الحوثيون يقصفون «إيلات» وسفينة أميركية... والمنطقة تشتعل
نقل المواجهة لليمن يفرض قواعد جديدة... و«وحدة الساحات» تُبقي لبنان داخل المعادلة
• «النجباء العراقية» تتوعد بتوسيع العمليات على كل الجبهات دعماً لغزة
• السعودية لم تسمح باختراق أجوائها... ومصر تحذر من انزلاق المنطقة للفوضى
بلغت تداعيات العدوان على غزة أخطر مراحلها مع انتقال مسار المعارك والمواجهات المفتوحة في المنطقة بين إسرائيل وجبهة المقاومة بقيادة إيران من مرحلة إلى أخرى، ما ينذر ببداية الحرب الإقليمية التي ستكون ذات تداعيات كارثية على الجميع.
وغداة الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على ميناء الحديدة اليمني الاستراتيجي، يُطرَح تساؤل ما إذا كان اليمن سيحلّ بدلاً من لبنان، والحوثيون سيلعبون دور «حزب الله»؟... منذ الأيام الأولى للحرب على غزة ودخول الحوثيين على خطّ جبهة الإسناد، كان هناك ضغط أميركي على إسرائيل لعدم التركيز على اليمن وعدم الردّ على الضربات الحوثية، بل تكفّل بها الأميركيون والبريطانيون، ولكن بعد عملية استهداف تل أبيب ومقتل إسرائيلي بمسيّرة أطلقها الحوثيون، أصبحت إسرائيل ملزمة بالردّ.
وتجاوزت إسرائيل كل الضغوط الأميركية، ونفذت عمليتها في الحديدة، في حين أعلن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو أنه لا مكان لا يمكن الوصول إليه، بينما قال وزير دفاعه يوآف غالانت، إن نيران الحديدة يمكنها أن تشتعل في كل الشرق الأوسط. وبالتالي وجّه الإسرائيليون رسائل واضحة إلى إيران و«حزب الله» باستعدادهم لتوسيع نطاق الحرب أو القتال على أكثر من جبهة.
في السياق، تتضارب القراءات حول كل التطورات، إذ بعد استهداف الحوثيين لتل أبيب، كانت هناك تقديرات تشير إلى أنه في حال تكررت مثل هذه العمليات، فإن إسرائيل ستتجه إلى الضغط العسكري بشكل أكبر على «حزب الله» وتوسيع المعركة ضده، عبر رفع معادلة تل أبيب مقابل بيروت. ولكن بعدما ردّت إسرائيل باستهداف الحديدة، بدأت تتشكل قراءة مختلفة، بأن يكون اليمن مكان لبنان، أي تنتقل الحرب والمواجهات إلى اليمن بدلاً من أن تتعزز في لبنان، علماً بأنها في اليمن سيكون لها أبعاد خطيرة ومتعددة، نظراً لموقعه الاستراتيجي ما سيؤثر على البحر الأحمر، ومضيق باب المندب أي التأثير على ممرات 45 في المئة من نفط العالم، بالإضافة إلى اهتزاز الاستقرار في كل تلك المنطقة ما سيؤثر على السعودية، التي دعت أمس إلى ضبط النفس، وأعلنت أنها لن تقبل بجعل أجوائها مستباحة من أي طرف، وبالتالي فهي لا تريد لسمائها أن تتحول إلى ساحة تراشق صاروخي.
المخرج الوحيد لتجنب هذا التصعيد هو وقف إطلاق النار الفوري في غزة، وفي حال لم يتم وقفه بشكل فوري ونهائي، فإن الحرب ستكون حتمية، ولا يخفى أن هناك صعوبات تواجهها أميركا في فرض وقف إطلاق النار على إسرائيل، ما يترك الأمور مرشحة للتصعيد.
بينما تكشف مصادر دبلوماسية غربية عن بروز مساعٍ أميركية لتكريس قواعد اشتباك حول الوضع في اليمن ومنع التصعيد، تؤكد المعلومات أن قنوات التواصل الإيرانية ــ الأميركية قد تفعّلت بعد استهداف الحديدة بشكل متسارع وعبر قنوات متعددة، وبينها قنوات مباشرة بهدف تخفيف حدة التوتر.
وفي حال تكرست قواعد الاشتباك على قاعدة ردّ مقابل الردّ، تبقى الأمور على حالها في لبنان، أما في حال توسعت المواجهات أو نفذ الإسرائيليون ضربة في العمق كبيروت أو الضاحية فإن ذلك سيفرض قواعد جديدة، أو يقود إلى الحرب الشاملة، أما في حال انتقلت الجبهة من غزة إلى اليمن، فإن لبنان سيبقى منخرطاً في معادلة وحدة الساحات وجبهات الإسناد، ولكن المصادر تفضل انتظار ما سيظهر خلال الأيام القليلة المقبلة لاتخاذ الموقف.
وعلى الأرض، قصفت جماعة الحوثي أمس «أهدافاً مهمة» في مدينة إيلات، واستهدفت سفينة أميركية في البحر الأحمر بعدد من الصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة، مؤكدة «أن الرد على العدوان الإسرائيلي قادم لا محالة وسيكون كبيراً وعظيماً»، وكذلك احتفظت بحقها الكامل في الدفاع عن اليمن ضد العدوان الأميركي والبريطاني.
ومع ارتفاع ضحايا الهجوم على الحديدة إلى 6 قتلى و80 مصاباً، أفادت وسائل عبرية، بأن الاحتلال يستعد لموجة غارات جديدة على اليمن، في حين استهدف الطيران الأميركي والبريطاني منطقة بحيص في مديرية ميدي بحجة بغارتين بحسب الإعلام اليمني.
وفي أول رد، قصف الحوثيون وكذلك فصائل المقاومة الإسلامية العراقية مدينة إيلات المطلة على خليج العقبة وسفينة أميركية في البحر الأحمر، مؤكدين امتلاك القدرة والإمكانات على خوض حرب طويلة ومفتوحة وبلا حدود أو قواعد اشتباك مع إسرائيل.
وفي لبنان، أعلن «حزب الله» قصف منطقة دفنا في شمال إسرائيل «بصواريخ كاتيوشا» رداً على قصفها «المدنيين»، في بلدة عدلون.
وأكد الجيش الإسرائيلي أنه استهدف ليل السبت ــ الأحد مستودع ذخائر للحزب جنوب لبنان، في حين ارتكب 4 مجازر جديدة في غزة، ليرفع ضحايا عدوانه المستمر منذ 7 أكتوبر إلى 38 ألفاً و983 قتيلاً و89 ألفاً و727 مصاباً.
وفي العراق، أعلنت فصائل «المقاومة الإسلامية» أنها هاجمت هدفاً حيوياً في إيلات بواسطة الطيران المسيّر، مؤكّدةً «استمرار العمليات في دكّ معاقل الأعداء بوتيرة متصاعدة».
وتوعد الأمين العام لحركة النجباء أكرم الكعبي، بتوسيع وتيرة العمليات من اليمن ولبنان والعراق لدعم فصائل المقاومة الفلسطينية، معتبراً أن «استهداف الصهاينة البنى التحتية في اليمن صفحة جديدة من الإجرام والانكسار».
وفي تفاصيل الخبر:
وسط تحذيرات من اتخاذ الصراع الذي تشهده المنطقة منعطفاً خطيراً بموازاة استمرار العدوان المستمر على غزة منذ 289 يوماً، قصف الحوثيون مدينة إيلات الإسرائيلية المطلة على خليج العقبة، وسفينة أميركية في البحر الأحمر، في أول رد على الهجوم الصهيوني الكبير وغير المسبوق الذي تم بمشاركة مقاتلات F35 وطائرات تزود بالوقود، واستهدف مخازن نفط، ومحطة كهرباء على ميناء الحديدة اليمني الاستراتيجي أمس الأول.
وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، أمس، إن قوات الجماعة نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت منطقة حيوية في أم الرشراش (إيلات)، مشيراً إلى استخدام صواريخ بالستية.
وأضاف أن الرد على العدوان الإسرائيلي على الحديدة سيكون عظيماً، مؤكداً أن العمليات العسكرية للحوثيين لن تتوقف إلا بتوقف العدوان على الشعب الفلسطيني بغزة.
وبينما أعلن أن السفينة الأميركية «بومبا» استهدفت في البحر الأحمر بصواريخ بالستية ومسيّرات وأصابتها مباشرة، أكد المتحدث باسم الجماعة محمد عبدالسلام أن الشعب اليمني لديه القدرة والإمكانات على خوض حرب طويلة «ستكون مفتوحة وبلا حدود أو قواعد اشتباك».
الاحتلال يسمح باستخدام المقاتلات في الضفة الغربية
وفيما ارتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 6 قتلى و80 مصاباً، شدد زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي على أن حركته دخلت «المرحلة الخامسة» لإسناد غزة بقصف تل أبيب عبر «مسيّرة يافا» التي استخدمت لأول مرة، وتمكنت من تجاوز دفاعات العدو، مؤكداً أن ضربة الحديدة محاولة إسرائيلية لرفع المعنويات، ولن تمنع الشعب اليمني، الذي تمرس على الحرب والمعاناة، من مواصلة التصعيد، نصرة للقضية الفلسطينية، بعد أن تحولت المواجهة إلى حرب مباشرة معه.
«تصدي» وقلق
على الجهة المقابلة، أعلن الجيش الإسرائيلي أن منظومة «حيتس 3» الدفاعية اعترضت صاروخ أرض ـ أرض أطلق من اليمن نحو إيلات، قائلاً إن الصاروخ لم يدخل أجواء المدينة التي أطلقت بها صفارات الإنذار لإدخال السكان إلى الملاجئ.
وفي حين شهدت بورصة تل أبيب تراجعات حادة وخسائر في ظل رفع حالة التأهب بالقطاع الاستراتيجي بسبب المخاوف من معركة طويلة مع الحوثيين، كشف الرئيس التنفيذي لميناء إيلات أن العمل توقف كلياً بالميناء، وأنه تم تسريح عدد كبير من عماله بسبب الخسائر الفادحة التي يتكبدها نتيجة استمرار الأزمة، وعجز السفن عن المرور في أي اتجاه إلى الميناء الواقع جنوب إسرائيل.
وليل السبت ـ الأحد، اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الحوثيين باستخدام ميناء الحديدة المدني في إدخال أسلحة إيرانية، فيما دعا رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان، إلى تدمير الميناء «بشكل كامل»، معتبراً أن الهجوم الاستثنائي على تل أبيب ألحق «أضراراً هائلة» باقتصاد بلده.
وعلى جبهة لبنان، أكد الجيش الإسرائيلي أنه استهدف منتصف ليل السبت ـ الاحد مستودعين للأسلحة والذخائر لـ«حزب الله» في منطقة عدلون بالعمق اللبناني بين مدينتي صيدا وصور.
وبعد يومين من توسيع رقعة استهداف المستوطنات الإسرائيلية، استهدف قصف مدفعي إسرائيلي أطراف بلدتي راشيا الفخار والعديسة جنوبي لبنان، وأفيد بمقتل 3 من عناصر «حزب الله» بمواجهات حدودية.
في المقابل، قصف الحزب مستوطنة «دفنا» بصواريخ «الكاتيوشا» كما استهدف موقع السماقة الإسرائيلي في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية، وقال إنه حقق إصابة مباشرة.
نتنياهو وبايدن
ومع تراجع فرص إبرام صفقة بين إسرائيل و»حماس» لإقرار هدنة وتبادل محتجزين، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن لقاء سيجمع نتنياهو بالرئيس الأميركي، جو بايدن، في واشنطن غداً الثلاثاء، على هامش زيارة الأول لواشنطن لإلقاء كلمة أمام «الكونغرس».
وفيما أكد وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستين، خلال اتصال مع نظيره الإسرائيلي يوآفي غالانت بالتزام بلده بأمن إسرائيل و «حقها في الدفاع عن النفس»، توقعت أوساط عبرية أن تثير زيارة نتنياهو ردود فعل غير مسبوقة من ائتلاف متنوع من المتظاهرين اليهود في ظل الخلافات الحادة التي تثيرها سياساته تجاه القطاع الفلسطيني المنكوب. في هذه الأثناء، أعربت عدة جهات إقليمية ودولية بينها الأمم المتحدة عن قلقها إزاء التطورات المتسارعة.
وذكرت وزارة الخارجية السعودية، أنها تتابع بقلق بالغ تطورات التصعيد بعد الهجمات الإسرائيلية التي شهدتها الحديدة والتي تضاعف من حدة التوتر بالمنطقة، وتضر بالجهود المستمرة لإنهاء حرب غزة. ودعت كل الأطراف للنأي بالمنطقة عن مخاطر الحروب. وأكدت استمرار جهود المملكة لإنهاء حرب غزة، ودعمها المستمر لـ«جهود السلام في اليمن وتحقيق الأمن والسلم في المنطقة».
كما أفاد المتحدث باسم وزارة الدفاع، العميد تركي المالكي، بأن الرياض ليس لها أي علاقة أو مشاركة باستهداف الحديدة، مشدداً على أن «المملكة لن تسمح باختراق أجوائها من أي جهة كانت».
وفي القاهرة، حذرت «الخارجية» المصرية من انزلاق المنطقة لفوضى إقليمية وعدم استقرار، في ظل توسع رقعة الصراع على إثر تطورات أزمة غزة.
وأعربت عن قلقها البالغ جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية على الأراضي اليمنية.
وفي تطور ينذر بمزيد من التصعيد في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أمر وزير الدفاع الإسرائيلي برفع القيود على استخدام الطائرات الحربية للقضاء على الكتائب المسلحة في الضفة الغربية.