وسط مخاوف من توسّع رقعة المواجهة الدائرة على جبهات عدة بالمنطقة بسبب العدوان على غزة، عقد الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان أمس الأول، لقاءً خاصاً ومنفرداً غير مجدول مع قائد «فيلق القدس» إسماعيل قآني، على هامش حضورهما مراسم عاشوراء، اطّلع فيه على الاستعدادات للحرب الشاملة المحتملة بالمنطقة، خصوصاً بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني.

وأكد مصدر مقرب من «فيلق القدس»، لـ«الجريدة»، أن قآني شرح لبزشكيان آخر التطورات الإقليمية، وأبلغه أن جميع الرسائل التي تصل إلى «حزب الله» بقيادة حسن نصرالله و«الحرس الثوري» من الأميركيين والأوروبيين تشدد على أنهم يسعون إلى نزع فتيل الأزمة، وأنه يعتقد أن الظروف الحالية لا تسمح لإسرائيل بشن حرب على بيروت، لكن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو «فقدَ عقله، ويمكنه أن يفعل أي شيء، وهو ما يحتم على الحزب أن يكون على جاهزية تامة لأسوأ الاحتمالات».

Ad

ورداً على سؤال من بزشكيان حول القدرات اللبنانية الحالية، أوضح قآني أن «حزب الله وجبهة المقاومة» بأفضل حال، في حين أن «إسرائيل في أسوأ أحوالها»، معرباً عن اعتقاده أنه بإمكان الجبهة التي تضم عدة فصائل من العراق واليمن وسورية، إلى جانب لبنان وفلسطين، توجيه ضربة موجعة جداً لتل أبيب، لكن «بسبب الظروف الداخلية المحيطة بتلك المجموعات فإنهم لا يستطيعون المبادرة وينتظرون تغيّر المعادلة» في حال بدأت إسرائيل الحرب الشاملة.

وأشار قآني إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد لديه مقاربة مختلفة بشأن «حزب الله»، الذي سانده في الحرب الأهلية ضد المعارضة المسلحة، و«حماس» التي أيّدت مناوئيه، ناقلاً عن الأسد تأكيده للإيرانيين أنه سيقف إلى جانب حليفه حسن نصرالله، بكل ما لديه من قوة إذا حاولت إسرائيل اجتياح لبنان.

وادّعى المسؤول العسكري الإيراني أن الروس أبدوا استعدادهم لتقديم كل العون الممكن لـ«جبهة المقاومة» إذا انزلقت الأمور إلى مواجهة مع الأميركيين، الذين يشددون على التزامهم بالدفاع عن الدولة اليهودية.

وفي تطوّر غير عادي بعد تهديدات موسكو لواشنطن وحلفائها الغربيين بتسليح طرف ثالث بأقوى الأسلحة لضرب مصالحهم، أطلع قآني بزشكيان على معلومات تلقاها «الحرس الثوري» من الروس، خلال اجتماعات سابقة، أنهم يقدمون حالياً «دعماً مقبولاً» للحوثيين، لمهاجمة السفن الأميركية والبريطانية قبالة سواحل اليمن، بواسطة صواريخ أرض ــ بحر، يمكنها إغراق حاملات الطائرات الأميركية.

وبحسب المصدر، فإن الإيرانيين أقنعوا الحوثيين بألا يستخدموا الأسلحة الروسية حالياً ضد حاملات الطائرات الأميركية، لتفادي تصعيد «لا يُحمد عقباه».

وذكر أن بزشكيان استفسر عن سبب تمكن إسرائيل من استهداف العديد من قادة الحزب، فأوضح قآني أن القضية مرتبطة بوجود جواسيس كثر واختراقات أمنية داخل لبنان، إضافة إلى عدم التزام مَن تم استهدافهم بالتحذيرات التي تطالبهم بتجنب وسائل التواصل الاجتماعي، وأجهزة الاتصال الذكية، التي يسهل اختراقها ببرامج التجسس الإسرائيلية المتطورة.

وأشار إلى أنه في ختام اللقاء الذي استمر مدة ساعة، شدد بزشكيان المحسوب على التيار الإصلاحي المعتدل على أنه سيعمل كل ما في وسعه لزيادة دعم الحكومة الإيرانية لجبهة المقاومة خصوصاً «حزب الله».

وكان لافتاً أنه في ختام مراسم العزاء الحسيني، الذي ينظمه أنصار التيار المتشدد، أهدى سعيد حداديان، الأصولي المقرب من المرشد علي خامنئي، إلى بزشكيان «علم المعزين»، في خطوةٍ ترمز إلى أنه سيرفع رايتهم وهم سيسيرون خلفه.

جاء ذلك في وقتٍ صرح القائم بأعمال الخارجية الإيراني علي باقري كني، بأن الجمهورية الإسلامية «لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التهديدات الإسرائيلية».

وقال كني لمجلة «نيوزويك»، إن إسرائيل بصدد خسارة حربها مع حلفاء طهران، وإذا حاولت توسيع الحرب إلى مناطق أخرى أو لبنان فستعاني مزيداً من الضرر.

ووصف واشنطن بأنها ليست وسيطاً نزيهاً في الصراع الدائر، لافتاً إلى أنها «تمد إسرائيل بأسلحة فتاكة تقتل أهل غزة، وإذا كانت صادقة بشأن الوساطة فعليها وقف تسليم الأسلحة».

تجدر الإشارة إلى أن الحديث الإيراني عن تمرير الصواريخ البحرية الروسية إلى اليمن يعد تطوراً لافتاً بعد نحو شهر ونصف من تهديد موسكو للغرب بتسليح طرف ثالث بأقوى الأسلحة لضرب مصالحهم «إذا سمحوا لأوكرانيا بتوجيه ضربات لعمق روسيا».

وعلى وقع هذه التطورات، أعلنت حركة «الأوفياء العراقية» المرتبطة بطهران استئناف الفصائل العراقية استهداف القوات الأميركية في العراق وسورية، وذلك غداة هجوم بطائرتين مسيرتين استهدفتا قاعدة عين الأسد بمحافظة الأنبار.