عشية إصدار محكمة العدل الدولية رأياً استشارياً طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن تداعيات الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وممارسات الضمّ في الضفة الغربية والقدس الشرقية وعدم قانونية فصله العنصري، صوّت «الكنيست» بأغلبية 68 نائباً من أصل 120، تشمل نواباً من المعارضة، لمصلحة مشروع قرار يعارض إقامة دولة فلسطينية غرب نهر الأردن.

وأكد «الكنيست» في جلسة، ليل الأربعاء ـ الخميس، ضرورة الاستعداد لـ «تحديات دبلوماسية محتملة»، في إشارة إلى خطوات الاعتراف الدولي الأحادي الجانب بالدولة الفلسطينية.

Ad

وفي حين حظيت الخطوة بتأييد نواب حزب رئيس الأركان السابق بيني غانتس، إضافة للأحزاب المنضوية في الائتلاف اليميني الحاكم بزعامة بنيامين نتنياهو، غادر النواب من حزب «هناك مستقبل» بقيادة زعيم المعارضة يائير لابيد الجلسة، لتجنّب دعم القرار الذي عارضه 9 نواب فقط أغلبهم عرب.

واعتبر وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، أن القرار «رسالة قوية» للعالم بـ «حقنا في أرض إسرائيل ورفض إقامة دولة من شأنها تعريض أمننا للخطر وتكون مكافأة لإيران وحماس». وشدد على أن «الجيش الإسرائيلي القوي وحده هو الذي سيحمي أمن اليهود والدولة الإسرائيلية».

على الجهة المقابلة، صرح الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، بأن قرار «الكنيست» يؤكد إصرار إسرائيل والائتلاف الحاكم فيها على دفع المنطقة بأسرها إلى الهاوية، محملاً الولايات المتحدة المسؤولية، جراء انحيازها ودعمها غير المحدود، ومعتبراً أن حكومة الاحتلال غير معنيّة بالسلام، الذي لن يتحقق دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967. كما رأت «حماس» أن «القرار الوقح رسالة تحدّ للمجتمع الدولي، واستخفاف بقرارات الجمعية العامة، وهو ما يستدعي تحركاً دولياً جاداً».

استئناف وتشدد

في غضون ذلك، وصل وفد إسرائيلي إلى مصر للمضي قُدماً في محادثات وقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين مع «حماس»، عقب التوتر الذي عطّل المفاوضات غير المباشرة عندما أعلنت إسرائيل أنها استهدفت قائد «كتائب القسام»، محمد الضيف، بمجزرة المواصي.

وفي وقت كشفت تقارير عبرية عن أن الخلاف الحالي بين طرفَي الحرب المتواصلة منذ 10 أشهر سببه إصرار نتنياهو على آلية مراقبة لحركة سكان غزة من جنوب القطاع إلى شماله، أوضحت مصادر أن الوسطاء ينتظرون رد إسرائيل فيما يتعلق بنقطتين، الأولى عودة عناصر «حماس» إلى شمال غزة، والثانية انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا ومعبر رفح على الحدود مع مصر.

وتزامن ذلك مع إطلاق رئيس الوزراء الإسرائيلي تصريحات جديدة، يرى محللون أنها تتعارض مع الجهود التي تبذلها قطر ومصر والولايات المتحدة من أجل تسهيل إبرام الصفقة التي تتضمن هدنة بغزة وتبادل للمحتجزين، إذ أكد أن حرب غزة ستستمر حتى «تحقيق النصر وأهداف الحرب كاملة، ولو طال الزمن».

كما نقل عن مكتب نتنياهو أنه رفض مقترحاً تقدّم به وزير الدفاع يوآف غالانت، يقضي بإقامة مستشفى ميداني داخل حدود إسرائيل لعلاج أطفال غزة الذين يعانون أمراضاً مزمنة، ضمن الصفقة المحتملة لتبادل الرهائن، داعياً إلى «البحث عن بلدان أخرى تقبل باستقبال أولئك الأطفال».

ولاحقاً، أجرى نتنياهو جولة ميدانية لتفقد قوات الجيش الإسرائيلي في رفح، التي سبق أن وصفها بآخر معاقل «كتائب حماس» المقاتلة.

استسلام واستفزاز

في موازاة ذلك، طالب وزير المالية الاسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريش، بإبرام صفقة «يستسلم فيها قائد حماس بغزة يحيى السنوار وليس نحن»، معتبراً أن «الطريقة لإعادة الأسرى هي زيادة الضغط العسكري»، ومحذراً من أنه «إذا لم نبق في فيلادلفيا، فالنتيجة ستكون عودة تعاظم حماس»، في إشارة إلى الاتهامات بأن الحركة تعتمد على تهريب الأسلحة من سيناء المصرية إلى داخل القطاع الفلسطيني.

بموازاة ذلك، اقتحم وزير الأمن القومي المتشدد، إيتمار بن غفير، حرم المسجد الأقصى ونشر فيديو وخلفه مسجد قبة الصخرة، قائلاً إنه «جاء إلى أهم مكان للشعب اليهودي للصلاة من أجل عودة المختطفين الإسرائيليين إلى بيوتهم، لكن ليس عن طريق صفقة غير مسؤولة واستسلام».

وشدد بن غفير على «ضرورة مواصلة حكومة نتنياهو الضغط العسكري على حماس وعدم التراجع حتى النصر».

وتسببت خطوة بن غفير في موجهة تنديد فلسطينية وعربية وإسلامية، إذ رفضت وزارة الخارجية الأردنية، استفزازات الوزير بالمسجد الأقصى الذي يتبع لإشراف الأوقاف الإسلامية الهاشمية، كما نددت بتصويت «الكنيست»، الذي يشكّل انتهاكاً جديداً وخطيراً للقانون الدولي، وإمعاناً في تحدي المجتمع الدولي.

حلول وسط

وفي السياق، أفادت مصادر دبلوماسية غربية وفلسطينية، بأن الإدارة الأميركية جمعت ممثلين عن السلطة الفلسطينية مع مسؤولين إسرائيليين في تل أبيب، بحثاً عن «حلول وسط» في المسائل التي تعوق التوصل إلى الصفقة، لا سيما ما يتعلق بمعبر رفح ومحورَي فيلادلفيا والمحور الفاصل بين شمال وادي غزة وجنوبه (نتسريم).

ومن بين هذه الحلول، وفق المصادر، أن تتولى السلطة الفلسطينية إدارة معبر رفح، على أن يتولى الجانبان الأميركي والمصري الإشراف على محور فيلادلفيا، بديلاً عن الوجود العسكري الإسرائيلي، والقيام بفحص جوّي للنازحين العائدين إلى الشمال، بدلاً من الفحص والتدقيق الشخصي.

وأشارت المصادر إلى أن الجانب الأميركي اقترح تولي السلطة الفلسطينية إدارة المعبر، لكن الجانب الإسرائيلي طلب أن يتم ذلك بشكل غير رسمي، الأمر الذي رفضته السلطة التي يقودها الرئيس محمود عباس وتتمركز بمدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة.

جاء ذلك في وقت واصل جيش الاحتلال قصف عموم مناطق القطاع، وسط اشتباكات ضارية مع عناصر حركتي حماس والجهاد، مما أودى بحياة 20 فلسطينياً.