كل دول العالم تسن قوانين من أجل مصلحة الأغلبية، لا الأقلية، هذه القوانين تُوضع من أجل حفظ وحماية حقوق الجميع من دون استثناء، لكن إذا ما تبيَّن أن مَضرَّة أحدها تفوق فائدته، فإنه يُراجع ويُعدَّل، أو يُلغى، ويُسنّ أصلح منه. كل القوانين وضعية، وهي بالتأكيد لن تخلو من العيوب والمثالب والنواقص التي لا تستقيم والمصلحة العامة، ولا بد أن يأتيها وقت تُراجَع فيه وتُنقَّح، بعد أن تتغيَّر الظروف التي سُنَّت فيها، والأسباب التي أُقرِّت من أجلها، وهذا أمرٌ مستحق ولا عيب فيه.

ففي الكويت، مثلاً، هناك قوانين تم تمريرها وإقرارها من مجالس الأمة تحتاج إلى جرد وتمحيص ومراجعة، لأن بعضها فُصِّل تفصيلاً وفق مقاسات ورغبات متنفذين و«حيتان»، أو من أجل مصالح ناخبين بعينهم، فتم إقرارها من «نوائب»، وكانت نتيجتها الإضرار باقتصادات البلد ومصالحه، وهدر أمواله، وهضم حقوق مواطنين آخرين، وظلمهم أمام مَنْ احتمى بتلك القوانين.

Ad

مثال على ذلك قانون الضبط والإحضار بحق المدينين. هذا القانون المفَصَّل هضم حقوق مواطنين دائنين امتنع المقترضون منهم عن تسديد ما استدانوه بحجج قد تكون واهية، فترى أصحابها يسرحون ويمرحون أمام دائنيهم مُحتمين بذلك القانون، الذي أتاح لهم التهرُّب والإفلات من الضبط والإحضار، تاركين دائنيهم يضربون كفاً بكف، حسرةً على مالهم الذي قد لا يحصِّله حتى ورثتهم.

***وهناك قانون العمل الحكومي، هذا القانون به شروط واجبة ومُستحقة، لكن يبدو أن هناك مَنْ طبَّقه على العمل في القطاع الخاص، فأضرَّ بالكثيرين من أرباب العمل الحُر، وهو اشتراط الحصول على الشهادة الجامعية لمهن ومناصب في قطاعهم. هذا الشرط تحديداً أثَّر سلباً على أصحاب العمل، فهو من جهة كبَّل أيديهم بما لا يحتاجون إليه، ومن جهة أخرى أفقدهم موظفيهم بعد أن مرَّت عليهم سنوات طويلة كسبوا خلالها الخبرات النادرة التي لا يُستغنى عنها.

فشرط الشهادة الجامعية في القطاع الخاص للمهن الإدارية واليدوية والفنية ليس في محله، وهي مهن مطلوبة وضرورية لأي بلد، مهن لا تستغني عنها كل دول العالم.

***وهناك قانون أو إجراء غريب ومُجحف في حق المتضررين من حوادث السيارات، الذي لا بد أن الكثيرين عانوه، وهو إجبار المتضرر، لا المخطئ، على دفع نسبة من مصاريف تصليح سيارته، بحجة مقابل «بدل استهلاك»، وهذا إجحاف حقيقي بحق شخص في طريقه إلى وجهته وهو في أمان الله، وإذ بشخص آخر يتسبَّب في ضرر لسيارته، فهو من ناحية أجبره على تأجير سيارة بديلة حتى يتم إصلاحها، ومن ناحية أخرى تسبَّب له في خسائر مادية ليس له يد فيها.

الحق والعدل والمنطق تفرض على المُخطئ أو شركة تأمينه، لا المتضرر، تحمُّل كل المصاريف، فنتمنى أن يصحح أصحاب الشأن ذلك الإجحاف غير المنطقي الواقع على المتضرر.