اقتصاد السوق هو نظام اقتصادي يتمتع به الأفراد والشركات بحرية المبادرة وحرية تبادل السلع والخدمات، ويتم تخصيص الموارد في ظل هذا النظام عبر مؤسسة السوق وآلية الأسعار التي تعتمد على معادلة العرض (الإنتاج) والطلب (الاستهلاك)، دون الحاجة إلى تدخل الدولة لكي تنظم عملية تنسيق الإنتاج كما في الاقتصاد المخطط أو الاشتراكي، والذي تقوم فيه الدولة بتخصيص الموارد وتحديد السلع والخدمات التي سيتم إنتاجها بكميات وأسعار محددة.
أما الاقتصاد المعتمد في معظم دول العالم فهو الاقتصاد المختلط الذي يجمع بين اقتصاد السوق والمخطط معاً، فنظام الاقتصاد المختلط تختلف فيه درجة تدخل الدولة من بلد إلى آخر سواءً في تحديد بعض الأسعار، أو دعم قطاعات ومنتجات، ولكن يفترض أن يكون تدخلاً مدروساً بسيناريوهات محددة يتم إعدادها واختبارها مسبقاً، فالولايات المتحدة الأميركية التي تتبنى نظام اقتصاد السوق لا تتردد في التدخل في الأزمات الكبرى، ولعل آخرها أزمة الرهن العقاري.
فاقتصاد السوق الذي يمثل فيه الربح المادي أكبر الحوافز، ويسعى فيه جميع الأفراد نحو التنافس لتحقيق مصالحهم الشخصية لا يضمن استمرارية الكفاءة والنتائج الجيدة إلا من خلال تدخل الدولة لتحقيق الاستقرار والتوازن من أجل المصلحة العامة.
أما الصين (ثاني اقتصاد في العالم) فاقتصادها المختلط يجمع بين الشركات الحكومية المنتجة إلى جانب الأفراد والمستثمرين الأجانب الذين يملكون شركاتهم الخاصة في تفاعل متوازن ومنتظم بين القطاع العام والخاص، وتتدخل الدولة في الاقتصادات المختلطة من خلال إنجاز المشاريع الكبرى المرتبطة بالبنية التحتية والصناعات الثقيلة والأبحاث العلمية بالشراكة مع القطاع الخاص، والتي تشمل آثارها الإيجابية قطاعاتها الاقتصادية كافة. لذا نجد أن الاقتصاد المختلط يعزز الشراكة بين مختلف قطاعات الدولة، ولكن بشرط أن يكون تدخل الحكومات مبنياً على مؤشرات قياسية، وسيناريوهات منمذجة ومعدة مسبقاً، وسياسات موجهة، وخطط داعمة لقطاعات إنتاجية محددة، وبإدارة ومتابعة فريق عمل متخصص، وهذا ما نحتاجه في الكويت لتفعيل اقتصادنا المختلط عن طريق تأهيل قطاعاته وتمكين كفاءاته، وتنويع مصادره واستدامة موارده.