر الدخل وخفض الدعوم لغير المستحقين، ثم ميناء الشمال وتطوير جزيرة فيلكا؟ وسلامتكم وتعيشون...

هذا كان «حده» وأقصى تجليات الفكر الاقتصادي للدولة!

هل تملك هذه الحكومة تصورات فكرية للقادم حول قرب نهاية سيادة النفط، والتحول التدريجي لمصادر طاقة أخرى أقل ضرراً للبيئة؟

لا نجد أمراً جاداً من الحكومة غير الكلام القديم بالترويج الإعلامي عن السكة الحديد وهاواي فيلكا والخصخصة العمياء كحلول سحرية، وتم نسيان أن دولاً مثل كوريا الجنوبية وبقية دول جنوب شرق آسيا لم تنطلق لعالم الثراء الاقتصادي إلّا عبر ضبط المرفق العام الذي قامت على أكتافه الشركات الحكومية المشتركة مع الخاصة، وفتحت الأبواب فيما بعد للاستثمارات الأجنبية فيها... هنا الجماعة «شطار» في التصريحات والوعود، وفي النهاية «تيتي تيتي واقبض من دبش»... ومع ذلك سننتظر.