كعادتي السنوية، سافرت مع أم العيال إلى عدة مدن ومصايف جبلية في بعض دول أوروبا، وهي آية من آيات الله في روعة مناخها وجمال جبالها وبساطة مبانيها وتناسق حدائقها، وتشهد شوارعها وأسواقها نهاراً زحاماً بالسائحين ومعظمهم من البلاد الأوروبية، إلا أن هذه الشوارع تتحول ليلاً إلى طرق خالية ومظلمة، والجبال إلى كتل سوداء مخيفة، بسبب إطفاء معظم الأنوار العامة أو تقليلها، لتوفير الكهرباء الباهظة الأسعار.

كما لاحظت فيها أن معظم السيارات آخذة في الصغر بالحجم من أجل توفير الوقود الغالي، فلا تكاد تشاهد السيارات الكبيرة الفارهة إلا نادراً، فقد حلّت محلها السيارات الصغيرة والكورية والصينية والأرخص ثمناً، كما رأيت كيف ازداد عدد السيارات الكهربائية بشكل كبير للتوفير أيضاً، فقلت في نفسي «مساكين شعوب هذه الدول وهي أغنى وأقوى دول العالم، لماذا لا تعطيهم حكوماتهم الكهرباء والبنزين بسعر رمزي أو مدعوم؟، يمكن حكوماتهم نحيسة أو (حزرة)، أو ما عندهم مجلس أمة شعبوي!».

Ad

ويلاحظ السائح في جميع هذه المدن أن الكل يعمل، أو بالأصح يركض في الفنادق والمطاعم والحدائق والبحيرات، خصوصاً الشباب والشابات في عمر الورد، للحصول على لقمة العيش أو دفع تكاليف الدراسة والضريبة، ولا أحد منهم يجرؤ على الطلب من حكوماتهم الغنية (الحزرة) الإعانات والأعطيات من دون عمل منتج، أو يتكبر على العمل الذي يُسند إليه، كما أن المهاجرين يعملون في أبسط المهن، طمعاً في الجنسية، رغم مضايقات الأحزاب اليمينية، التي وصلت عنصريتها إلى معظم الدول الأوروبية، وهناك من يسعى لوصولها إلى بلادنا.

وفي هذه المنتجعات السياحية، شاهدنا الأعداد الهائلة من الأطفال من عمر السنة الواحدة إلى العاشرة يلعبون ويضحكون في مختلف المرافق السياحية، وآباؤهم وأمهاتهم يلاحقونهم من مكان إلى آخر في بهجة وسعادة ويلتقطون الصور التذكارية.

هذه المشاهدة ذكّرتني بأبنائي عندما كنت أصحبهم في سفرتنا السنوية للحدائق والمدن الترفيهية خارج البلاد، حيث كانوا يركضون ويلعبون، ثم ينامون في السيارة بطريق العودة مساءً إلى الفندق، فأحملهم واحداً تلو الآخر إلى فُرُشهم، وبحمد الله هم الآن كبروا واستقل كل منهم بحياته وأبنائه، فيا شباب الكويت اغتنموا الفرصة وامرحوا مع أبنائكم واصنعوا الذكريات الجميلة، فإنها سنوات لن تُعوّض.